"تَبَعثُر ساحات" محور "الممانعة" أرسته حرب غزّة؟ | أخبار اليوم

"تَبَعثُر ساحات" محور "الممانعة" أرسته حرب غزّة؟

| الجمعة 10 نوفمبر 2023

"تَبَعثُر ساحات" محور "الممانعة" أرسته حرب غزّة؟
 عراضات مسلّحة بدائية حَشَدها حلفاء إيران في الداخل اللبناني

 "النهار"- مجد بو مجاهد

تصاعدت وتيرة اعتماد مصطلح "وحدة الساحات" في المضمون الخطابيّ لأذرع المحور السياسي الموالي لإيران، في محاولة دالّة على حجم اتساع "رقعة النفوذ" التي سَبَق أن اختصرتها طهران في تصريحات رسمية أشارت خلالها إلى السيطرة على أربع عواصم عربية. وما لبث هذا التعبير أن برز بعدما أعلنت كتيبة "سرايا القدس" المسلَّحَة عن إطلاق هجوم تحت مسمّى "وحدة الساحات" بُعيد ساعات من عمل مسلّح أطلقه الجيش الإسرائيلي اتّخذ تسمية "الفجر الصادق" ما أدّى إلى اغتيال ناشطين في حركة "الجهاد الإسلامي" عشية 5 آب (أغسطس) 2022. وتواتر هذا المصطلح بشكلّ مكثّف في خطابات الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله طيلة الأشهر الماضية، وكان محط مباحثاته خلال شهر آب من العام المنصرم على إثر استقباله للأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي" وإجرائه تقويماً لنتائج المناوشات الحربية التي اندلعت حينذاك في قطاع غزّة والضفة الغربية تحت مظلّة ما سمّي بمعركة "وحدة الساحات".

وبقي تعويل محور "الممانعة" قائماً على مضمون خطابيّ مرتبط بمسمّى "وحدة الساحات"، إضافة إلى بعض العراضات المسلّحة البدائية التي حَشَدها حلفاء إيران في الداخل اللبناني خلال نيسان (أبريل) الماضي على الحدود الجنوبية عبر "منصّات" أطلقت منها بعض الصواريخ على مستوطنات إسرائيلية.

لكن، تَمَاسُك مصطلح "وحدة ساحات" محور "الممانعة" كان له أن تلاشى تدريجاً في الأشهر الماضية مع انبثاق تطورات سياسية بدءاً من تطورات الأوضاع في اليمن قبل أشهر ووصولاً إلى ابتعاد دمشق عن الانخراط في "ساحات الصراع" ما بعد اندلاع المواجهات النارية بين حركة "حماس" والجيش الإسرائيلي بدءاً من 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وبدا ملحوظاً الاستنتاجُ الأساسيُّ الذي احتكمت إلى اختياره وسائل إعلام محلية وعربية في تعبيرها عن نهاية مقولة "وحدة الساحات" على إثر مضامين خطاب نصرالله قبل أيام الذي نحّى خيار الحرب الشاملة من جهة، مكتفياً بأساليب المناوشات القائمة على الحدود الجنوبية، ولم يأتِ في سياق خطابه السياسي على التداول بأوضاع بعض البلدان المعتبرة ضمن "عواصم نفوذ إيران". في التعريف العلمي للتطبيق الفعلي لمصطلح "وحدة الساحات" استناداً إلى أوضاع الحرب القائمة في قطاع غزّة، فإنّ تبلوره لا يرجّح لأن وتيرة الحرب لا تتجه إلى التمدّد.

ويعني هذا المصطلح حتى يتحول إلى فعليّ، الانخراط الكليّ للمحور الموالي لإيران في المواجهات المندلعة وتحوّل الصورة إلى حرب إقليمية. فهل يؤشّر ما يحصل إلى تحوّل الوضع نحو "انسلاخ للساحات" عن بعضها بعضاً؟ وهل يسعى "حزب الله" إلى استدراك هذا التبعثر في الساحات كما استدراك تقلُّص ما احتواه المضمون الخطابيّ السابق لنصرالله؟

لا يعدو شعار "وحدة الساحات" انطلاقاً من قراءة النائب التغييري مارك ضوّ سوى كونه بمثابة "شعارٍ لا يغيّر في واقع الأمور شيئاً انطلاقاً ممّا ظهرت نتائجه في معركة غزّة، حيث لم يتحوّل هذا الشعار إلى عمل منسّق أو جديّ بل شكّل نوعاً من الاستعمال السياسي عند الضرورة ما يدلّ على أنّ المصلحة السياسية الإيرانية وحدها تُقرّر في موضوع مماثل بشكلٍ حاسم بعيداً عن المبرّرات بجهوزية خوض المعركة من عدمها. وعندما وصلت المسائل إلى تحذيرات أميركية متتالية لإيران بهدف ثنيها عن أيّ محاولة توسيعية للحرب الدائرة، حصل التزام "حزب الله" بمناوشات محدودة على الحدود اللبنانية الجنوبية، في موازاة التصعيد المتراكم من الجانب الإسرائيلي الذي وصل إلى حدّ إسقاط مسيّرات في منطقة النبطية وارتفاع مستوى العنف وصولاً إلى استهداف المدنيين".

ويقول ضوّ لـ"النهار" إنّ "المنطق نفسه كان حاكماً في قطاع غزّة لناحية الحديث عن توازن رعب وقدرة ردع، لكنّ الإسرائيليين أكّدوا من خلال هجومهم ومنحى اعتداءاتهم غياب القوّة الرادعة واستعدادهم لاتخاذ منهجية تدميرية ومضاعفة حجم الأذية".

ويحذّر ضوّ من "تبعات الحرب القائمة التي لها تفاعلاتها، حتى وإن ظهرت الاشتباكات مضبوطة ومحدودة الطابع، لكن بات هناك ما يشكّل خطراً أساسيّاً يؤدي إلى زيادة حدّة العنف والقتل والإجرام الذي يتعرّض له اللبنانيون، إضافة الى ظاهرة النزوح الهائل من القرى الحدودية وإقفال المدارس التي تشكّل جميعها مسائل تراكمية تتفاعل وتزداد ما يؤدّي إلى إلغاء حجوزات المغتربين والحؤول من دون ضخّ الأموال في الاقتصاد اللبناني ما يؤدّي إلى خسارات تتعرّض لها البلاد".

كذلك، يستغرب الخبير العسكري العميد المتقاعد جورج نادر حديث "حزب الله" عن "وحدة ساحات" طالما أنّه "ليس هناك أيّ مفهوم قائم تحت مسمى وحدة الساحات... فمن هي تلك الساحات؟ ولم يسبق أن صدرت مواقف رسمية زاخمة تشجب حرب غزّة من الحكومة السورية أو استعداد للانخراط في المواجهات. وماذا يمكن لليمن فعله إزاء معركة في اتجاه إسرائيل باستثناء إطلاق صواريخ عشوائية لم تُصب الأهداف؟ ولا يزال وضع العراق على حاله وسط تركيز على المشاكل الداخلية بعيداً عن الانخراط في حرب واسعة"؛ كلّها تساؤلات يطرحها نادر، ولم يبقَ والحال هذه، وفق حديثه لـ"النهار"، سوى "الساحة الفلسطينية في قطاع غزة والساحة اللبنانية على الحدود الجنوبية التي لم تنخرط في حرب موسّعة لأسباب عدّة: أوّلها، انتفاء مصلحة "حزب الله" وحلفائه، وعدم تأييد الرأي العام الشعبي للانخراط فيها. ويعلم محور "الممانعة" التبعات التي يمكن أن تترتّب عن انخراطه في الحرب نتيجة القدرة التدميرية لآلة السلاح الجوي والإسرائيلي، ما يضاعف النقمة بشكل أكبر على "حزب الله" الذي لم يفعل ما من شأنه إراحة اللبنانيين".

وفي الاستنتاج العام الذي يؤكّد عليه جورج نادر، "إشارة خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" قبل أيام إلى حرب مندلعة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإشارته أيضاً إلى انخراط قائم لناحية المناوشات على نطاق الحدود اللبنانية الجنوبية مع تنحية خيار الحرب الشاملة، ما أدّى إلى إضعاف مفهوم وحدة الساحات. وإذ تحتاج بلورة هذا المفهوم إلى وحدة قتالية بين ساحات سيطرة الدول "الممانعة"، فإنّ عدم انخراط بعض هذه الدول في "وحدة الساحات" حتى من ناحية التضامن الفعلي على مستوى المواقف أدّى إلى تأكيد تراجع سيطرة إيران الشاملة على هذه الدول أو تصرّفها وكأنّها الحاكم المطلق فيها".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار