جرائم ضدّ الإنسانية تُرتَكَب في معظم مدارس لبنان وتجعل إداراتها راسبة بالخطّ العريض... | أخبار اليوم

جرائم ضدّ الإنسانية تُرتَكَب في معظم مدارس لبنان وتجعل إداراتها راسبة بالخطّ العريض...

انطون الفتى | الإثنين 05 فبراير 2024

سكرية: لتحفيز الطلاب على الالتزام بساعات محدّدة عند استعمالهم وسائل التكنولوجيا

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

مع احترامنا ومحبّتنا لجميع العاملين في المجال التربوي، ولجهودهم وأتعابهم المُضنِيَة على أكثر من صعيد، إلا أن هناك أموراً أبْعَد من البحث عن وسائل لزيادة الأقساط المدرسية بألف شكل وطريقة وذريعة، وأعمق من التسابُق على "ابتداع" الأنشطة التي تؤمّن مزيداً من التمويل للموازنات المدرسية، وأهمّ من إرسال الطالب الى منزله "مزروكاً" بالواجبات والفروض المدرسية التي تتطلّب عملاً طويلاً، والتي لا تزيد المعرفة والمهارات بشكل فعّال، في كثير من الأحيان.

 

جريمة...

فمن المؤسف جدّاً أن بعض المدارس تربّي طلابها على البقاء موصولين بالإنترنت ووسائل التكنولوجيا ما لا يقلّ عن 15 أو 16 ساعة خلال 24 ساعة، وعلى كل ما يُبقيهم في تلك الحالة، وكأن ذلك هو الباب أو المعيار الأساسي للتطوُّر والتعلُّم والتمتُّع بتصنيف "عالمي"، أو بصفة "التلميذ الذهبي". وهذه كارثة كبرى، وجريمة ضدّ الإنسانية.

ففي أكثر البلدان تطوُّراً، حتى على صعيد إنتاج التكنولوجيا لا استهلاكها فقط، تعلو الأصوات بين الحين والآخر حول ما يمكن تسميته بـ "ديتوكس" من الإنترنت، ومن الألواح التكنولوجية، ومن أجل الالتزام بالساعات المسموحة لاستعمال وسائل التكنولوجيا بحسب كل فئة عمرية، نظراً لما لها من أضرار على الصحة، سواء على مستوى الجهاز العصبي، والسلامة النفسية، واضطرابات النوم، ومشاكل العيون، أو تحفيز انتشار بعض أنواع الأمراض، سواء تلك المزمنة أو المميتة.

فماذا عن أهميّة خلق قناة بين وزارة الصحة من جهة، والمدارس في لبنان من جهة أخرى، حول تلك الأمور، بموازاة تفعيل وعي الكبار على مثل تلك المشاكل، كجزء من طب وقائي تزداد الحاجة إليه في بلادنا أكثر فأكثر.

 

الكبار أيضاً

أكد رئيس حملة "الصحة حق وكرامة" الدكتور اسماعيل سكرية أن "الالتصاق بالتكنولوجيا لساعات طويلة في اليوم له آثار صحية سلبية كثيرة، من بينها تلك التي تطال العمود الفقري بشكل مباشر".

وشدّد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" على أن "من أولى إشارات الاستخدام المُفرِط للتكنولوجيا، هي التدهور الثقافي والمعرفي. فثقافة الإنسان تجنح نحو التفاهة أكثر في تلك الحالة، وتُصبح تقنية فنيّة، بدلاً من أن تكون عميقة. وبالتالي، تُقيَّد العقول مع ما تُمليه عليها التكنولوجيا، وهي حالة تطال الكبار أيضاً، وليس الأولاد فقط".

 

في الطبّ...

وكشف سكرية أن "برمجة عقول الكبار على التكنولوجيا نصادفها في الطب أيضاً. فعلى سبيل المثال، قد يقول المريض لطبيبه إنه بحث عن حالته الصحية عبر "غوغل"، فيتصرّف على أساس أنه حصل على الحقيقة من الإنترنت بدلاً من تشخيص الطبيب. وهذا يزيد الضياع ويخرّب كل الجهود، ويضرب سُلَّم ترتيب الأدوار في القطاعات كافّة، وينصّب التكنولوجيا كمرجع لكلّ شيء إذ يشعر الإنسان بأنه بات يعلم كل الأمور".

وأضاف:"استعمال التكنولوجيا بشكل مُفرِط يخرّج عقولاً تقنية فنية، مُبرمَجَة على معرفة مُسوَّقَة ومُصنَّعَة، وهو ما يمكنه أن يتسلّل بخطورته الى مهنة الطبّ أيضاً. فتحويل التكنولوجيا الى شريك كامل ووحيد في العلاقة مع المريض، وعلى مستوى التشخيص والقرار، تفصل الطبيب عن إنسانيّته، وعن الحسّ "الكلينيكي" الذي يجب أن يتمتّع به".

 

عبيد

ودعا سكرية الى "تحفيز الطلاب على الالتزام بساعات محدّدة في اليوم عند استعمالهم وسائل التكنولوجيا، والى منعهم من أن يتحوّلوا الى عبيد لتلك الوسائل. فمن غير المقبول أن يكون الأولاد عاجزين عن ترك هواتفهم مثلاً، لأكثر من دقائق قليلة جدّاً، وهو ما يؤذي صحتهم، ويُفرّغهم من العمق المعرفي والإنساني. وهذا ما نلاحظه في المواد التي تُنشَر على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تزخر بالتفاهات والسطحية".

وختم:"من الضروري جدّاً وضع حدّ للعلاقة القائمة بين الولد والإنسان عموماً، وبين الآلات والتكنولوجيا. وهنا ندعو لتنبيه الأهل أيضاً الى وجوب مراقبة أولادهم، وعدم السماح لهم بالبقاء موصولين بالتكنولوجيا في كل الأوقات. فمن أكثر ما يتمّ التركيز عليه في عالمنا المعاصر هو خلق شخصيات قيادية، فيما يظنّ الجميع أن ذلك يتمّ من خلال التكنولوجيا، بينما الحقيقة هي أنها (التكنولوجيا) تخلق شخصيات مُمَكْنَنَة و"روبوتية"، لا قيادية حقيقية".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار