انتخاب خيار ثالث تبرّره المخاطر الكبيرة | أخبار اليوم

انتخاب خيار ثالث تبرّره المخاطر الكبيرة

| الأربعاء 25 أكتوبر 2023

انتخاب خيار ثالث تبرّره المخاطر الكبيرة

البلد يشهد انعطافاً كبيراً جداً قد يعرّضه لمخاطر


 "النهار"- روزانا بومنصف

لا يمكن أن تواصل القوى السياسية عملها على جاري العادة كما كانت قبل 7 تشرين الأول وما حملته وستحمله تالياً من انعكاسات لا تبدو إيجابية بالنسبة إلى لبنان، ولا حتى بالنسبة إلى "حزب الله" الذي جاهد للرد على جملة أمور من بينها اضطرار عضو المجلس المركزي في الحزب الشيخ نبيل قاووق قبل أيام إلى الإعلان أن "كل طلقة وصاروخ وقذيفة تطلقها المقاومة في الجنوب، هي للدفاع عن لبنان أولاً، وكل من يدافع عن غزة في المنطقة إنما يدافع عن نفسه، لأن الكل في دائرة الاستهداف". وليس قليلاً أن يضطر الحزب للتأكيد أن مشاركته الجارية في الحرب إنما هي من أجل لبنان في الوقت الذي وإن رمى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الكرة في ملعب الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في القرار الذي سيتخذه، بحيث إن القرار سيكون لبنانياً وليس إيرانياً، فإن ذلك لم يغيّر في اقتناعات الداخل والخارج كما تدل كل الكتابات وهي كثيرة جداً، بأن الحزب قد يدخل الحرب التي لا يريدها وفاجأته بناءً على طلب من إيران أو إذا تعرّضت إيران للخطر. ولكن بناءً على ذلك تعالت مواقف القوى السياسية اللبنانية برفض أخذ لبنان إلى الحرب بعيداً من استفزازها الحزب بالمباشر وكذلك أمطر الحزب بمواقف ضاغطة جداً من الخارج على خلفية أنه المعنيّ بالتصعيد في الجنوب وتوسع الحرب الإسرائيلية على غزة إلى لبنان وأبعد من لبنان. وفي الوقت نفسه، حصلت اعتداءات في مناطق لبنانية باسم الاعتراض على قصف غزة ودعم الولايات المتحدة لها كان لها مفعول كارثي في إثارة ردود فعل غاضبة، لا بل منفّرة من إمكان استدراج لبنان إلى الحرب ودفع اللبنانيين الثمن. ولهذا قد يكون توزيع خبر تلقّي الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله اتصالاً من رئيس التيار العوني جبران باسيل من باب استيعاب ردود فعل وصلت أصداؤها إليه.

المخرج من الاستنقاع القاتل الذي سيتهدد البلد في ظل عدم رغبة أحد في الخارج وربما عدم القدرة أيضاً في ظل أولويات باتت أكثر إلحاحاً وخطورة بالنسبة إليه، بات هو الأشد إلحاحاً، وهو المخرج أيضاً من الاستنزاف الذي قد يستمر في الجنوب ربطاً بما يحصل في غزة والتطورات فيها تحتّم الذهاب إلى انتخاب رئيس للجمهورية. لا تنازلات عندئذ لكن رغبة في إنقاذ البلد الذي تبرّره الخطورة الكبيرة لأوضاع المنطقة . ولا يبدو في الأفق أي خيار متاح سوى قائد الجيش العماد جوزف عون باعتباره خياراً موضوعياً تعيد الظروف الراهنة دفعه إلى الواجهة بقوة والحاجة إلى الجيش متماسكاً لا سيما وفقاً لمتطلبات المرحلة التي قد تطول. هو أبرز الخيارات التي يتعيّن على الجميع مراجعة حساباتهم وقبولها لأنه قد يسهل دعم لبنان في المرحلة المقبلة إذ لن يستغرق وقتاً يحتاج إليه الخارج لاستكشاف هوية الرئيس وسياسته والبناء على هذا الأساس فيما بعض الدول سوّقت له على نحو مسبق وقد خبرته في موقع قيادة الجيش.

وتالياً فإن الذهاب إلى انتخابه بعيداً من المماحكات السابقة التي طبعت ما يقارب السنة التي تنتهي بعد أسبوع تقريباً، وربطاً بخطورة المرحلة، فإن هذا الانتخاب قد يشكل مخرجاً كذلك للقوى السياسية على وقع التطورات الراهنة لأن اهتمام الخارج قد يكون تراجع على خلفية البيع والشراء في هذا الموضوع. كما أن انتخاب رئيس للجمهورية سيخفف من استحقاقي بقاء حكومة تصريف الأعمال التي يستمر وزراء التيار العوني في مقاطعتها عاجزة عن الاضطلاع بما يتعيّن عليها القيام به واستدراج التعاطف الخارجي والدعم الدولي كما من استحقاق الشغور القريب لموقع قيادة الجيش فيما الضغوط الداخلية والخارجية قد تحتم التمديد لجوزف عون، ما يعني أن حظوظه للرئاسة ستبقى قائمة ولن تنتهي مطلع السنة كما جرت بعض الرهانات في تأخير أو تعطيل انتخابات الرئاسة.

قد تكسب القوى السياسية بعض الصدقية التي فقدتها على مدى الأعوام الأربعة الماضية بتوظيف الظروف الصعبة جداً الراهنة من أجل إثبات أنها أهل للمسؤولية التي شكك فيها الداخل والخارج بحيث تتفق على لملمة الوضع ومنع تدهوره بالذهاب إلى انتخاب رئيس للجمهورية حينما لم يعد الموضوع يحتل أي أهمية خارجياً ويئس كثر من لبنان. وقد يستعيد رئيس المجلس نبيه بري بعض الدور الذي فقده خلال المرحلة الماضية إذا استطاع أن يؤمن توافقاً على الخيار الثالث الذي يمثله جوزف عون كما قد يخفف الحزب من وطأة ما يمكن أن يتخذه من قرارات بالذهاب إلى الخيار الثالث الذي لم يعد هناك سواه بعيداً من المكابرة وما شابه لأنه فيما يتم التوجه إليه على قاعدة ألا يستدرج الحرب على لبنان وفقاً لآخر موقف للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي سبق أن أعطى الأولوية لخيار الحزب في الرئاسة الأولى، فإن الاستمرار في تعطيل الانتخابات من أجل خيار ثبت عدم قبوله ولا يستطيع أن يؤمن تالياً للبنان في زمن اضمحلال الازدهار النفطي الموعود سيتحمل الحزب مسؤوليته أكثر فأكثر. والواقعية نفسها يُفترض أن تسري على رئيس التيار العوني الذي كان رافضاً خيار قائد الجيش فيما يدرك أن البلد يشهد انعطافاً كبيراً جداً قد يعرّضه لمخاطر إن لم يتم استدراكه بالخيار الأكثر قبولاً من الآخرين لا منه وحده. والهروب راهناً من المشاركة في جلسات الحكومة في ظل ظروف خطيرة قد تطيح بلبنان بذريعة دستورية أو صلاحيات رئيس الجمهورية، ينبغي أن يكون على الأقل في اتجاه انتخاب حتمي وسريع لرئيس الجمهورية وليس بزيارات تعويضية قد يعتبرها البعض استعراضية كذلك.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار