باريس وواشنطن تسابقان في لبنان شبح مواجهة إقليمية | أخبار اليوم

باريس وواشنطن تسابقان في لبنان شبح مواجهة إقليمية

| الخميس 22 فبراير 2024

باريس وواشنطن تسابقان في لبنان شبح مواجهة إقليمية

خريطة طريق الحل بعد غزة تبدأ بالمساعدات الدولية للجيش


 "النهار"-  سمير تويني

لماذا لا تتقدم الحلول التي عرضها الموفدون الدوليون وما الذي يعوقها لحل الصراع الدائر على الحدود اللبنانية - الاسرائيلية؟ وهل زيادة الضغوط على الاطراف المحلية والدولية ستسرّع الحل على ابواب انتخابات رئاسية اميركية ما زالت غامضة رغم تقدم دونالد ترامب، الذي يبقى مصير حملته غامضا على الرئيس الحالي جو بايدن؟

مصادر عليمة متابعة للملف اللبناني - الاسرائيلي تقول إن جولة وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في المنطقة اتاحت اجراء محادثات مع نظرائه المصري واللبناني والاوروبي والاسرائيلي لبلورة مقترحات ملموسة بالتعاون مع واشنطن للحد من التوتر على الحدود بين لبنان واسرائيل. والهدف منها وضع خريطة طريق باتت خطوطها العريضة محددة للتوصل الى حل ديبلوماسي بين البلدين وخفض التوتر وتجنب التصعيد.

وستُعرض هذه الورقة على النقاش بين الدول الداعمة للبنان للحد من التوترات وابقاء المنطقة تحت السيطرة في مرحلة اولى، لان باريس والعديد من العواصم الغربية تشعر بقلق بالغ إزاء مستوى التوتر المتزايد خلال الايام الماضية على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية، وما يقومون به هو لملء الوقت الضائع بانتظار وضع اقليمي مؤات.

فالتطورات في الجنوب تتلاحق بوتيرة متسارعة وعنيفة حيث هناك مخاوف كبيرة من اشتعال فتيل انفجار اقليمي لا تريده واشنطن ولا طهران لانه سيؤدي الى توسع النزاع واقحام المنطقة في حرب شاملة ومدمرة. وما يجري يراكم مخاطر قد تؤدي الى خروج الامور عن السيطرة، وفي هذا السياق تقوم باريس وواشنطن بانضاج حلول وتفاهمات سياسية تخرج لبنان من دائرة التوتر في محاولة لتثبيت أمنه واستقراره على جانبي الحدود للانطلاق في ما بعد الى وقف شامل للقتال يؤمّن عودة اللاجئين من طرفي الحدود الى قراهم.

من جهة اولى، تحاول الاطراف المتطرفة داخل الحكومة الاسرائيلية والتي تدعو الى شن حرب على لبنان الحصول على دعم اميركي يفسح لها المجال لاستخدام الاسلحة المتطورة التي حصلت عليها مؤخرا من واشنطن لشن حرب على "حزب الله"، لكن من المستبعد ان يسمح الاميركيون بحرب كهذه لانها ستؤدي الى مواجهة اقليمية اوسع من لبنان، وقد تمكنت الادارة الاميركية، رغم الضغوط، من المحافظة على قواعد الاشتباك المتفق عليها. وتسعى اسرائيل الى جر الحزب الى الحرب ووضع الرئيس الاميركي جو بايدن على ابواب انتخابات رئاسية اميركية امام خيار صعب: إما مساعدة اسرائيل، وإما تكبّده ثمناً سياسياً نتيجة احجامه عن مساعدة الدولة العبرية، مما يؤدي الى وضع خطير لأن واشنطن تتهم نتنياهو بأن له مصلحة في توسيع رقعة الصراع. وقد ارسلت الولايات المتحدة العديد من الرسائل الى الاطراف الاقليمية تشدد فيها على انها لا تريد حربا شاملة وتعمل على صوغ حلول لانهاء الحرب.

من جهة أخرى، ان الوضع على الحدود اللبنانية - الاسرائيلية في غاية الخطورة، لانه حتى في حال التوصل الى وقف للنار في غزة لا ترد ترتيبات رسمية مماثلة لتهدئة الجبهة في جنوب لبنان، فتحتفظ اسرائيل بهامش للاستمرار بضرب اهداف في الجنوب والمطالبة بتنازلات مقابل انهاء حملتها العسكرية، اي انسحاب قوات الحزب من الحدود لتأمين منطقة خالية من السلاح على حدود اسرائيل الشمالية. ويتوافق المطلب الاسرائيلي مع قرار مجلس الامن رقم 1701 الذي انهى الصراع عام 2006 ودعا الى انشاء منطقة عازلة خالية من السلاح سوى التابع للجيش اللبناني و"اليونيفيل". وفي هذا السياق، تلتزم الحكومة اللبنانية القرار الدولي، ووجود عناصر الحزب بسلاحهم يشكل انتهاكا علنيا للقرار الاممي الذي تدافع عنه الحكومة اللبنانية.
باريس وواشنطن تحاولان تجنب تدهور الوضع على الحدود وتقترحان حلاً لانهاء القتال في جنوب لبنان وتضعان ورقة متكاملة لحل الازمة السياسية والاقتصادية في لبنان بدءا من حل النقاط الخلافية على الحدود وانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة تقوم بالاصلاحات الاساسية وتأمين المساعدات العسكرية للجيش اللبناني، وقد وُجهت الدعوة الى مؤتمر للمانحين، ومساعدات اقتصادية ومالية لمساعدة لبنان واللبنانيين.

غير ان الحزب يرفض الاقتراحات المقدمة ولن يتوقف عن القتال إلا عند انتهاء الحرب في غزة، مطالبا بالعودة الى ما كان الوضع عليه قبل اندلاع الصراع في 7 تشرين الاول.

وتعتبر باريس وواشنطن ان هناك فرصة لتسوية تناقض الموقف السلبي للحزب. فانشاء منطقة عازلة يحتاج الى قوة على الارض تدقق لان عناصر الحزب بامكانهم الدخول الى المنطقة متى شاؤوا لانهم يتحدرون منها، وهذا ما حصل عام 2006 مع القرار 1701 إذ سرعان ما عاد عناصر الحزب بسلاحهم الثقيل الى الحدود ولم تكن للجيش و"اليونيفيل" السلطة لمنعهم.

ووفقاً لما يعلنه المسؤولون في "حزب الله" من المؤكد انهم لا يرغبون في الالتزام بوقف الاعمال العسكرية قبل نهاية الصراع في غزة، اذ ان الحزب سيوافق على انهاء رسمي للقتال في لبنان حالما يتوصل الطرفان الاسرائيلي والفلسطيني الى انهاء الحرب في غزة، متفاديا اي غموض في موقفه. ويبدو ان السلطات الاسرائيلية لا توافق على هذا الحل طالما انها مدعومة من اكثرية شعبية، لكنها تواجه معارضة من واشنطن خوفاً من زج القوات الاميركية في حرب في الشرق الاوسط ستقوّض مساعي بايدن لاعادة انتخابه. ويمكن لواشنطن التوقف عن تزويد اسرائيل بالسلاح في حال إقدام اسرائيل على توسعة الحرب من دون موافقتها.

والحرب على لبنان قد تؤدي الى مواجهة مع ايران لا تريدها الولايات المتحدة لآثارها على منطقة الشرق الاوسط. وتعتبر مصادر ان سحب الحزب قواته من الحدود تحت الضغط الدولي سيكون ضمن مقايضة تفضي الى مطالبته بتنفيذ مطالبه السياسية، رغم اعلان السيد حسن نصرالله عدم وجود ترابط بين الحرب والسياسة الداخلية، ومطالب داعمته ايران. فالوضع على الحدود بين البلدين تغير بعد الحرب على غزة وسيتعين على الأفرقاء الداعمين للبنان التحضير لما بعد غزة من خلال القيام بتأمين اعادة هيكلة الجيش اللبناني من خلال مساعدات دولية يتم التحضير لها، وتعزيز دور القوات الدولية في جنوب لبنان كمرحلة اولى خلال الوقت الضائع لتقديم الضمانات المتبادلة لتأمين سلامة الجنوب وعودة النازحين الى ديارهم من خلال حل النقاط الخلافية على الحدود ،على ان يتم في ما بعد تأمين سد الفراغ الرئاسي وتشكيل حكومة فاعلة وفق خريطة طريق يصار الى التوافق عليها بين الاطراف في الداخل.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار