أين يقف "حزب الله" من زيارة هوكشتاين ومن الأفكار التي حملها؟ | أخبار اليوم

أين يقف "حزب الله" من زيارة هوكشتاين ومن الأفكار التي حملها؟

| الخميس 09 نوفمبر 2023

أين يقف "حزب الله" من زيارة هوكشتاين ومن الأفكار التي حملها؟

عرضه جزء لا يتجزأ من الجهد الأميركي الرامي الى إخراج الإسرائيلي من أزمته

"النهار"- ابراهيم بيرم

هل يمكن أن تكون زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين السريعة لبيروت حدثاً مفصلياً من شأنه أن يفتح صفحة جديدة في المشهد الجنوبي المشتعل ويبدّد ما تراكم خلال الشهر المنصرم من وقائع ميدانية خطيرة؟

حرارة السؤال تأتي من ثلاث وقائع مهمة:
الأولى الهالة الإعلامية التي أحيطت بها جولة الموفد الأميركي من جانب جهات إعلامية وسياسية وكل من منطلق رغباته وحساباته.

الثانية طبيعة العرض والاقتراح الذي حمله معه الموفد في هذه المرحلة.

الثالثة إذا ما قورنت جولة هوكشتاين مع ما سبقها من جولات أميركية ذات صلة.

ليست المرة الأولى التي تبدي فيها الإدارة الأميركية اهتماماً بالغاً بالأوضاع في الجنوب. فهي منذ الثامن من الشهر الماضي تعاطت مع هذا الوضع من زاوية أساسية وهي أنه يتعيّن على #لبنان أن يحيّد نفسه عن تطورات الحرب في غزة، وأن يمتنع استطراداً عن أي فعل يفضي الى توتير الوضع في الجنوب على نطاق واسع ويؤدي تالياً الى المضيّ بعيداً في دعم حركة "#حماس" ومساندتها عبر تأمين إسناد عربي عسكري مباشر للمعركة التي تخوض غمارها في غزة.

ومعلوم أيضاً أن الإدارة الأميركية مارست تحت العنوان نفسه ضغوطاً مباشرة على المسؤولين في لبنان من خلال زيارات مباشرة لموفدين وعبر رسائل شفهية تولت نقلها السفيرة الأميركية. وبطبيعة الحال كان لهذه الضغوط ما يستكملها ويسندها عبر تحذيرات من واشنطن تنبه الى مصير أسود إذا ما أصمّ "حزب الله" أذنيه ونفّذ ما في رأسه من خطط لدعم "حماس" من خلال جبهة الجنوب.

أمام هذا الحشد من الرسائل الأميركية ظهر الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله ليكشف استعداد الحزب لردّين على قفازات التحدي المتتالي التي تلقيها الإدارة الأميركية في وجه الحزب:
الأول التصعيد الميداني على طول الحدود الجنوبية مقروناً بأداء يسقط واقعياً وعملياً مضامين القرار الأممي الرقم 1701.

الثاني إعلان نصرالله استعداده لمنازلة مع الأميركيين مذكّراً بهذا الإطار بأن الحزب سبق له أن خاض غمار هذه التجربة في حقبة ثمانينيات القرن الماضي، مشيراً أيضاً الى أن قسماً من الرجال الذين تولوا تلك المنازلة في ذلك الزمن الغابر ما زالوا أحياءً وقد انضمّ إليهم جيل من الأبناء. وبعد وقت قصير عمّم الحزب عبر وسائل تواصل اجتماعي اعتادت النطق عادةً بلسان الحزب فيديو يظهر صاروخ "نور" الذي سبق للحزب أن أظهر أنه انضمّ الى ترسانته العسكرية وهو صُنع خصيصاً لضرب البوارج والسفن الحربية.

وطوال الشهر المنصرم راح الحزب يؤكد أنه لم يأخذ على محمل الجد كل التحذيرات الأميركية خصوصاً عندما فتح الحدود الجنوبية أمام الفصائل ال#فلسطينية المقاتلة ولا سيما حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي" لتشارك في أعمال القصف على العمق ال#إسرائيلي إضافة الى قوى لبنانية متعددة. وكأنه بذا لم يرد فقط إسقاط القرار 1701 بل أيضاً إعادة الاعتبار لمرحلة خال كثر أنها انطوت مع اجتياح عام 1982.

وحيال كل هذا الجهد الذي رأى البعض أنه لم يتجاوز الخطوط الحمر الموضوعة في واشنطن، كان طبيعياً أن ينتظر الحزب الخطوة الأميركية التالية الى أن جاء بالأمس الموفد هوكشتاين صاحب الدور المشهود في مفاوضات الترسيم البحري.

كان الحزب ينتظر رسالة تصعيد أميركية تكمل سابقاتها أو تكون تتويجاً لها وفق مصادر على صلة به. لكن استشفّ في طيّات أداء الموفد الأميركي وما حمله معه من أفكار أمرين:
الأول أنه لم ينقل أي أمر شبيه بالتهديد والوعيد بل مهّد لخطاب وأداء مختلف.

الثاني أن واشنطن تستعيض عن لغة التهديد بمسعى جديد عنوانه العريض العمل لـ"حشر الحزب" داخلياً أي عوداً على بدء.

يعلم الحزب أن الإدارة الأميركية تعرف تماماً أن عرضها القاضي بالحيلولة دون تمدّد مفاعيل #حرب غزة الى لبنان وإعادة الاعتبار للقرار الدولي الرقم 1701 أمران لا يمكن للحزب أن يقبل بهما حالياً أو حتى يعيد النظر فيهما لأسباب عدة أبرزها:
– أن الحزب إن أوقف في هذه المرحلة عملياته على الحدود الجنوبية فإن ذلك يعني أنه قبل بالعمل عكس قناعاته التاريخية القائمة على مبدأ عدم الانسحاب من موجبات الصراع العربي – الإسرائيلي وترك الفلسطينيين وحدهم وهو يعرف أن ذلك مقصد السعي التاريخي الدائم لإسرائيل وأميركا والغرب عموماً بحيث تتحوّل القضية الفلسطينية الى تنازع بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

– أن قبول الحزب بمعنى من المعاني التهدئة على الحدود الجنوبية سيعزز بطبيعة الحال الأصوات التي تزعم أن الحزب قرّر "خذلان" حركة حماس وتركها وحيدة.

- أما إذا رفض الحزب العرض، وهذا هو منطق الأمور، فساعتها سيظهر بمظهر المعرّض لأمن لبنان واستقراره لخطر محدق وسيُتهم عندها بالمغامرة والمقامرة بمصير البلاد والعباد خصوصاً أن الموفد الأميركي قد قرن عرضه بتعهّد بالتزام إسرائيل التهدئة.

بناءً على ذلك اتخذ الحزب سريعاً الخطوات الآتية:
- إرجاء الرد على هذا العرض ليوم السبت المقبل موعد إطلالة نصرالله المرتقبة حيث عنده سيكون الجواب.

- أن الحزب أبدى ارتياحاً للرد اللبناني الرسمي على هوكشتاين ومضمونه دعوة الإدارة الأميركية الى إيقاف الهجمة الإسرائيلية على غزة وشعبها بغية إيقاف التوتر في لبنان ومنع توسيع الحرب.

- وفي الميدان استأنف الحزب ما بدأه منذ الثامن من الشهر الماضي مدخلاً إليه أسلحة جديدة.
وعموماً، ينطلق الحزب من مبدأ أن عرض هوكشتاين إنما هو جزء لا يتجزأ من الجهد الأميركي الرامي الى إخراج الإسرائيلي من أزمته لكن مع ضمان أن لا يخرج مهزوماً وهو جهد يحتاج الى مزيد من الوقت والأكيد الى مزيد من المواجهات في غزة والتوتر في الجنوب اللبناني مشفوعاً بكل الاحتمالات.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار