تصعيد "حزب الله" في الجنوب لـ"تعزيز دفاعاته" ليس إلا | أخبار اليوم

تصعيد "حزب الله" في الجنوب لـ"تعزيز دفاعاته" ليس إلا

| السبت 04 نوفمبر 2023

تصعيد "حزب الله" في الجنوب لـ"تعزيز دفاعاته" ليس إلا

والدخول الفلسطيني على خط المواجهة "مرتّب ومضبوط"


 "النهار"- ابراهيم بيرم

بدا أمراً طبيعياً ان يخرج الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله من احتجابه ويقرر أن يطلّ أمس في اليوم السادس والعشرين لاطلاق حركة "حماس" عمليتها "طوفان الاقصى". كما كان أمراً بديهياً منتظراً ان تسبق تلك الاطلالة الهجمة العسكرية التي نفّذتها بعد ظهر أول من أمس المجموعات المقاتلة في الحزب على طول الحدود الجنوبية الممتدة من رأس الناقورة وصولاً الى أعالي مرتفعات شبعا في منطقة العرقوب، وهي الهجمة التي شهد الخبراء العسكريون انها تميزت بوقائع نوعية دخلت لتوّها على مسار المواجهات الدائرة والتي توشك ان تدخل شهرها الثاني، وأبرزها: إدخال الحزب المسيّرات الحاملة كمية من المتفجرات عنصراً تسليحياً جديداً للمرة الأولى الى ميدان المنازلة، حيث استهدفت مسيّرتان الموقع العسكري الاسرائيلي في مزارع شبعا (موقع زبدين) وفق اعتراف اسرائيلي لاحقا. وللمرة الاولى ايضا يستهدف هجوم الحزب في وقت واحد 19 موقعاً ونقطة عسكرية اسرائيلية منتشرة على طول الخط الحدودي الجنوبي.

وبمعنى أكثر وضوحاً، نفّذ الحزب من خلال هذه الوقائع تكتيكاً عسكرياً كمقدمة لأي هجوم بقصد إحداث خرق وليس التراشق. ومما زاد في هذا الاعتقاد ان الطاقة النارية المستخدمة من جانب مجموعات الحزب (صواريخ موجهة وقذائف مدفعية وقذائف صاروخية متطورة - كورنيت) تعزز فرضية الهجوم الناري الواسع الهادف الى إحداث خرق تمهيداً لعملية اقتحام تتعدى التراشق والمشاغلة والاستنزاف، وهي الاساليب التي قال الحزب انه يعتمدها اساساً منذ اول اشتباك نفّذه مع المواقع الاسرائيلية في مزارع شبعا صبيحة الثامن من تشرين الاول الماضي بعد أقل من 12 ساعة على انطلاق حركة "حماس" في هجومها من غزة في اتجاه غلافها الاسرائيلي الحصين.

وبعد وقت قصير انجلى المشهد الناري الحدودي عند المراقبين عن جملة حقائق ووقائع ميدانية - سياسية ابرزها:

- ان الامر لا يعدو كونه تمهيداً نارياً كان ضرورياً ليسبق الظهور المقرر للسيد نصرالله ولكلمته الفصل المنتظرة.

- انه رسالة بيّنة يبعث بها الحزب والمحور الذي ينضوي تحت لوائه الى كل من واشنطن وتل ابيب ومَن يعنيهم الامر، فحواها "أننا نستشعر بان ثمة جهداً تبذله اسرائيل لتجاوز الخطوط الحمر في غزة وقطاعها، أي انها تريد فعلا "سحق" حركة "حماس" وتدمير غزة وتهجير قاطنيها نحو صحراء سيناء المصرية. ولجبه التمادي في هذا النهج التدميري، صار لزاماً علينا إشعار الآخرين بأننا جاهزون للوفاء بما سبق وتعهدنا به وورد على لسان العديد من رموزنا القيادية في الحزب والمحور، وهو اننا لن نقبل بحدوث ذلك ولن نقف ساعتئذ مكتوفين".

واستطراداً، "نحن لم نكن نمزح ساعة تعهدنا بذا، وقد أتى الوقت الذي سنثبت فيه في الميدان والبرهان ذلك".

- في الرسالة إياها ايضا ثمة ما هو موجّه الى الجهات العربية وغير العربية التي قررت الدخول على خط الوساطة والتفاوض لإيجاد تسوية في غزة.

ومعلوم ايضا ان كل التطورات النوعية على الحدود الجنوبية قد ترافقت مع اطلاق جماعة "انصار الله" الذين هم من محور الممانعة صواريخهم البعيدة المدى ومسيّراتهم نحو الاراضي الفلسطينية المحتلة.

لكن اجتماع كل هذه العناصر والمستجدات في وقت واحد والتي كانت ذروة مسارات عسكرية يتوالى ظهورها منذ اربعة اسابيع، قد اوحى للمراقبين ان الحزب مازال مقيماً في موقع تعزيز دفاعاته وتقوية اوراقه العسكرية من جهة، وانه يطلق الصوت عاليا في وجه الاسرائيليين بقصد ردعهم عن أي تفكير بفعل هجومي تجاه لبنان وتحديداً تجاه الحزب.

واكثر من ذلك، يريد الحزب ان يبرهن ايضا للاسرائيليين والاميركيين على حد سواء انه ما انفك يقبض على زمام الامور والمبادرة والفعل على طول الحدود الجنوبية، وانه يتحكم بمسار الامور في هذه الجبهة خلافاً لكل ما يشاع. ودليله على ذلك انه كسر في وقت قصير قواعد الاشتباك في تلك البقعة، والتي بدت خلال الايام الـ 26 الماضية وكأنها ثابتة ورتيبة، وصعّد الموقف الميداني هناك على نحو غير مسبوق بدا فيه كأنه قد شرع في الهجوم وذلك انسجاما مع نظرية عسكرية تقليدية مفادها ان الهجوم في احيان كثيرة يكون شكلاً من أشكال الدفاع.

وتعزيزاً لمفاعيل هذا التوجه أدخل الحزب في هجومه المشهود ذاك العنصر الفلسطيني على نحو اوسع واكبر وقعاً ودلالة من ذي قبل. وتجسد ذلك في اعلان حركة "حماس" انها قصفت للمرة الاولى مستوطنة كريات شمونة في الجليل الاعلى البعيدة نسبياً عن الخط الحدودي بأكثر من اربعين صاروخاً، ما ألحق بهذه المستوطنة التي لها مع الفدائيين الفلسطينيين تاريخ طويل من المواجهات والصراعات قبل العام 1982.

وعلى رغم كل هذه التطورات الحافلة بالدلائل، فان ثمة مراقبين مازالوا يعتقدون ان الحزب واسرائيل ما زالا يلعبان في مساحة متفق عليها وضمن قواعد محددة ولا يرغبان الى الآن في تبديلها. ويتذكر حاملو هذه الرؤية ان اسرائيل تعمدت بعد ساعات قليلة من عملية أسر جنودها في العملية التي نفّذها مقاتلو الحزب في خراج عيتا الشعب في تموز عام 2006، تدمير كل الجسور ومؤسسات حيوية فضلاً عن المطار، وهي حتى الآن ورغم كل التوتير والاحتقان والتصعيد تحرص على ألّا تتعدى قذائفها نحو الاراضي اللبنانية الـ 5 كيلومترات عمقاً. ويبدو من خلال البرهان الميداني ان الحزب يمارس الامر نفسه فلا تتعدى قذائفه وصواريخه هذه المساحة في عمق الاراضي الفلسطينية المحتلة. وصار واضحاً ان الحزب يضبط ساعته العسكرية على هذا الواقع مراعاة لاعتبارات عدة، ابرزها ان ليس له مصلحة في تعميق جبهة المواجهة لانها والحال هذه ستحيل عشرات القرى والبلدات الحدودية اللبنانية التي يقطنها نحو نصف مليون مواطن الى بلدات غير صالحة للسكن.

وفي هذا السياق، يقول عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب محمد خواجة: "ان ما نفذته المقاومة في الجنوب من اجراءات وخطوات منذ السابع من الشهر الماضي إنما تندرج في اطار تحصين دفاعاتها". ويعتبر خواجة ردا على سؤال ان "السماح للعنصر الفلسطيني المسلح بالمشاركة في المواجهات على الحدود هو "مرتّب ومضبوط" ولا يوجد أي تفلّت لان القرار النهائي حوله هو عندنا في لبنان. اما التحذير من العودة الى مرحلة ما قبل العام 1982 (قبل الاجتياح الاسرائيلي الواسع في صيف ذلك العام ) فهو مجرد تخويف، اذ ان تلك المرحلة قد انقضت ولا يمكن ان تعود".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار