هل استوعب "حزب الله" فعلاً نتائج ضربة الضاحية؟ | أخبار اليوم

هل استوعب "حزب الله" فعلاً نتائج ضربة الضاحية؟

| الثلاثاء 09 يناير 2024

هل استوعب "حزب الله" فعلاً نتائج ضربة الضاحية؟
إغواء لبنان لكي يقبل بعزل نفسه عن مؤثرات القضيّة الفلسطينية

من خلال الاستعداد لترسيم الحدود البرّية على نحو يحاكي مطالبه

 "النهار"- ابراهيم بيرم

يقيم المعنيّون في دوائر القرار في "حزب الله" على اقتناع بأن الحزب أحرز في الأيام القليلة الماضية تقدّماً في استيعاب مفاعيل هجمتين شرستين تعرّض لهما خلال الفترة المنصرمة، وتركا آثاراً وتداعيات سلبية في قاعدة الحزب يقارب الإحباط وهما:
- الهجمة العسكرية الإسرائيلية التي تجسّدت ذروتها في اغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري إبان وجوده ضيفاً بحماية الحزب في معقله في عمق الضاحية الجنوبية.

- الهجمة السياسية التي تقودها الإدارة الأميركية وتجد دعماً من دول أوروبية وازنة وهي تقوم على أمرين اثنين: الأول الحيلولة دون اتساع رقعة التوتر والحرب في الإقليم على نحو يطاول #لبنان ويعرّضه لخراب وشيك، والثاني إغواء لبنان لكي يقبل بعزل نفسه عن مؤثرات القضيّة الفلسطينية من خلال الاستعداد لترسيم الحدود البرّية على نحو يحاكي مطالب لبنان.

المعلوم أن الحزب أطلق خلال الأيام الثلاثة الأخيرة حملة إعلامية منظَّمة للإضاءة على الأهمية الاستراتيجية لعملية نفّذها مقاتلوه على الحدود الجنوبية للبنان، واستهدفت ثكنة تجسّس ورصد تقع على بعد نحو 8 كيلومترات في عمق الجليل الأعلى المحتل، وتسمّيها تل أبيب موقع ميرون، فيما اسمه الأصلي جبل الجرمق أعلى ذرى الجليل.

وقد قدّم إعلام الحزب هذه العملية التي أتت بعد ساعات على الإطلالة الأخيرة للسيد نصرالله على أنها "ردّ أولي" على عملية اغتيال العاروري التي كانت موضع تباهٍ من الجانب الإسرائيلي الذي رآها إنجازاً يغطي على اقتحام حماس للمنطقة المعروفة باسم "غلاف غزة" في 7 تشرين الأول الماضي.

وبطبيعة الحال، حشد هذا الإعلام المحللين والخبراء لكي يسهبوا في الإضاءة على الأهمية الاستراتيجية لضرب هذا الموقع الترصّدي، خصوصاً أن المعلومات المنشورة عنه أكدت أمرين:
- أن تاريخ تأسيسه يعود إلى عام 1967 وقد سبق للطيران السوري أن وجّه إليه ضربة في حرب عام 1973.
- أن مداه التجسسي يمتد ليشمل لبنان وسوريا وفلسطين والأردن وقبرص وأنه وفق تلك المواصفات أهم موقع من نوعه في الشرق الأوسط عدا عن أنه يأتي كرابع موقع من نوعه في العالم.

وفي المحصّلة رأى أولئك الخبراء أن ضرب هذا الموقع هو فعل كبير أصاب إسرائيل بالعمى لأنه يمثل العين الراصدة الأساسية لحركة الطيران الإسرائيلي الذي يهتدي به، يُضاف إلى الإنجاز الذي حققه الحزب حين ضرب كل أعمدة الترصّد الإسرائيلية المرفوعة على طول الحدود بين لبنان والكيان منذ الأيام الأولى لاندلاع المواجهات على الحدود.

وكشهادة إسرائيلية على أهمية تلك الضربة، عمّم الحزب تصريحاً للقائد السابق للمنطقة الشمالية في إسرائيل آشر بن لولو قال فيه: "إن الحزب ضرب موقعاً استراتيجياً من الدرجة الأولى في الشمال، فكان ذلك حدثاً استثنائياً للغاية. تترك إسرائيل نتائج الهجوم في ميرون غامضة. وهذه ليست الطريقة التي يُبنى بها الردع.

وفي الموازاة، استند رئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين إلى الأهمية السياسية لهذه الضربة ليشير إلى عائدين اثنين جناهما الحزب منها:
الأول أن ما حصل هو ردّ أولي وليس كل الرد على استهداف الضاحية، وهذا يعني أن للعقاب تتمة تلي وأن هناك ردوداً إضافية في الطريق آتية.

الثاني، أن الضربة لهذا الموقع الذي تصرّفت إسرائيل على أساس أنه "محيّد ومستور" عن صواريخ الحزب وأعينه، تؤكد أن كل المواقع الاستراتيجية في إسرائيل هي أهداف متاحة لصواريخ الحزب.

والواضح أن الحزب قد خفض بضربته هذه منسوب التوتر والإحباط الذي تملّك جمهوره بعد ضربة الضاحية وما سبقها من ضربات طاولت نحو 44 بلدة حدودية.

وأتت شهادة منسوبة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري عن أهمية هذه الضربة بمثابة إقرار بنتائجها الإيجابية، إذ أعطاها "عشرة على عشرة" معتبراً أن حفلة الجنون الإسرائيلية التي تلتها وتمثّلت بسلسلة الإغارات على البلدات البعيدة عن الميدان التقليدي "كانت من جرّاء الوجع الذي أصاب العدو بفعل تلك الضربة".

وإن كانت تلك الضربة نجحت في تقديم ترجمة عملانية عاجلة لوعد السيد نصرالله في إطلالتيه الأخيرتين بعقاب أكيد على جريمة اغتيال العاروري وضرب الضاحية، فإن الحزب قد نجح أيضاً في تقديم تفسير معقول ومقبول لما أفصح عنه السيد نصرالله في إطلالته الأخيرة وإعلانه ربما للمرة الأولى عن الاستعداد لفتح الباب أمام درس العرض الأميركي – الغربي في شأن ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، خصوصاً أن الحزب نجح في وضع ذلك الكلام في خانة "الاحتواء" التدريجي التي يقابل بها الحزب كل تطوّر مفصلي جديد.

والمعلوم أن العرض الأميركي الذي سبق أن نقله الموفد الأميركي الخاص إلى بيروت آموس هوكشتاين يقوم على مبدأ إعطاء لبنان من خلال الترسيم البرّي كل ما يطالب به لكي يتراجع الحزب عن الحدود إنفاذاً للقرار الأممي الرقم 1701.

واللافت أن نصرالله يتعامل إيجاباً مع العرض ولكنه يأخذه إلى منحى مختلف عندما قال إن قوة الردع التي لدى الحزب هي التي منعت العدو من شن حربه (الواسعة) على لبنان، ودفعت الأميركي للعمل في سبيل منع التصعيد، هي نفسها القوة التي فرضت شروطها في التفاوض لتحرير الأرض المحتلة وانسحاب الإسرائيليين منها والتي سيطلق الحزب عليها اسم التحرير الثاني.

وبناءً على هذا، طرح البعض السؤال عن خلفية هذا الكلام وهل هو إذعان منه للضغوط التي تمارس عليه وتتكثّف في الآونة الأخيرة.

على هذه التساؤلات، ثمة من يؤكد أن نصرالله أراد بكلامه الجديد إحراج الأميركي وكل مناوئ للحزب في الداخل من خلال إبداء الاستعداد للانفتاح على عرض يعرف السيد بالتأكيد أن لا مجال لأخذه إلى حيّز التنفيذ لاعتبارات عدّة أهمّها أن إسرائيل نفسها غير جاهزة للالتزام بمندرجاته على الأقل في الوقت الحاضر.

ولقد وجد هذا الاستنتاج مصداقاً له في كلام منسوب إلى "الثنائي الشيعي" وُزّع ليل الأحد الماضي وبدا كأنه وضعٌ من جانب الثنائي للأمور في نصابها الطبيعي. وقد جاء فيه: "إن كلام السيد نصرالله مؤشر على أن الحزب يضع المنطقة في سياق مفتوح على التسوية في المرحلة المقبلة، ولكن ما بعد وقف النار في غزة". وللتأكيد أن مفاعيل كلام نصرالله بعيدة عن التحقق، أضاف المصدر: من المبكر الحديث عن تحقيق التسوية لأنها تتطلّب عملاً وجهوداً لوضع أطرها وهي ستخضع للظروف السياسية والعسكرية ومستقبل فلسطين وأمن الحدود".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار