الامتناع عن الهواتف: هل يلغي الاستهدافات الحربية؟ | أخبار اليوم

الامتناع عن الهواتف: هل يلغي الاستهدافات الحربية؟

| السبت 17 فبراير 2024

الامتناع عن الهواتف: هل يلغي الاستهدافات الحربية؟
اللبنانيون يستخدمون تكنولوجيات ليسوا هم من صنعوها  ولا يستطيعون السيطرة عليها

"النهار"- مجد بو مجاهد

تحرّض تصريحات الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله المواطنين الجنوبيين على الحدّ من استخدام الهواتف الخليوية، في اعتباره أنها ساهمت في الاغتيالات التي استهدفت المقاتلين منذ بدء الصراع الحدوديّ الناشب مع إسرائيل قبل أسابيع. وثمة هواجس اتضحت للعيان على نطاق القرى الجنوبية المحاذية للحدود خصوصاً منذ أن تأجّجت المناوشات الحربية، تحاذر من كيفية استخدام الهواتف الخليوية قبل التوصيات التي أصدرها "حزب الله" من دون أن تتحوّل استفظاعاً.

ولم ينحصر الإحتراز المتوجّس في مناصري محور "الممانعة" بل شمل أيضاً معارضي "حزب الله" من ناشطين سياسيين وباحثين اجتماعيين الذين اتخذوا أيضا، وإن لأسباب مغايرة ومختلفة، قرار "الاختفاء الالكتروني" كلّما زاروا مناطق جغرافية متفجّرة أمنياً أو سياسياً على حدّ سواء. ولم يسبق أن شمل الحذر المواطنين العاديين الذين لم يحدّوا من استخدامهم للهاتف في مرحلة سابقة وهناك من يقلّل من إمكان التزامهم بتوضيبها حالياً طالما أنها تشكّل جزءاً أساسياً من يومياتهم ونظراً لاستحالة تطبيق نظرية "جنوب لبنان من دون هواتف خليوية". وقد شكّلت الحملة التي كان بدأها حديثاً الناشطون التابعون لـ"حزب الله" عبر مواقع التواصل الاجتماعي بغية حثّ المناصرين على الامتناع عن استخدام الهاتف الخليوي انتقادات مستغربة على مستوى معارضي محور "الممانعة"، طالما أنّ استخدام المنصات الاجتماعية يحصل عبر الانترنت على تنوّع الأجهزة الالكترونية شمولاً في الهواتف المحمولة.

لا يخفي جنوبيون صعوبة الأخذ في النداءات التي يراد منها خفض استخدامات الخليوي بعدما تحوّل جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية بالنسبة إلى المواطنين الذين لم ينقطعوا في غالبيتهم حتى اللحظة عن الهاتف إلا في حالات خاصة بتدابير أمنية. وينطبق الحذر تحديداً على المتحدثين السياسيين على تنوّع انتماءاتهم الموالية أو المعارضة لـ"حزب الله" الذين قد يكونوا هدفاً للتنصّت من قوى مختلفة، إضافة إلى ذوي المقاتلين الذين كانت توجيهات نصرالله خاصة بهم بشكل خاص. ولا يأخذ جميع المواطنين محاذير الأمين العام لـ"حزب الله" في الاعتبار بحسب بعض انطباعات المعارضين من قوى التغيير في الجنوب تحديداً الذين يعتبرون أنّ الامتناع عن استعمال الهواتف لا يلغي أهداف الاغتيال رغم أنه يجعل المهمّة أكثر تعقيداً. وثمة من يقرأ المناوشات الحدودية جنوباً على أنها أشبه بما كانت عليه الحرب في السبعينيات على نطاق 5 كليومترات قبل أن تشمل مناطق إضافية، ما لا يجعل جميع المواطنين الجنوبيين منخرطين في أجواء الحرب وتداعياتها ويقلّص ضرورة التزامهم بما أوعز به نصرالله. لكن، ثمة تساؤلات أكثر آنية تطرح حول إذا كان الحدّ من استخدام الهواتف يسهم في إنهاء الاغتيالات المتلاحقة لعناصر "حزب الله"؟

يقول الخبير في الأمن السيبراني والتحوّل الرقمي رولان أبي نجم إنّ "في استطاعة الهواتف الخليوية أن ترصد كلّ المعلومات عن مستخدم الجهاز بما لا ينحصر في الاتصالات وكيفية الاستعمال، بل إنّ أي هاتف يحوي مذياعاً، ومن السهولة التنصّت على أحاديث اجتماعات أي شخص ومعرفة مكان وجوده. وقد تكمن المعضلة أمام "حزب الله" في أنّ مقاتليه الذين ألغوا الهواتف الخليوية من يومياتهم يعيشون مع ذويهم ويلتقون أصدقاءهم ويتنقلون في الشوارع فيما من السهولة معرفة مكان وجودهم عبر تقنيات بصمة الصوت". وتالياً، إنّ طلب نصرالله من المناصرين والسكان الجنوبيين التخلي عن استعمال الهواتف الخليوية ليس منطقياً، وفق ما يضيفه أبي نجم لـ"النهار"، في اعتبار أن "هناك استحالة في الاستغناء عنها على نطاق فئات واسعة من المواطنين الجنوبيين في استثناء المقاتلين. ويغيب عن "حزب الله" أنّ الإشكالية لا تعتبر محصورة في استخدام الهواتف بل إن الأجهزة المنزلية المتّصلة بالانترنت على تنوّعها، لا إمكان للسيطرة عليها ومن السهولة اختراقها ما يشمل التلفزيونات والالكترونيات. ويحصل أن اللبنانيين يستخدمون تكنولوجيات ليسوا هم من صنعوها ولا يعرفون كيفية عملها ولا يستطيعون السيطرة عليها".

وإذا كانت الدعوة للتخلي عن الهواتف الخليوية لا تصحّ فإنها محاولة للتقليل من حجم الأضرار التي يعانيها "حزب الله" وتبرير عمليات الاغتيال المتسارعة، بحسب أبي نجم، ذلك أنّ "التكنولوجيا وإن كانت تشكّل جزءاً من الأسباب المساعدة على تنفيذ إسرائيل عمليات الاغتيال التي تطاول مقاتلي "حزب الله"، لكنها ليست في استطاعتها وحدها أن تؤدي إلى نتائج من دون وجود عملاء في الداخل اللبناني، ما حاول نصرالله التقليل منه في تصريحه الماضي". إذاً، إن اتخاذ إجراءات جنوب لبنان للحدّ من استخدام الأجهزة الالكترونية أو إزالة كاميرات المراقبة من الشوارع لا تشكّل سوى نسبة ضئيلة من الحيطة الممكنة، في استنتاج أبي نجم، طالما أنّ "إسرائيل تحوز إمكانات متطوّرة بما يشمل المسيّرات وأبراج المراقبة البعيدة وطائرات الاستكشاف والأقمار الاصطناعية التي تمكّنها بسهولة من رصد الأجواء اللبنانية وخصوصاً الجنوبية". ولا يلغي أبي نجم أن "فساد السلطة السياسية اللبنانية التي تشمل "حزب الله"، كان سبّب اختراقات أمنية إضافية فيما إن صيانة الشبكات الخليوية منقطعة منذ سنة 2019 وتطويرها منعدم، ولا يشمل الانفاق سوى تشغيل مولّدات المازوت فحسب. ويغيب تدريب الموظفين وتدعيم الخبراء في الأمن السيبراني بعدما وُضِعت استراتيجية عام 2018 من دون أن تطبّق". ويعرّج على "الاختراق الالكتروني الذي شهده مطار بيروت الدولي في اعتباره عملاً داخلياً طالما أن الشاشات موصولة داخل المطار. وثمة قدرة على معرفة تفاصيل أي اختراق إلا في حال كان الاختراق خارجياً مع إمكان معرفة وجهته، لكن القول إنّ عملية الاختراق غامضة فذلك ترجيح يرتّب علامات استفهام خصوصاً أن التحقيقات لم تطلب الحصول على معلومات خاصة من مدير عام أوجيرو".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار