مخاوف في لبنان من ارتداداتٍ متدحرجة لـ «ميني 7 أكتوبر» في المَغازي | أخبار اليوم

مخاوف في لبنان من ارتداداتٍ متدحرجة لـ «ميني 7 أكتوبر» في المَغازي

| الأربعاء 24 يناير 2024

الراي... في لبنان عينٌ على الجنوب وعينٌ على غزة، وفي اسرائيل «يد في الجنوب ويد في الشمال». معادلةٌ اختزلت المشهد أمس، من بيروت «المتفرّجة» على تدحْرجٍ خطيرٍ لكرةِ نارِ غزة بما يشي بـ تَمَدُّدِ «لهيبها» في اتجاهاتٍ وربما ساحاتٍ عدة، إلى تل أبيب التي باتت بعد «الاثنين الأسود» في مخيم المغازي (وسط قطاع غزة) بمثابة «الأسد الجريح» الذي يُخشى أن «يهرب إلى الأمام» فيتحوّل الشمال (مع لبنان) مدى لمحاولته «إنقاذ ماء الوجه» ولو بمزيدٍ من الدماء والتوحّش والتدمير.

وفيما كانت اسرائيل تحاول استيعابَ صدمةِ ما بدا «ميني 7 أكتوبر» ولملمةَ «الكارثة» التي حلّت بجيشها على مرمى نحو 600 متر من الشريط الحدودي في مؤشرٍ إلى أنها ما زالت بعيدة عن إرساء ولو «الكيلومتر الأول» من منطقة آمنة أو عازلة، معلنةً على لسان وزير دفاعها يواف غالانت «لدينا يد في الجنوب وأخرى في الشمال وعيوننا تتجه إلى حزب الله الذي يواصل استفزازنا في الشمال ونحن مستعدون لأي تطورات»، عاجَل «حزب الله» قاعدة ميرون للمراقبة الجوية في جبل الجرمق للمرة الثانية «بعددٍ كبير من الصواريخ المُناسبة».

ووضع «حزب الله» العملية في سياقين: الأول «الردّ على الاغتيالات الأخيرة في لبنان وسورية»، وبينها اغتيال أحد كوادره علي حدرج في البازورية، مسقط السيد حسن نصرالله، ومحاولة اغتيال قائد القطاع الأوسط في كفرا (حيث سقط أحد عناصر وحدة الحماية)، كما اغتيال العقل الاستخباراتي للحرس الثوري الإيراني في سورية حاج صادق أميد زاده و4 مستشارين آخَرين. والثاني «الردّ على الاعتداءات المتكررة على المدنيين والمنازل في قرانا الصامدة».

وإذ كشف الناطق باسم الجيش الإسرائيلي «أن أضراراً لحقت بالبنية التحتية لقاعدة ميرون الجوية بعد إطلاق صواريخ من لبنان»، فإن البارز في العملية، إلى جانب توقيتها على وهج ما وصفته تل ابيب بأنه «مأساة» (المغازي)، أنها المرة الثانية يستهدف حزب الله هذه القاعدة، التي تضمّ منشأة عسكرية تتولى عمليات المراقبة الجوية لسلاح الجو الإسرائيلي من شمال إسرائيل حتى الوسط، وكان تم قصفها في السادس من يناير بعشرات الصواريخ رداً على اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت.

ومعلوم أن قاعدة ميرون تبعد عن الحدود مع لبنان نحو 7 كيلومترات وتُعرف بأنها إحدى عينيْ إسرائيل التي ترى كل شيء، وتُعنى بتنظيم وتنسيق وإدارة كامل العمليات الجوية باتجاه سورية ولبنان وتركيا ‏وقبرص والقسم الشمالي من الحوض الشرقي للبحر المتوسط، وتشكل ‏مركزاً رئيسياً لعمليات التشويش الإلكتروني على الاتجاهات المذكورة، وأي تعطيل لها يعني «إعماء إسرائيل».

«حبس الأنفاس»

وبعيد عملية «حزب الله» وعلى وقع غارات اسرائيلية على بلدات جنوبية عدة واستهداف منازل في أكثر من قرية، وبينما كانت المَغازي متعددة البُعد لـ «صعقة المغازي» التي أدمت الجيش الاسرائيلي وأبكتْ تل ابيب قيدَ «التشريح»، ارتفع «حبس الأنفاس» في ضوء أمرين:

- مضيّ السلطة اللبنانية بالجلوس على «مَقاعد الانتظار» لِمآلات ما يَجْري على الحدود الجنوبية متمسكة بالاصطفاف خلف «التلازم» الذي أرساه «حزب الله» بين «التهدئة على الجبهة اللبنانية وانتهاء حرب غزة»، وبإدارة الظهر لكل التحذيرات الدولية من إمكان توسيع الحرب في اتجاه «بلاد الأرز» ومن إساءة التقدير والتقليل من جدية التهديدات الاسرائيلية.

- الاعتقاد بأن «العملية المركّبة» التي نفّذتها «حماس» في المغازي ستترك تأثيراتٍ عميقةً سواء على المحاولات المستمرّة لإيجاد ترتيبات أمنية – سياسية لليوم التالي بعد حرب غزة تؤسس لوقف الحرب، أو على المرحلة الثالثة من القتال التي يفترض أن الجيش الاسرائيلي بدأها وتشتمل على سحب عدد من القوات من المناطق الشمالية للقطاع.

والتأثير «الفوري» الأهمّ ارتسم من الصورة غير المسبوقة منذ فترة والتي جمعتْ كلاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعضو حكومة الحرب بيني غانتس ووزير الدفاع الذين اكدوا في تصريحات مشتركة في بداية اجتماع أعضاء مجلس إدارة الحرب ان «الثمن الذي ندفعه في هذه الحرب باهظ» متمسكين بالسعي «لتحقيق هدف لا بديل عنه وهو تحقيق النصر الكامل».

ولم يكن عابراً أن يتطرق هذا الاجتماع الى الوضع في شمال اسرائيل، وسط إعلان غالانت «أن حزب الله مستمر في الاستفزاز، وقد قمتُ الآن بتقييم خاص للوضع في هذا الشأن. نحن مستعدون، لا نريد الحرب، ولكننا مستعدون لأي وضع قد يتطور في الشمال. لذلك يد واحدة نحو الجنوب ويد وعين ساهرة نحو الشمال».

وفي موازاة الاعتقاد أن ضربةَ المغازي الموجعة ستقلّل من التفسّخات في الجسم الحكومي الاسرائيلي في ضوء وقوف تل أبيب أمام منعطف خطير في خياراتها التي تضيق والتي يصعب تَصَوُّر أنها ستنكفئ بإزائها عن هدف درء «الخطر الوجودي» الذي وضعها أمامه «طوفان الأقصى» والذي رفعت بإزائه شعار «7 اكتوبر لن يتكرر مرة أخرى مهما كلف الأمر»، فإن الواقع اللبناني سيبقى محكوماً بتسليمٍ رسمي لـ «حزب الله» بالإمساك بالإمرة في الحرب والسلم، وبانقساماته السياسية التي تجعل الانتخابات الرئاسية تدور منذ 1 نوفبمر 2022 في حلقة مفرغة من تجاذباتٍ لا تخلو من امتدادات اقليمية باتت أكثر ترسخاً بعد «طوفان الأقصى».

«مجموعة الخمس حول لبنان»

وإذ تتجه الأنظار إلى محاولة متجدّدة من «مجموعة الخمس حول لبنان» (الولايات المتحدة، السعودية، فرنسا، مصر، وقطر) لإحداثِ خرْقٍ صعب في الجدار الرئاسي المسدود على قاعدة الفصل بين هذا الاستحقاق وبين «المسار الحربي» في جنوب لبنان والمربوط بدوره بحرب غزة، وإمرار رئيس بمواصفاتِ «الخيار الثالث» (غير سليمان فرنجية وجهاد أزعور) مستفيدةً من مناخاتٍ تجعل غالبية دول المجموعة منخرطة بأدوار وساطة أو تهدئة أو نقل رسائل مع إيران لتفادي تفجير نزاع كبير في المنطقة، استوقف أوساطاً سياسية أمس موقف لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، أعلن فيه أن اسرائيل التي تهدّد على جبهة جنوب لبنان هي «التي تشعر بقلق بالغ من أن يوسّع حزب الله» الحرب في جبهتها الشمالية.

وفي حين مضى السفيران السعودي وليد بخاري والمصري علاء موسى في حركة تمهيدية لاجتماع لسفراء «مجموعة الخمس» بغية وضع «خريطة طريق لعمل الخماسية» (كما قال موسى)، فزار كل منهما أمس رئيس البرلمان نبيه بري، كرر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي «ان قرار الحرب حتماً ليس بيد الدولة اللبنانية، إنّما في الجعبة الإسرائيليّة، وهذا ما قلناه منذ اليوم الأوّل لاندلاع المعارك. أمّا نحن، فننشد الاستقرار والسّلام، عبر الالتزام بكلّ القرارات الدّوليّة».

وأوضح لصحيفة «نداء الوطن» أنّه «في ما خصّ ما قلته بوقف إطلاق النّار في غزة، فالقاصي والدّاني، القريب والبعيد، يطالب بوقف إطلاق النّار، كونه باباً لكلّ الحلول»، وركّز على أنّ «موقفي لا يعني تبنّي شعار وحدة السّاحات، إنّما ينطلق من واقعيّة سياسية تفرض ذاتها ليس على المستوى اللّبناني فحسب، إنّما في البعدَين الإقليمي والدّولي».

وتساءل، رداً على من يعتبر أنّ موقفه يعطي مشروعيّة لـ «حزب الله»، «هل أنا من منح حزب الله شرعيّته في الجنوب حين أبرم تفاهم ابريل (1996)؟ (رعاه الرئيس الشهيد رفيق الحريري)»، قال حين سئل إذا كان صحيحاً أنّ هناك مهلة محدّدة للبنان، وإلّا فإنّ إسرائيل ستعمد إلى التّصعيد: «لم أسمع أيّ كلام عن مهلة أو تاريخ محدّد، ولكنّي سمعت أنّ الأمور تضيق إذا لم يحصل نوع من الاستقرار. وبإذن الله لن تكون هناك حرب».

وحول إذا كان الموفد الأميركي آموس هوكشتاين قد فشل في مهمّته، أشار إلى أنّه «ليس على حدّ علمي. ولم يذكر أمامي طرح تراجُع «حزب الله» مسافة 7 كيلومترات. طَرح برنامجاً معيّناً ولسنا بعيدين عنه. كلّ ما يمكنني قوله، إنّه حمل طرحاً مقبولاً بعد عودة الاستقرار إلى الجنوب، أي تحقيق الاستقرار النّسبي، تمهيداً لتثبيت الاستقرار الدّائم»، موضحاً أنّه «في الوقت الحاضر، الطّرح أمني. الأكيد أنّ هوكشتاين لم يفشل في مهمّته، ونحن بصدد المتابعة، والأمور ستظهر خلال الأسابيع المقبلة».

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار