"حزب الله" انطلق في تنفيذ "الخطة ب" على الحدود | أخبار اليوم

"حزب الله" انطلق في تنفيذ "الخطة ب" على الحدود

| الثلاثاء 14 نوفمبر 2023

"حزب الله" انطلق في تنفيذ "الخطة ب" على الحدود
نصرالله ظهر في اطلالته الثانية اكثر اطمئناناً وثقة واكثر حسماً

 "النهار"- ابراهيم بيرم

في إطلالته الاعلامية الاخيرة السبت الماضي، كان الجديد في خطاب الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله "ان الكلمة من الآن فصاعدا ستكون للميدان، فابقوا عيونكم شاخصة نحوه". وبعد أقل من 12 ساعة على هذا الكلام الذي قاله مطلقه بأكبر قدر من الهدوء، كانت الجبهة الحدودية الجنوبية تشتعل وتحتدم على نحو غير مسبوق وفق التصريحات الاسرائيلية.

وعلى مدى اكثر من عشر ساعات متوالية كشف إعلام الحزب ان مقاتليه نفّذوا أكثر من 15 عملية كان معظمها قصفاً بالصواريخ الموجهة وقذائف "الكورنيت"، وهما السلاحان الأفعلان في الوضع الميداني الحالي عند عناصر الحزب. وقد استهدف نحو 12 موقعا ونقطة عسكرية اسرائيلية، فضلاً عن استهداف أعمدة تجسس ورصد كانت القوات الاسرائيلية شرعت للتو بنصبها عوضاً عن أعمدة مشابهة ألحقت عمليات الحزب ضرراً بالغاً فيها وأخرجت قسماً منها لا يستهان به من الخدمة في بداية المواجهات.

اللافت أن اسرائيل ما لبثت أن جارت بالشكوى ورفعت عقيرتها بالصراخ من هذا الفعل المنظم، معلنة انها فوجئت به. وتحدث الإعلام العبري يومها عن "تصعيد كبير في الجبهة الحدودية مع لبنان حوّلها الى ساحة حرب حقيقية". ولاحقاً أقر هذا الاعلام بخسائر وصلت الى 31 إصابة في صفوف القوات الاسرائيلية.

وعلى رغم سياسة التكتم والغموض التي تنفّذها القيادة الإسرائيلية، أفصح الاعلام إياه عن "مقتل ثمانية جنود اسرائيليين وضابطين في معسكر دوفيف الحدودي، اضافة الى جرح عدد آخر على يد جنود نصرالله".

ولاحقاً تدرّج الاعلام العبري عينه في مقاربته للمشهد المحتدم فقال: "الوضع في الشمال (الاسرائيلي) خطير جدا. وهذا يزيد من مستوى الضغط على الجيش الاسرائيلي ومن منسوب الاحباط لدى المستوطنين".

وفي تطور أخطر، وعندما لامست الصواريخ المنطلقة بغزارة من الجنوب، مدينة حيفا في العمق الاسرائيلي، سارعت حركة "حماس" ("كتائب القسّام" في لبنان) الى الدخول على الخط وفق ما صار "متعارفاً عليه" لتعلن مسؤوليتها عن القصف البعيد عن الحدود، أي المتخطي قواعد الاشتباك وحدوده المألوفة، فضلاً عن أبعاد ومغازٍ أخرى.

وحيال كل هذه التطورات الدراماتيكية المتسارعة، اطلقت اسرائيل ما يشبه موجة منسقة لترسيخ انطباع فحواه: "اننا بتنا على مسافة امتار من فتح جبهة الشمال"، واطلقت حملة اوحت فيها ان "انتظروا بأسنا خلال وقت قصير"، محذرة من ان بيروت ستلاقي المصير المأسوي الذي تلاقيه غزة منذ اكثر من شهر.

ولم يكن خافيا انه مع هذا التصعيد الميداني المتبادل بين الحزب من جهة والاسرائيليين من جهة اخرى، عاش الجنوبيون واللبنانيون عموما احتمال ان تنفجر الاوضاع على صورة حرب 2006، ويقع المحظور الذي يحذر منه منذ ان انطلقت حركة "حماس" في عمليتها النوعية "طوفان الاقصى". وما زاد منسوب تلك المخاوف ان الردود الاسرائيلية على عمليات الحزب فاقت المألوف نوعاً واتساعاً، اذ بحسب الاحصاءات طاولت القذائف الاسرائيلية (الدبابات والمسيّرات ومدفعية الميدان...) أطراف نحو 12 بلدة منتشرة على طول الخط الحدودي من الناقورة صعوداً باتجاه أعالي العرقوب، وطاولت تلك القذائف بيوتاً وأحياء في عمقها.

وفي كل الحالات، رسّخ الاعلام الاسرائيلي في اذهان المتابعين ان اسرائيل على وشك ان تنهي التزاماتها وتتحرر من قواعد الاشتباك المألوفة لتفتح الجبهة مع لبنان على مصراعيها. ولكن مع تنفّس صبح اليوم التالي (امس) تغيرت المناخات المنذرة بشرّ مستطير وظلت الامور تنسج على منوالها، اذ لم تتحرك الدبابات الاسرائيلية وتجتاز الخط الحدودي. وعليه اعتقد الحزب انه كسب الجولة وصحّت توقعاته وصار واضحا لديه ان كلام سيده عن تحولات الميدان كان بمثابة أمرعمليات او إشارة مشفّرة مضمونها ان انتقلوا سريعا الى تنفيذ "الخطة ب" القائمة على حسابات ميدانية وسياسية تبلورت بعد تطورات الايام الـ 34 الماضية، ومن أبرز خطوطها ومعالمها العريضة:
- ان الاسرائيلي على رغم كل تهديداته، بدا عاجزاً عن التفلت من التوصية الاميركية الحازمة وعنوانها المعروف: تجنبوا كل ما يمكن ان يفضي الى ادخال "حزب الله" في المواجهة المفتوحة، وعضّوا على جراحكم وتحمّلوا أذيته الى اقصى الحدود.

- ان نصرالله ظهر في اطلالته الثانية اكثر اطمئناناً وثقة واكثر حسماً بعدما تخفّف من أثقال الرهانات التي عُلّقت عليه في الاطلالة الاولى سواء عن حسن نية أو رغبة في التوريط.

لذا كان أكثر ثقة بالنفس وهو يعلن على نحو غير مباشر انه ليس في وارد تولّي قيادة محور المقاومة في هذه المرحلة، بل انه حريص على البقاء جزءا اساسيا من جبهة المساندة والدعم التي تكونت واكتسبت شرعية الميدان بعدما كانت الى الأمس القريب مسألة نظرية. وتاليا انتفى عنه الإحراج عندما اكد انه ماضٍ في عملية المواجهة وفق شروط ميدانه واستناداً الى حساباته الدقيقة.

وبناء على كل هذه الوقائع، انطلق الحزب لإنفاذ "الخطة ب" حيث بدا فيها وقد تنبّه للثغر ونقاط الضعف الميدانية الاولى والتي جعلته يدفع أكثر من 60 مقاتلاً من مقاتليه، خصوصا ان التصعيد فاجأهم كما قال نصرالله في اطلالته الاولى، وانطلق لتوه في نهج ميداني مختلف بدا فيه ممسكاً بزمام المبادرة على طول الحدود، خصوصا بعدما ادخل اسلحة جديدة وتقنيات عسكرية مختلفة، ما جعله يتلافى اخطاء المرحلة الماضية. وبحسب معطيات مستقاة من مصادر على صلة بالحزب، فان التعليمات الجديدة المعطاة للقيادة الميدانية للحزب عنوانها العريض: "نريد إلحاق المزيد من الخسائر بالعدو في مقابل أدنى الخسائر في صفوفنا إنفاذاً لقول السيد نصرالله ان ابقوا عيونكم وجهودكم مكرسة للميدان الذي له الكلمة الفصل".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار