هل سقطت قواعد الاشتباك على جبهة الحدود الجنوبية بعد الغارات الاسرائيلية على النبطية؟ | أخبار اليوم

هل سقطت قواعد الاشتباك على جبهة الحدود الجنوبية بعد الغارات الاسرائيلية على النبطية؟

| الجمعة 16 فبراير 2024

هل سقطت قواعد الاشتباك على جبهة الحدود الجنوبية بعد الغارات الاسرائيلية على النبطية؟
انها مرحلة تثبيت قواعد الردع ولا توجد مؤشرات الى تصعيد دراماتيكي واسع

"النهار"- ابراهيم بيرم

معظم المعطيات الميدانية والوقائع السياسية كانت توحي بأن الصراع المفتوح بين "حزب الله" والاسرائيليين على جبهة الحدود الجنوبية، آيلٌ حتما الى تصعيد واحتدام، واستطرادا الى توسيع المواجهة والتفلت من قواعد الاشتباك منذ الثامن من تشرين الاول الماضي، خصوصا ان أفق الحلول في غزة موصد تماما وان الاسرائيليين ماضون قدماً في حربهم على المدينة المحاصرة وان الحزب رفض التجاوب مع كل الوساطات والضغوط لإبعاده عن المشاركة في تلك المواجهات.

وفي هذا السياق انطوى الخطاب الاخير للامين العام للحزب السيد حسن نصرالله على إشارات تؤكد ان الحزب طوى للتوّ صفحة مرحلة، وأذن بفتح صفحة جديدة اكثر احتداما وضراوة، لذا كانت الضربة على المواقع العسكرية الإسرائيلية في محيط صفد المثال العملاني - الميداني الابرز على هذا التوجه الجديد للحزب.

ووفق مصادر على صلة بالحزب، فان نصرالله اكد خلال اطلالته الاخيرة على الآتي:
- اسقاط وتبديد كل الجهود والوساطات الاوروبية التي بُذلت وراهنت على امكان اقرار تهدئة على الجبهة الجنوبية. ومعلوم ان نصرالله اسهب خلال تلك الاطلالة في تسخيف العروض الاوروبية، كما اسهب في رده على الذين اعترضوا على مشاركة الحزب تحت عنوان عدم جدوى هذا الفعل الذي يصير خسارة للبنان.

- وفي طيات كلامه اسقط نصرالله ايضا فرضية راجت اخيرا ومفادها ان ايران تسعى الى تمييز نفسها عما يحدث، وانها في وارد عقد تفاهم وإبرام صفقة مع واشنطن، وان ارتدادات مثل هذا الامر ستمتد حتما الى الساحة اللبنانية على نحو يلزم الحزب بالانخراط في غمرة تفاهمات آتية.
وسارع نصرالله الى تلقف الضغط الذي يمارَس على لبنان لتنفيذ القرار الاممي 1701 باطلاق ما ينبىء بانه صار زاهدا بهذا القرار، وان موازين القوى التي فرضته قبل 17 عاما تحولت وتبدلت، وبالتالي صار لزاماً على لبنان المطالبة بمنطقة عازلة على الجانب الاسرائيلي من الحدود على غرار ما هو مطلوب من لبنان. وهذا من شأنه ان يفتح سجالا جديدا محوره تعديل هذا القرار لان المعادلة السابقة باتت مرفوضة. وثمة من قرأ في مضامين خطاب نصرالله وتوقيته انه كان يسعى الى تكريس معادلة جديدة عنوانها انه اذا هجّرتم سكان غزة الى الجانب المصري من الحدود فاننا مستعدون لتجاوز السقوف والحدود ونعمل على تهجير كل سكان الشمال الاسرائيلي.

وهكذا، وبعد كل جرعة التحدي تلك، اسند "حزب الله" كلام نصرالله بفعل ميداني بان توجُّه الحزب صار اكثر ضراوة وشراسة. ولم يطل الوقت حتى أتى البرهان اذ بعد نحو اقل من ساعة ونصف ساعة على انتهاء نصرالله من كلمته كان مقاتلو الحزب يستهدفون للمرة الاولى مركز الشرطة في كريات شمونة احدى كبريات مستوطنات الشمال، ويلحقون به اصابات مباشرة.
ومع ان هذه الواقعة هي من منظور عسكري تُعدّ تطورا نوعيا، إلا ان اسرائيل امتصت مفاعيل تلك الضربة فأفصحت عن حد ادنى من التوجع والصخب وعضّت على الجرح. لكن الضربة التالية التي أتت بعد اقل من 36 ساعة كانت اشد وادهى، وهي وفق التقارير الاسرائيلية عبارة عن ضربة أتت بواسطة صواريخ دقيقة وربما من طراز جديد واستهدفت مواقع عسكرية اسرائيلية في صفد هي عمليا جزء من موقع قيادة الشمال الاسرائيلي، وقد أوقعت 9 اصابات بينهم قتيلة مجندة.

وتحت وطأة جسامة الحدث انطلقت في اسرائيل موجة اعتراض جديدة من سكان الجليل الأعلى تضاف الى موجات سابقة تحت عنوان ان ما حصل هو "انتصار اضافي مادي ومعنوي " لنصرالله وترسيخ متجدد لمعادلة فرضها الحزب منذ البدايات على كل الشمال الاسرائيلي ومن ضمنها التهجير الذي طاول ما يتعدى المئة الف مستوطن وطال امده.

الى ذلك، فان الاعلام الاسرائيلي مضى بعيدا عندما اعتبر ان ما جرى هو بمثابة "نكسة كبرى" سفّهت كل تهديدات القيادة الاسرائيلية العسكرية والسياسية بمعاقبة الحزب ولبنان واعادة الامور الى ما كانت عليه قبل 8 اكتوبر، في حين ان نصرالله وعد ونفّذ مقاتلوه وعيده.
وعلى المستوى الاستراتيجي كانت تحليلات الخبراء الاسرائيليين تركز على امر اساسي هو ان ما حصل في صفد استثنائي وقاسٍ جدا.

وثمة ضجة اخرى انطلقت بعدما استنكف الحزب عن اصدار بيان يتبنى فيه عملية قصف محيط صفد على غرار ما يفعله عقب كل عملية ينفذها. وهو ما عزز الاعتقاد بان ثمة جهة اخرى تقف وراء الحدث، او ان مصدر القصف من غير الجنوب. ومع ذلك فان الاسرائيليين لم يتوقفوا عند هذا الامر فحمّلوا الحزب المسؤولية والتبعة.

وفيما كانت القيادة العسكرية والامنية الاسرائيلية تعلن انها اعطت الاوامر لسلاح الجو لكي يرد بالشكل الملائم على عملية صفد، كان الاعلام الاسرائيلي يتحدث عن ان قيادة سلاح الجو فتحت تحقيقا في اسباب اخفاق منظومة الدفاع الجوي باعتراض الصواريخ التي اصابت كريات شمونة ومحيط صفد.

وكشف الاعلام الاسرائيلي عن بُعد استراتيجي لضربة الحزب وهو ان كلا المنطقتين المستهدفتين "يُفترض مبدئيا انهما تحظيان بحماية واسعة كونهما تضمّان مواقع استراتيجية". وبناء على كل هذه الوقائع أتى الرد الاسرائيلي باستهداف مناطق مدنية، خصوصا في النبطية التي سبق لها ان شهدت عملية ملاحقة مسيّرات لسيارة في وسط المدينة ما احدث دمارا ورعبا.

ومع ان الشخص الثاني في الحزب السيد هاشم صفي الدين توعّد بعد وقت قصير على الغارة الاسرائيلية "بردّ حتمي سيكون بالمستوى المطلوب آت ولاريب"، فان السؤال المطروح دوماً هو: هل ان زمن الحرب المتفلتة من القواعد والبِلا سقوف قد دنا؟

الاجابة يعطيها الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد امين حطيط الذي يستبعد مثل هذا الانفلات، ويقول ان التمادي الاسرائيلي في العدوان اخيرا يأتي ليخدم امرين:
الاول، الرد المباشر على ما تعرّض له.

الثاني، محاولة استدراج الحزب الى رد أبعد مدى ويتجاوز القواعد المألوفة، ما يعطي نتنياهو ذريعة ينتظرها لفتح ابواب الحرب الواسعة ويحقق غايته الاساسية الدائمة وعبرها يستدرج الاميركيين ليكونوا الى صفه.

ولكن الحزب، يضيف حطيط، متنبه ويتحاشى الاستدراج والانزلاق الى ما يريده نتنياهو ويخطط له منذ زمن. ويشير الى ان واشنطن تسعى الى حصر النار في غزة ولا تريد توسيع الحرب، ومن هنا يبدو العدوان على غزة طويلاً.

وبالاجمال، يخلص حطيط الى الاستنتاج انه على رغم ما تحمله التطورات الاخيرة من أبعاد، فان الامور عائدة الى الانضباط وفق قواعدها السابقة.

ولدى الخبير الاستراتيجي عمر معربوني استنتاج جازم فحواه: "ان المرحلة هي مرحلة تثبيت قواعد الردع، ولا توجد مؤشرات الى تصعيد دراماتيكي واسع".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار