لودريان مجدداً في بيروت بمهمة من شقّين... "الاستفاقة ما زالت ممكنة"؟ | أخبار اليوم

لودريان مجدداً في بيروت بمهمة من شقّين... "الاستفاقة ما زالت ممكنة"؟

| الإثنين 27 نوفمبر 2023

لودريان مجدداً في بيروت بمهمة من شقّين... "الاستفاقة ما زالت ممكنة"؟
 تسوية نابعة من توافق داخلي تليها جلسة نيابية مفتوحة لانتخاب رئيس للجمهورية

 "النهار" - سمير تويني

سيقوم الممثل الشخصي للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، جان - إيف لودريان بزيارته الرابعة الى بيروت بهدف تحريك الوضع السياسي وتعزيز الاستقرار الامني في سياق الحرب القائمة في غزة.

وتشير وزارة الخارجية الفرنسية الى انه تمّت تعبئة الديبلوماسية الفرنسية بالكامل منذ الشغور الرئاسي للعمل على ايجاد مخرج لانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة والقيام بالاصلاحات الضرورية. كما أنها منذ اندلاع حرب غلاف غزة تحذر السلطات اللبنانية و" حزب الله" من مغبة إدخال لبنان في الصراع الدائر بين اسرائيل من جهة وحركة " حماس" من جهة اخرى. ومعلوم ان الرئيس ماكرون قام في الآونة الأخيرة بجولات عدة في المنطقة ودعا الى المحافظة على الاستقرار الاقليمي، مشددا على الاستقرار في لبنان وعدم زجّه في هذا الصراع. ولفت خلال جولته الى نيّته إيفاد لودريان الى لبنان لمتابعة ملف الشغور الرئاسي والوضع الامني، وكان اجرى العديد من المحادثات مع رؤساء مصر واسرائيل وايران في هذا الشأن.

وخلال الاسابيع الماضية قام وزير الدفاع الفرنسي ووزيرة الخارجية بزيارات الى المنطقة للبحث في حل لوقف اطلاق النار في غزة، وكان الملف اللبناني على طاولة محادثاتهما ايضا، علما ان باريس هي على اتصال دائم مع الشركاء الدوليين لتعزيز الاستقرار في لبنان وعرض حل للشغور المؤسساتي. ومن جهتها، تحدثت وزيرة الخارجية كاترين كولونا مع نظرائها الاسرائيلي والأردني والايراني والمصري والتركي والسعودي، ومع فريق الاتصال المعني بغزة للتوصل الى اتفاق سياسي للسلام والامن في المنطقة.

فباريس تخشى توسع الحرب الاسرائيلية - الفلسطينية اقليميا، وفي هذا الصدد أجرت سلسلة من الاتصالات مع السلطات الايرانية ومررت الرسائل اللازمة لتجنب اندلاع حرب مدمرة في الشرق الاوسط، وتريد باريس تجنبها في لبنان الذي لن يتعافى منها. و في 16 تشرين الاول الماضي نقلت كولونا رسالة الى السلطات اللبنانية والرسالة نفسها الى السلطات الاسرائيلية لتجنب التصعيد الميداني والمحافظة على الاستقرار في جنوب لبنان والسماح لقوات حفظ السلام الدولية "اليونيفيل"بالوفاء بولايتها. وحذرت باريس الجهات الفاعلة التي تسعى الى الاستفادة من الوضع الحالي للتوتر ودعت "حزب الله" وجميع الجهات المعنية من خلال رسائل الى تجنب التصعيد.

أما لودريان المتوقع وصوله الى بيروت منتصف الاسبوع الجاري، فأعلن في مقابلة عن مخاوفه حيال الوضع اللبناني قائلا: "ان الحرب على ابواب لبنان". أما زيارته فتحمل شقين: اولهما المخاوف الفرنسية من التوتر المستمر على الحدود الجنوبية مع اسرائيل وتأثيره على الاستقرار الداخلي، وثانيهما معالجة الشغور الرئاسي الذي بدأ يهدد مقومات الدولة.

الشغور الرئاسي المستمر منذ فترة طويلة يجعل البلد اكثر هشاشة في سياق توترات قوية للغاية. ولا يمكن لباريس سوى تشجيع الجهات اللبنانية الفاعلة بعزم اكبر على اظهار المسؤولية والتوصل الى اتفاق بشأن انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وهذه هي الرسالة التي سينقلها لودريان. وتعتبر باريس ان التعرض لـ"اليونيفيل" في جنوب لبنان مقلق جدا، وتدعو الاطراف الى حماية عناصرها ومنع تعرضهم لمخاطر لأنهم يسعون الى تحقيق الاستقرار من خلال تنفيذ القرار الدولي 1701.

وفي السياق، يُعتبر لبنان من اكثر الدول تأثرا بحرب غزة، وسيعوّل لودريان خلال زيارته على مساعي الدول الصديقة لإحداث خرق في جدار الازمة القائمة والعمل على احلال السلام وعودة الهدوء الى جنوب لبنان. وهذا الدور متكامل مع دور الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين الذي زار لبنان مؤخرا.

وباريس تقف الى جانب لبنان في هذه المحنة الجديدة كما وقفت وستقف دائما الى جانب اللبنانيين الذين يعلمون ان بوسعهم التعويل على فرنسا في الازمات العصيبة. فعلى رغم وضع الملف اللبناني في "الثلاجة" لانه اضحى احد بنود توافق دولي بانتظار ما ستؤول اليه الحرب على غزة، فان الديبلوماسية الفرنسية ما زالت فاعلة وهي تنتظر الفرصة السانحة لتحقيق انجاز يفتح ثغرة في جدار الازمة، وهناك تعاون وثيق بين فرنسا وقطر في هذا السياق.

وسبق للودريان ان طالب في زيارته الاخيرة الى بيروت المسؤولين اللبنانيين "بايجاد خيار ثالث" لحل الازمة الرئاسية بعد اكثر من سنة من الشغور، ودعا الى وضع حد للازمة التي لا تطاق بالنسبة الى اللبنانيين، وان تحاول الاطراف المعنية ايجاد حل وسط عبر خيار ثالث حيث لا يحظى اي فريق بأكثرية واضحة في البرلمان. وتصرف "حزب الله" في الفترة الاخيرة زاد الشرخ بينه وبين معارضيه بعد تفرده بقرار الحرب.

ويرى لودريان الذي يتابع الملف اللبناني منذ اكثر من عقد "ان المؤشرات الحيوية للدولة اللبنانية تشي بأنها في دائرة الخطر الشديد"، وذلك في خضم ازمة سياسية وانهيار اقتصادي متمادٍ بعد الحرب على غزة. ويعتبر الموفد الرئاسي ان ليس بامكان اي من الفريقين المعارضة والممانعة تأمين فوز مرشحه، ولا يمكن لأي من الخيارين المطروحين ان ينجح. ويعوّل في السياق على اللبنانيين لابرام تسوية نابعة من توافق داخلي تليها جلسة نيابية مفتوحة لانتخاب رئيس للجمهورية، ثم تشكيل حكومة فاعلة تسد الفراغات في الادارات وتقوم بالاصلاحات الضرورية وفق برنامج صندوق النقد الدولي.

وينطلق لودريان في جولته الرابعة من استنتاج عبّر عنه أخيرا بقوله إن "الاستفاقة ما زالت ممكنة". فهل سيتمكن من ايقاظ لبنان من موت سريري؟

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار