لودريان في بيروت... الرئاسة والجيش والـ 1701 | أخبار اليوم

لودريان في بيروت... الرئاسة والجيش والـ 1701

| الأربعاء 29 نوفمبر 2023

الراي- مع انتهاء مرحلةِ الأيام الأربعة الأولى من وقْفِ إطلاقِ النار في غزة وانطلاق ما يشبه «سباق البدَل» على طريقة «هدنة تُسَلِّمُ هدنة» وبالشروط نفسها للاتفاق «الأصلي»، تستعيد «بلاد الأرز» التي دخلتْ جبهتها الجنوبية منذ يوم الجمعة، كَنَفَ التهدئة في القطاع النازف بعضاً من الدينامية السياسية «الموْصولة» بصاعق غزة المتفجّر واحتمالاتِ انفلاشِ تَشَظّياته لبنانياً، كما باستحقاقات دستورية مؤجّلة ويحاول الخارجُ أن يعاودَ إضفاء طابع «المعجّلة» عليها.

وتتّجه الأنظارُ إلى المباحثات التي يُجْريها الموفد الرئاسي الفرنسي جان - إيف لودريان في بيروت اليوم وغداً، في تتمّةٍ لوساطته التي بدأت في يونيو الماضي بمحاولةٍ لتوفير «مخرج طوارئ» لأزمة الشغور الرئاسي التي تدخل غداً شهرها الـ 14، قبل أن تتشابكَ منذ 7 أكتوبر الماضي مع «طوفان الأقصى» وتداعياته الحربية التي تدحرجتْ في اتجاه الحدود اللبنانية - الاسرائيلية على شَكْلِ عملياتِ «مُشاغَلةٍ محسوبة» من «حزب الله» وباتت بمثابة «فتيلٍ» يُخشى أن يتحوّل «سريع الاشتعال» في الطريق إلى إطفاء حريق غزة - ولو وفق حلٍّ موقت - والبحث عن «إعادة ضبْط» القواعد التي كانت تحكم الوضع جنوباً بموجب القرار الدولي 1701.

وتشي كل المعطياتِ بأن «القبعةَ الرئاسيةَ» القديمة - الجديدة التي يَعتمرها لودريان لا تحمل أي «أرنبٍ سحري» من شأنه إحداث خرْق في الجدار الرئاسي المسدود والذي ازداد ارتفاعُه بفعل الانقسامِ المستعاد تحت عنوان قرار الحرب والسِلم وتَفَرُّدِ «حزب الله» باقتياد لبنان إلى «فوهة بركان غزة»، ناهيك عن صعوبة تَصَوُّر أن يتزحزح أي طرف داخلي، ولا سيما الحزب، عن تموْضعاته الرئاسية قبل انقشاع الرؤية في ما خص الحرب ومآلاتها، خصوصاً أن ثمة رصْداً لـ «الأثمان السياسية» المحتمَلة التي يمكن أن تتقاضاها طهران (وحزب الله) مقابل الاستجابةِ لرغبةٍ أميركية حاسمة عبّرت عن نفسها مراراً وتبلّغتْها إيران على أعلى المستويات بعدم استدراج توتر إقليمي ومحاذرة كسْر أذرعها في المنطقة الخطوط الحمر، بالتوازي مع تَكَفُّل واشنطن بكبح جماح الجناح الاسرائيلي الذي يميل إلى ربْطِ وضعيةِ الجبهة الشمالية (جنوب لبنان) بعاصفة النار في غزة.

 
وفي موازاة الاقتناع بأن لودريان، الذي يضطلع بمسؤوليةٍ بارزة كرئيس لوكالة التنمية الفرنسية في العلا، لا يحمل معه أي مبادرة محددة في ملف الشغور وأن الالتصاقَ النافر للرئيس ايمانويل ماكرون بإسرائيل في حربها المروّعة على غزة وَضَعَ حواجزَ في طريق موفده الشخصي إلى لبنان ومَهمته الرئاسية، التي كانت أيضاً محور زيارة الموفد القطري جاسم آل ثاني (أبوفهد) لبيروت في اليومين الماضييْن، فإن مؤشراتٍ برزت إلى أن الموفد الفرنسي سيَعمد إلى استطلاعٍ ثلاثي البُعد:

- أولاً لِما إذا كانت القوى السياسية ما زالت على ثوابتها في مقاربة الانتخابات الرئاسية العالقة عند تشكيل غالبية المعارضة جبهةً مانعة لدخول مرشح «حزب الله» وحلفائه سليمان فرنجية قصر بعبدا، وعدم القدرة على تشكيل رافعة لترشيحٍ «قابِلٍ للوصول» ويتطّلب نصاباً سياسياً محلياً وإقليمياً لم تتوافر عناصره بعد.

علماً أن تقارير أشارت الى أن اتصالات جرت في الأيام الأخيرة بين أعضاء مجموعة الخمس حول لبنان (تضم الولايات المتحدة، فرنسا، السعودية، مصر وقطر) في إطار معاودة «استجماع المعطيات» في ما خص الأزمة الرئاسية المتمادية ومساراتها المعقّدة.
 

- ثانياً لاستحقاقِ إحالة قائد الجيش العماد جوزف عون على التقاعد ابتداءً من 10 يناير المقبل، وما يرافق هذا الموعد من احتمالاتٍ خطيرة في ضوء عدم اتضاح مآلاتِ رغبة أطراف وازنة في الداخل، ولا سيما مسيحياً، كما في الخارج بالتمديد له تفادياً لشغور هذا الموقع في لحظة حساسة على الصعيدين الأمني والعسكري في ضوء حرب غزة، ولا حظوظ تعيين قائد جديد، ولا إمكان تسلُّم رئيس أركان (درزي) بعد أن يتم تعيينه مَهمات القيادة، في ظل اصطدامِ كلٍّ من هذه الاحتمالات بتعقيدات دستورية وسياسية تطلّ على الانتخابات الرئاسية التي يُعتبر عون أحد المرشحين المتقدمين فيها والذي يَعتقد رافضو انتخابه (وفي مقدّمهم النائب جبران باسيل) بأن سريان تقاعده سيضع أسهمه على مقاعد... النسيان.

- وثالثاً لاتجاهات الريح على الجبهة الجنوبية وآفاق المواجهات التي انطلقت في 8 أكتوبر ولم تهدأ إلا مع هدنة غزة، وسط خشية من أن تستعيد الحربُ عصْفَها بعد انتهاء الوقت المستقطع أو عند الحاجة إلى «ضغطٍ بالنار» لإكمال عملية تبادُل الرهائن والمعتقلين.

وفي هذا السياق، تتوقف أوساط سياسية عند إثارة اسرائيل مسألة المنطقة العازلة جنوب الليطاني وإبعاد قوة النخبة من «حزب الله» منها (قوات الرضوان)، متسائلة عن الإطار الذي سيفرض تحويل هذا الأمر مسألة «مُلِحَّة»، في ضوء الانطباع بأن حدود التصعيد في الجبهة الجنوبية وفق النسَق الذي ساد منذ 8 أكتوبر ليس كافياً لإحداث ربْطٍ طارئ بين وضعية «حماس» في غزة و«حزب الله» في جنوب لبنان.

وأعربت الأوساط عن القلق من تكرار تل أبيب «أننا لن نستطيع العودة للواقع الذي كان يسود في المنطقة الشمالية قبل نشوب الحرب» وفق ما نُقل أمس عن رئيس الأركان هيرتسي هاليفي، طارحةً علامات استفهام حول إذا كانت اسرائيل لم «تستسلم» بعد على محاولات جرّ الولايات المتحدة وأساطيلها في المتوسط إلى أمرٍ واقع عبر فتْحٍ لجبهتها الشمالية يسرّع في وضْع الـ 1701 على الطاولة كناظمٍ لها مكتمل التفعيل و«إلا الطوفان»، أم أن المعلومات عن إكمال واشنطن، على وهج حرب غزة، محاولات ترتيب تَفاهُم على تثبيت الحدود البرية بين لبنان واسرائيل قد يشكّل «مخرجاً على البارد» لتطبيق القرار الدولي الذي صدر في 2006 وصيغ بلغة الفصل السابع؟

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار