باريس تعيد تشغيل محركاتها اللبنانية تجنباً لاتساع الحرب | أخبار اليوم

باريس تعيد تشغيل محركاتها اللبنانية تجنباً لاتساع الحرب

| الجمعة 19 يناير 2024

باريس تعيد تشغيل محركاتها اللبنانية تجنباً لاتساع الحرب

اتصالات وتحركات لودريان تحضّر لاجتماع "الخماسية"


 "النهار"- سمير تويني

كرر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال مؤتمره الصحافي مساء الثلثاء الماضي تحذيراته من اشتعال الجبهة بين لبنان واسرائيل لأن اي مواجهة شاملة بين البلدين ستكون كارثية. وشدد على الاهمية التي توليها بلاده للبنان، مذكراً بالجهود التي بذلتها فرنسا وما زالت لتفادي اتساع رقعة الحرب واحترام القرارات الدولية، وفي السياق تجنّب "حزب الله" الالتحاق بالحرب الشاملة، وتهديده أمن اسرائيل مما سيؤدي الى تمدّد الحرب الى لبنان.

فباريس منذ بداية النزاع متمسكة بسلامة لبنان واستقراره، وتنقل رسائل الى جميع القوى لتجنب التصعيد وتقدم مقترحات بالتعاون مع حلفائها لاحترام القرارات الدولية ووقف القتال. ويقول مصدر ديبلوماسي فرنسي ان ما يجري في غزة هو من اخطر الازمات التي اجتازها الشرق الاوسط، وهي تعرّض امن لبنان واستقراره لتهديد حقيقي. ويضيف ان باريس تضطلع منذ سنوات بدور حاسم من اجل الحفاظ على استقرار لبنان.

وازدادت وتيرة هذه الاتصالات منذ اغتيال نائب رئيس حركة "حماس" صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت، فأرسلت فرنسا عددا من الموفدين نقلوا رسائل الى السلطات اللبنانية والاسرائيلية مفادها انه يتعين تجنب سلوك تصعيدي بين لبنان واسرائيل. وفرنسا ستستمر ببعث هذه الرسائل الى كل "الجهات الفاعلة" والمعنية بشكل مباشر أو غير مباشر في المنطقة، والمقصود بالجهات الفاعلة ايران و"حزب الله" وحلفاؤهما. كما ان باريس تحشد جهودها اكثر من اي وقت مضى بهدف حضّ جميع الاطراف على ضبط النفس وعودة الاستقرار والامن وايجاد حل للازمة السياسية اللبنانية التي تسببت بشلل المؤسسات والدولة.
ورغم برودة علاقاتها مع "حزب الله"، بعد قرارها اولا التوقف عن دعم مرشح الحزب لمصلحة مرشح توافقي، وثانيا موقفها الى جانب الحكومة الاسرائيلية في حربها على غزة، إلا أن باريس ما زالت تقيم علاقات مع الحزب للمحافظة على سلامة البلد، وتأمين سد الفراغ الرئاسي. وهي تسعى بدعم من واشنطن الى تفعيل قرار مجلس الامن الدولي رقم 1701 بكل مندرجاته لنزع فتيل التفجير من خلال اخلاء المنطقة الواقعة بين الحدود اللبنانية والاسرائيلية ومجرى نهر الليطاني من السلاح والمسلحين، في اشارة بالطبع الى سلاح الحزب وحلفائه.

ويستمر الرئيس ماكرون، وفق المصادر نفسها، بالإتصال برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو اسبوعيا وبعضو مجلس الحرب الاسرائيلي بني غانتس منافسه في المعارضة، لحثّهما على عدم التصعيد واستهداف المدنيين في غزة، وعدم المغامرة في حرب ضد "حزب الله".

وماكرون الذي كان يطالب بهدنة انسانية عدّل موقفه وطالب كما اعلن الثلثاء الماضي بوقف مستدام لاطلاق النار وضرورة العمل على حل للازمة. وتعي باريس ان تأثيرها على القرار الاسرائيلي محدود ويتعين على الرئيس الفرنسي لاسباب سياسية داخلية وقوة اللوبي اليهودي التعاون مع واشنطن بالنسبة الى الحل. لذلك تركز باريس على الوضع في لبنان لانها معنية به بالدرجة الاولى. وتأتي في هذا السياق الاتصالات بشأن لبنان وتعبيرها عن مخاوف من اشتعال حرب واسعة على الحدود اللبنانية - الاسرائيلية تشكل كارثة على لبنان الذي يعاني فراغا رئاسيا ومؤسساتيا من جراء الشغور الرئاسي والحكومي ووضع اقتصادي واجتماعي هشّ وانقسامات سياسية عمودية منعت حتى الان التوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية.

بالتوازي، يقوم الموفد الشخصي للرئيس ماكرون وزير الخارجية السابق جان - ايف #لودريان بجولة على الدول الاقليمية ويجري اتصالات مع المسؤولين الاميركيين ومنهم آموس هوكشتاين من اجل التوصل الى وضع خريطة طريق لتسوية تؤمن انتخاب رئيس للجمهورية باسرع وقت من دون انتظار نتائج الحرب الجارية في غزة بعدما تمكن من استخراج الخطوط العريضة لتقاربٍ داخل الطبقة السياسية.

ويعرب الجانب الفرنسي، وفق المصادر، عن دهشته من عدم مسؤولية الاطراف السياسيين الداخليين، اولا لجهة عدم اخذهم في الاعتبار جدية التهديدات الاسرائيلية بعد التصعيد العسكري على الحدود وفي الضاحية، وثانيا تعايشهم مع الفراغ الرئاسي الذي يهدد البلد.

وتعتبر المصادر ان حل النقاط الخلافية الـ 13 العالقة على الحدود بين لبنان واسرائيل كان متقدما قبل الحرب على غزة وكان الحزب موافقا ضمنيا على هذه المفاوضات كما كان موافقا على ترسيم الحدود البحرية. وما اوقف هذه المفاوضات هي الاشتباكات في الجنوب اللبناني بين اسرائيل والحزب. وترى ان ربط مصير لبنان بسياسة "حزب الله" يقضي على الميثاقية. فمواقف الحزب تطبق لعدم وجود فريق مسيحي مفاوض، وهذا يعني ان لبنان تخلى عن سياسة النأي بالنفس ولا يمكنه في الوضع الحالي انتظار المستجدات الاقليمية ونتائج حرب غزة للخروج من مأزق الشغور الرئاسي.

لذلك اعادت باريس تحريك محركاتها، ويقوم لودريان بالإتصالات اللازمة لعقد اجتماع للمجموعة الخماسية في اقرب وقت من اجل توحيد الرؤية والمواقف بين اعضاء الخماسية لتأمين ضغط دولي واقليمي لحثّ الاطراف في الداخل على انهاء الشغور الرئاسي وتشكيل حكومة فاعلة تقوم بالاصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي.

وايّ تحرك مجدٍ يحتاج الى توافق تام داخل الخماسية على الخطوات التي يجب السير بها لتأمين انتخاب رئيس للجمهورية ولتنفيذ عودة السلم لحماية لبنان من اي حرب قد تندلع بالتزامن مع الحرب على غزة، واهمية عدم توسع هذه الحرب لتشمل لبنان والدعوة الى استمرار الهدوء وضبط الوضع لفتح حوار حول السلام على الحدود الجنوبية والتوسط مع اسرائيل حول الحدود الجنوبية، والتشديد على سد الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس يعيد عمل المؤسسات وتنفيذ الخطة الموضوعة لحل المشاكل وتثبيت حدوده بشكل دائم، لان عكس ذلك سيؤدي الى استرهان الاستحقاق لمصلحة اجندة اقليمية لا تفيد مصالح لبنان وتعرّض البلد لزعزعة استقراره السياسي والامني الهش وتحويل الانتخابات الرئاسية الى ورقة تفاوض لمصلحة فريق وليس لمصلحة الشعب اللبناني.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار