انحياز فرنسا إلى إسرائيل ينهي وساطتها! | أخبار اليوم

انحياز فرنسا إلى إسرائيل ينهي وساطتها!

| الثلاثاء 24 أكتوبر 2023

انحياز فرنسا إلى إسرائيل ينهي وساطتها!
 غياب اي وساطة خارجية محتملة في المدى المنظور او عدم الوثوق بها

"النهار"- روزانا بومنصف

تصعب الرؤية في ظل ضباب الحرب المسيطر على لبنان والمنطقة في ظل طغيان المشاعر في شكل خاص في هذه المرحلة ولا سيما بالنسبة الى افق ازمة سياسية متواصلة في لبنان كبرت المخاوف ان تتطور في زمن لا يملك البلد العدة لمواكبتها او للنجاة منها ان على المستوى الداخلي او الخارجي بمعزل عن جهوزية "حزب الله" او مصلحته او اهدافه . الا انه مع الزيارة التي سيقوم بها اليوم الى اسرائيل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بعدما سبقته غالبية القادة الاوروبيين اليها معلنين دعمهم المطلق لها بعد العملية العسكرية التي قامت بها حركة " حماس"، يعتقد كثر ان فرنسا قد تكون فقدت ورقة ادارتها وساطة في لبنان لانجاز الانتخابات الرئاسية ولم يعد لديها في يدها ما يتيح لها المفاصلة في المدى القريب على الاقل .

هذه الانتخابات ليست في الواجهة اطلاقا مع قرع طبول الحرب في المنطقة والجهود لمنع توسعها من غزة في اتجاه لبنان وابعد منه كذلك بالاضافة الى خلط الاوراق الذي تسببت به الحرب الاسرائيلية على غزة والذي يصعب من اعادة الامور الى الوراء كما كانت من قبل 7 تشرين الاول اقله في انتظار ما ستسفر عنه هذه الحرب من تداعيات. فراهنا لا شيء في الافق لان لا مجال لاي تقدم او انجاز في الداخل مع ان كثرا كانوا يأملون لو ان لبنان عمد الى المسارعة الى انتخاب رئيس للجمهورية في ظل تنازلات او تسويات ستكون مفهومة في زمن الحرب تماما على غرار مسارعة اسرائيل الى تحصين نفسها بحكومة وحدة وطنية استعدادا للحرب .

ومع مغادرة السفير القطري لبنان وانشغال قطر بمهمة التفاوض لوقف التصعيد في غزة واطلاق الرهائن ، فان فرنسا قد لا تكون في موقع يسمح لها بمتابعة وساطتها من حيث تركتها . اذ المرجح حتى الان بالنسبة الى مصادر سياسية هو ان الموقف الذي اتخذته فرنسا بالدعم المطلق لاسرائيل ول"حقها في الدفاع عن نفسها" ، لم يتم تلقفه من قوى سياسية على نحو ايجابي وقد يكون عائقا اساسيا دون مواصلة المساعي التي كانت تقوم بها .

الانطباعات في لبنان قبل عملية 7 تشرين الاول كانت ان المساعي الفرنسية وصلت الى طريق مسدود لا سيما بعد ما ساد من انطباعات عن فشل اجتماع نيويورك للخماسية المهتمة بلبنان والذي انعقد في في 19 ايلول الماضي على هامش اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة نتيجة عدم صدور بيان عنها والتي على اثرها نشطت مساعي قطرية في المقابل من اجل السعي الى تقريب وجهات النظر وايجاد مخرج للشغور الرئاسي. هذه الانطباعات دحضتها باريس بقوة على خلفية ان الاجتماع لم يفشل على عكس ما راج في بيروت وان الموفد الفرنسي جان ايف لودريان استطاع في زيارته الاخيرة تحقيق تقدم في اتجاه الخيار الثالث وانه كان سيعود الى بيروت لاستئناف جهوده لو لم تحصل العملية العسكرية التي نفذتها حركة " حماس" والتي فرضت تغييرا جذريا في جدول اعمال المنطقة ككل.

وهي دحضت كذلك فكرة ان باريس روجت او عملت من اجل وصول رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه بل عملت من اجل معادلة او صيغة اعتقدت انها توفق بين توزيع الرئاستين الاولى والثالثة بين فريق الثنائي الشيعي والافرقاء الاخرين . لكنها وجدت صعوبة في اقناع القوى اللبنانية لا سيما المسيحية بذلك فيما تقر ان التقدم الذي احرزه لو دريان بالذهاب الى الخيار الثالث كان حتى مغادرته لبنان يفتقر الى القبول من الثنائي الشيعي بهذا الخيار على نحو يثير تساؤلات لدى البعض ما اذا كان يمكن اعتبار ان الزيارة الاخيرة لودريان حققت تقدما فعليا . واصرت باريس في الوقت نفسه على ان الحركة القطرية لا تتناقض ولا تنافس الوساطة الفرنسية بل تتكاملان من ضمن فريق عمل الخماسية تماما كما الاوركسترا التي توزع ثقل العزف على الات متعددة في الوقت نفسه. هذا الكلام كان بعد ايام قليلة على عملية حركة حماس في اسرائيل وفي ظل التوقعات باحتمال اتساع الحرب والمخاوف الكبيرة من ذلك الى جانب اعلان الدول الغربية مواقفها المنحازة كليا الى اسرائيل قبل ان يتم الالتفات لاحقا الى مأساة الفلسطينيين في غزة وتقديم النصائح الى اسرائيل بمحاولة تجنب المدنيين .

وقد اتى التناقض الغربي الى حد كبير مع مواقف الدول العربية في قمة مصر للسلام التي دعا اليها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى درجة عجز المجتمعين عن اصدار بيان موقف موحد من الحرب الاسرائيلية على غزة ليزيد من الشكوك ازاء امكان ايجاد جامع مشترك حتى بين دول الخماسية على مواقف سابقة شبه محسومة ازاء لبنان من حيث المبدأ. ولكن مع الاخذ في الاعتبار في المرحلة المقبلة دخول عناصر جديدة على وقع حرب غزة وتداعياتها ليست واضحة كليا حتى الان .

وفي ظل غياب اي مرجعية داخلية لا سيما وقد برز ذلك على نحو فاضح في الاسبوعين الاخيرين في ظل المخاوف الكبيرة من توريط لبنان في حرب تساهم في تدميره لا بل في انهائه ، وغياب اي وساطة خارجية محتملة في المدى المنظور او عدم الوثوق بها ، ليس من الواضح كيف يمكن تحريك هذا الموضوع . اذ يخشى ان حتى الدعوة الى الحوار التي كان يستخدمها الثنائي الشيعي لاحراج خصومه السياسيين اصيبت بعطب جوهري لان لبنان واجه ولا يزال احتمالات حرب مدمرة ولا من لقاءات سياسية عقدت او تلاق لقوى سياسية او حوار ولو على نحو مباشر تمت الدعوة اليه من اجل التوافق على ما سيذهب اليه لبنان او القرار الذي يتعين عليه اتخاذه .

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار