خلاف ولا طلاق بين الحزب و"التيار"... "وحدة الساحات" خدمت العونيين | أخبار اليوم

خلاف ولا طلاق بين الحزب و"التيار"... "وحدة الساحات" خدمت العونيين

| الخميس 22 فبراير 2024

خلاف ولا طلاق بين الحزب و"التيار"... "وحدة الساحات" خدمت العونيين
 الشريحة الكبرى من البيئات المسيحية لا تؤيّد المواجهات المفتوحة على أرض الجنوب

 "النهار"- رضوان عقيل

كانت قيادتا "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" تعرفان أنهما ستصلان إلى هذه العلاقة الساخنة نتيجة افتراقهما في أكثر من امتحان في مجلسَي الوزراء والنواب، خصوصاً بعد الشغور الرئاسي نتيجة جملة من التراكمات والتباينات بين الطرفين التي أخذت بالظهور قبل الأحداث العسكرية في قطاع غزة وامتدادها إلى جنوب لبنان. ولم تأتِ المواقف الأخيرة للرئيس السابق ميشال عون ورئيس "التيار" جبران باسيل من فراغ، حيث كان من المتوقع أنهما لن يلتقيا مع رؤية الحزب حيال معادلة "وحدة الساحات" علماً بأن محور الأخيرة ساعد كثيراً في الإتيان بعون إلى سدة الرئاسة في قصر بعبدا بدل المرشّح سليمان فرنجية الذي حظي بدعم كتلة الرئيس سعد الحريري آنذاك. واتخذت قيادة الحزب ونوابه قراراً بعدم الرد ولا التعليق على كل ما ورد على لسانَي عون وباسيل نظراً إلى حساسية الموضوع المطروح، ولا سيما في هذا التوقيت مع تذكير الحزب لكل ما يعنيه الأمر في الداخل والخارج بأنه لن يُستثمَر ما يحصل في الجنوب في انتخابات الرئاسة ولا في أي ملف آخر، وهذا ما كان محل تشديد من السيد حسن نصرالله.

ومن يدقق في البيئات المسيحية يلمس أن الشريحة الكبرى منها لا تؤيّد المواجهات المفتوحة على أرض الجنوب ولو أن العونيين لا يلتقون مئة في المئة حيال هذه النقطة مع بكركي ولا مع حزبَي "القوات اللبنانية" والكتائب إلى جهات مسيحية أخرى لا ترى في معركة الجنوب أي فائدة مع ملاحظة أن "التيار" لم يكن يتوقع أو سواه الدخول في هذه المواجهة الشهر الخامس بدءاً من 8 تشرين الأول الماضي.

ولا يضع الحزب العونيين في سياق الآخرين هنا وإن تشارك "التيار" معهم الآن في دعوة الحزب إلى تحييد جبهة الجنوب عن غزة وتناغماً مع مطالب الأميركيين والغربيين ووفودهم التي حضرت إلى بيروت والتي لا تنفك تطالب بتحقيق هذا الأمر مع ثبات الحزب على لازمته المعهودة وربط المواجهات العسكرية بالجنوب بالتوصّل إلى وقف إطلاق النار في المحلين.

ولذلك أخذت العلاقة هنا منحى تصعيدياً بين الحزب و"التيار" في ذكرى ولادة تفاهمهما في شباط 2006، وهذه ليست المرة الأولى التي تحصل فيها إشكالات بينهما من هذا النوع التي ظهرت على السطح هذه المرة في مشهد يهدد تحالفهما وإن لم يصل إلى حدود الانفصال بحسب أهواء جهات عدة في الداخل والخارج، مع ملاحظة أن ما يعلنه العونيون هنا من تمايز عن الحزب سيبقي "القوات" متصدّرةً مشهد معارضة الحزب ولن يستطع "التيار" مجاراتها في هذا الميدان لجملة من الأسباب.

ولم يعد العونيون يقدرون على إخفاء ملاحظاتهم على أداء الحزب هنا على خطي النار في الجنوب والسرايا الحكومية، ولو أن باسيل لم يقدم على إعلان انفصاله نهائياً عن الحزب ولا "تمزيقه" أوراق بنود تفاهم مار مخايل.

ويرفض ناشطون في حلقة باسيل إعطاء ما صدر عن رئيس حزبهم ولا الرئيس عون كل هذه التوصيفات من الإسقاطات، حيث لا يزال هؤلاء يشددون على أن حزبهم يؤمن بالعلاقة مع الحزب وجمهوره والدولة الواحدة "والعيش معاً" على قاعدة "الشراكة المتوازنة" التي شعر العونيون بخلل كبير في بنيانها على ضوء رفضهم واعتراضهم على أداء ثنائي الحزب و حركة "أمل" خصوصاً في جلسات الحكومة.

وما يوضحه العونيون هنا أنهم في متن تفاهمهم مع الحزب ويؤيدون من جانبهم دعم مقاومة إسرائيل شرط أن تكون في إطار حدود لبنان ولحمايته. وثمة من يذكّر "التيار" هنا بأنه كان مع "وحدة الساحات" في تصدّي أركانها ومحورها لجماعات الإرهاب في الحرب السورية، حيث تم "استثمار انتصاراتها" التي صبّت في مصلحة العونيين وغيرهم من الحلفاء.

ويبقى ما حصل في الآونة الأخيرة في رأي "التيار" أنه لن يتم من طرف الحزب وغيره التي تفرض على الجميع ضرورة صون الحفاظ على مسألة العيش معاً واحترام هذه الشراكة في الحكومة، "حيث ترتكب مجازر دستورية في حق المسيحيين". ويقول "التيار" إنه لا يبدّل في اقتناعاته بالتفاهم مع الحزب لكنه يرفض في المقابل بعض "الردود الغرائزية" لكل من يخالفه الرأي جرّاء ما سمعوه من عون وباسيل، ولا سيما أن الطرفين لن يعمدا في النهاية إلى قفل قنوات الحوار بدليل أن رئيس "التيار" يبقى مع سياسة مد الأيدي التي تعمل على الحوار وفريقه لم يبدِ اعتراضه على مساعي الرئيس نبيه بري وتأييده في المبادرة التشاورية التي يحضر لها. ويُنقل عن قياديين في "التيار" أنهم لن يتوجهوا بالطبع إلى إعلان الطلاق مع "حزب الله"، لا بل على العكس، فإنهم تلقّوا إشارات من الحزب تشير إلى "تفهّم" حقيقة ما عبّر عنه عون وباسيل. وفي المقابل لا يريد الحزب بالطبع الدخول في سجال مع العونيين خصوصاً في هذا التوقيت ولا سيما أنه منهمك في إدارة دفة المواجهات العسكرية في الجنوب مع احتمال تفجّرها نحو تصعيد أكبر بعد التركيز الإسرائيلي الأخير على عدم اقتصار ضرباته على أهداف عسكرية، بل تخطّته إلى استهداف مؤسسات صناعية ومدنية.

ومع تصاعد تهديدات تل أبيب، وعلى ضوء الموقف الواضح لـ"التيار" من رفضه المناصرة الحربية للحزب للفلسطينيين في غزة، لم يعد من السهولة استعادة المناخات القديمة بين فريقين كبيرين على مستوى الشيعة والمسيحيين، حيث من المتوقَّع أن تكون علاقاتهما في المستقبل "على القطعة" مع حفاظهما على جملة من الأمور من تعاونهما مع الإشارة إلى أن ما حصل أخيراً سيقلّل من عامل الثقة بينهما وستكون له جملة من الارتدادات على أكثر من ملف في الحكومة وخارجها. وسيتمسّك كل طرف برؤيته الرئاسية أكثر وسيكرر "التيار" رفضه لتبنّي تأييد فرنجية حيث تختلط الملفات بعضها ببعض ولا شيء يُظهر بريق أمل وسط كل هذا الظلام السياسي والآفاق المسدودة. 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار