الجيش ورئاسة الجمهورية: خيبات المسيحيين وكأس جوزف عون المرّة يربك | أخبار اليوم

الجيش ورئاسة الجمهورية: خيبات المسيحيين وكأس جوزف عون المرّة يربك

| الثلاثاء 14 نوفمبر 2023

الجيش ورئاسة الجمهورية: خيبات المسيحيين وكأس جوزف عون المرّة
يربك "التيار الوطني الحر" الرأي العام المسيحي فللجيش عندهم مكانة خاصة

دنيز عطالله - المدن
لم يكن عمر الجمهورية اللبنانية المستقلة يتجاوز الـ15 عاماً حين انتخب أول قائد للجيش رئيساً لها. قيل الكثير عن"استثنائية" فؤاد شهاب. كما قيل الكثير عن "استثنائية" لبنان في محيطه، حيث لا انقلابات عسكرية ولا "رئيس للأبد"، والانتخابات ممارسة ديموقراطية يتم تكريس أعرافها واحترامها. لكن ذلك كان قبل الحروب وقبل اتفاق الطائف.
منذ التسعينات إلى اليوم، شغل ثلاثة قادة للجيش منصب الرئاسة الأولى. إثنان، إميل لحود وميشال سليمان، انتقلا مباشرة من "اليرزة" إلى "بعبدا" أما ميشال عون فقد طال مساره قبل أن يدخل بعبدا رئيساً، متمسكاً بلقب "العماد".

على الطريق، مرّ حلم الرئاسة في مخيلة معظم قادة الجيش، فما ساعدتهم الظروف ولا تقاطعات المصالح الداخلية والخارجية. وقد يكون اللواء توفيق سالم واللواء عادل شهاب هما الوحيدان اللذان لم ترادوهما الفكرة، لأن ظلّ فؤاد شهاب بقي مخيماً على المؤسسة العسكرية طوال مدّة رئاسته وولايتهما.

كأس جوزف عون 
اليوم، يتجرع العماد جوزف عون الكأس نفسها. التيار يريدها كأساً مرّة فيما البلد لا يحتمل ترف "الحساسيات".
جوزف عون هو الماروني الذي اختاره رئيس الجمهورية السابق ميشال عون ليكون القائد الـ14 للجيش مستنداً إلى مناقبيته وأخلاقه وانضباطه و"ميوله" السياسية التي لم تكن بعيدة عن طروحات عون.

لكن الرئيس عون، ومعه باسيل، طمحا إلى أن يكون دور قائد الجيش شبيهاً بسالم وشهاب، في عهد فؤاد شهاب.

لم يرضَ جوزف عون أن يكون ظلّاً لاحد. مارس دوره كاملا تحت سقف القانون، وتمرّد على وزراء الدفاع "العونيين" حين "شعر أنهم يتدخلون في الجيش ويعتدون على صلاحياته ويريدون فرض أعراف جديدة"، على ما يقول ضابط كبير متقاعد.

توترت العلاقة بين الرئيس والقائد. انسحب ذلك على "التيار الوطني الحر"، وهو الحزب المولود من "رحم الجيش"، وربما هذا أبرز أسباب معارضة باسيل للعماد جوزف عون. لذا، كان الهجوم الدائم عليه، وباتهامات شخصية، تارة بالفساد وطوراً، كما اليوم، بالطموح السياسي.

لكن معظم القوى السياسية، حتى المتحفظة تاريخياً على انتخاب قادة الجيش رؤساء للجمهورية، يتساهلون اليوم ويؤيدون، بنسب مختلفة، التمديد للعماد عون. وحده "التيار الوطني الحر" يرفض التمديد و"يسايره" حليفه "حزب الله"، حتى الآن، لظروف الحرب في غزّة ولبنان.

قيادة الجيش وخيبة المسيحيين
يفترض، بحسب العرف، ان يكون لرئيس الجمهورية الكلمة المرجّحة في اختيار قائد الجيش وحاكم مصرف لبنان المارونيين.

فالرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ويفترض أن الجيش ضامن الاستقرار الأمني وحماية البلد، تماما كما يفترض أن يضمن مصرف لبنان الاستقرار النقدي.

على الرغم من التعلق المسيحي التاريخي بالجيش، كرمز للسلطة والدولة، إلا أنهم عموماً، أحزاباً وكنيسة ونخباً، لا يتحمسون كثيراً لتدخل الجيش في السياسة.

رضَوا بقادة الجيش رؤساء، بسبب ظروف ومعطيات، يطول تفصيلها.

كان آخرها مع ميشال عون، الذي جسّد "حلم" أو "وهم" استعادة الدولة وبنائها بخطاب مدني وتمسك بالشراكة الوطنية وترفّع عن الطائفية.

سبقت خيبتهم بعون خيبة بشهاب نفسه، الذي لم "يغفر" له كثر من المسيحيين دور "المكتب الثاني" وتجاوزاته وتجرؤه على "الحريات"، وإن كانوا يحفظون له بناء المؤسسات ومحاولات الإنماء المتوازن، والأهم النزاهة والتعفف عن المال العام.

أما الرئيس لحود الذي راهنوا على بنائه الدولة، بعد أن تم الترويج أنه أعاد بناء الجيش وتوحيده، فليس أبلغ دلالة على واقع عهده من أن يرسل له البطريرك نصرالله صفير المطران رولان أبو جوده مزوداً بنصيحة واحدة: استقل.

وتجربة الرئيس سليمان لم تترك بصمة تُذكر وإن شهدت خضات وأحداث ضاغطة، تبدو أنها القدر الوحيد المؤكد للبنان.

مع التمديد لعون 
على الرغم من التجارب السابقة، تقف الكنيسة والأحزاب المسيحية اليوم- باستثناء التيار الوطني الحر- وجزء كبير من المعارضة، مطالبة بالتمديد للعماد عون.

التبرير والحجة واضحان. هو تمديد له على رأس المؤسسة العسكرية في ظروف شديدة الدقة، والحرب قائمة في جنوب البلاد. لا يعني ذلك تبني ترشيحه لرئاسة الجمهورية.

صحيح ان بقاءه في منصبه يوسّع هامش حظوظه في ملء فراغ الكرسي الشاغر في بعبدا، لكن ذلك مرهون بالظروف والتطورات وتقاطع المصالح الخارجية، بعد أن خرجت اللعبة الرئاسية من أيدي اللبنانيين.

يربك "التيار الوطني الحر" الرأي العام المسيحي. فللجيش عندهم مكانة خاصة، والهجوم على قائد الجيش يطال بشظاياه المؤسسة.

يقول النائب في تكتل الجمهورية القوية شوقي الدكاش إن "موقف الوزير باسيل وتهجمه المتواصل على قائد الجيش، لا يمكن إلا أن يطال المؤسسة، وهي حصن اللبنانيين الأخير. والظروف الاستثنائية تتطلب مواقف استثنائية ومنها اليوم تأجيل تسريح قائد الجيش. أما تحجج باسيل أنهم ضد التمديد فنذكّره بأنهم هم من مدّدوا لرياض سلامة، ومن خارج جدول الأعمال".
يضيف الدكاش "معيب جداً وسط المخاطر الكبرى التي نمّر بها أن تبقى الحسابات صُغرى. وحريّ بمن كان يدعي الحرص على صلاحيات الرئاسة أن يتعاطى مع موقع قيادة الجيش على هذا الأساس والخلفية".
وختم الدكاش: "أناشد الرئيس ميقاتي الذي قال أنه في المعارك لا نغيّر الضباط، أن يلتزم اليوم بالمعنى الحرفي لكلامه".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار