"حزب الله" يرى أنه حقّق تقدّماً في حرب المسيّرات | أخبار اليوم

"حزب الله" يرى أنه حقّق تقدّماً في حرب المسيّرات

| الجمعة 23 فبراير 2024

"حزب الله" يرى أنه حقّق تقدّماً في حرب المسيّرات
المقاومة ما زالت تملك حتى الآن زمام المبادرة وتتحكّم بخيوط التحكّم والإدارة

 "النهار"- ابراهيم بيرم


منذ أن أعلنت القيادة الإسرائيلية قبيل أيام اكتشافها المتأخّر لمسيّرة مجهولة سقطت في منطقة طبريا، وأن سقوطها أحدث انفجاراً محدوداً خلّف حفرة في الأرض، لتعلن بعدها بوقت قصير اكتشاف مسيّرة أخرى سقطت لتوّها في حديقة منزل في مدينة عكا، ساد في أوساط "حزب الله" استنتاج مفاده أن ثمة تحوّلات ميدانية ولغة غير معهودة يتوسّلها العقل الاستراتيجي الإسرائيلي في مقاربة نتائج المواجهات المفتوحة على مصراعيها التي يخوضها منذ 8 تشرين الأول الماضي مع "حزب الله".
ففي كلا الحادثين طفى على السطح عند الحزب إثباته هذه المرة أن لديه قدرة على إظهار مفاجآت نوعية وأثبت عبرها للقيادة الإسرائيلية أن خصمها الظاهر والمستتر على حد سواء قد نجح في استخدام منظومة دفاعية جوّية متطورة وحقق أيضاً خروقاً واضحة في المعادلة التي كانت إسرائيل تتصرّف على أساس أنها ملك وحكر لها، لأنه لا منازع ينازعها فيها وهي معادلة التفوّق الجوي بكل مسمّياته.
ولقد ازداد الأمر غموضاً في حسابات الإسرائيلي الميدانية، فالحزب لم يسارع كعادته إلى إعلان مسؤوليته عن إطلاق المسيّرتين معاً أو إحداهما كما هي عادته الدائمة منذ انطلاق المواجهات، وهو ما رفع منسوب الالتباس عند إسرائيل الساعية بكل ما أوتيت من قوة كاسحة إلى منع الحزب من تسجيل أي انتصار عليها مهما كان محدوداً ومتواضعاً.
وعلى رغم أن الحزب أصرّ على الاعتصام بالصمت حيال كلا التطوّرين، مضت تل أبيب قدماً في ردّها الرادع نحو أمرين:
الأول، إصرارها على تحميل الحزب التبعة والمسؤولية الحصرية، وعلى الأثر سارعت إلى الرد الموجع من خلال غارتيها المدمّريتن على معمَلي المولّدات والزيوت في الغازية رغم علمها أن ذريعة استهدافها موقعين عسكريين للحزب ساقطة سلفاً بحكم الجغرافيا وتفاصيل مكانية أخرى تحظر على الحزب استخدام الموقع المضروب مخازن صواريخ أو ذخائر.
أما الثاني فتجلّى في إقرارها بنجاح الحزب في استعادة حضوره ودوره في الجوّ وإثبات قدرته على الفعل من جهة وإظهار أنه ما زال يملك صندوق مفاجآت احتياطية في المجال الذي ترى فيه إسرائيل نفسها سيدة ومتفوّقة.
ولقد تجلّى هذا الإقرار من خلال تقرير خبراء بثّته القناة 12 في التلفزيون العبري أول من أمس وجاء فيه: إن "حزب الله" ارتقى درجة في استخدام المسيّرات التي نجحت العشرات منها في تجاوز الحدود. وأضاف: يومياً تتسلّل قطع جوية تصوّر قوات الجيش وكثيراً لا قدرة لدينا على كشفها وإسقاطها. وخلص: نجحت مسيّرات الحزب في الوصول إلى ضرب منظومات القبة الحديد وأحياناً تهدف إلى فحص رد المنظومات الإسرائيلية.
ولقد استند الحزب إلى هذا الإقرار الإسرائيلي ليعلن سقوط المعادلة التي أطلقها أخيراً وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت وتحدث فيها عن هيمنة مطلقة لسلاح الجو الإسرائيلي جعلته يقصف النبطية وصيدا وبيروت وقبلها دمشق ساعة يشاء.
وحسب تقارير أولية، فإن الحزب لم ينجح إلا مرات معدودة في استخدام ناجح لسلاح المسيّرات كانت فاتحتها استهداف مسيّرة للحزب موقعاً إسرائيلياً حصيناً في أعالي مرتفعات شبعا وكفرشوبا. وبعدها كانت ثلاث عمليات من هذا النوع بدا على إثرها الحزب وكأنه ينكفئ من ميدان الفضاء وأنه بذا يبدو كأنه يعترف بإخفاق تجربة مكلفة عمرها أكثر من عشر سنوات، سعى خلالها إلى حجز حيّز له في ميدان سلاح المسيّرات الذي صار متاحاً لمن يملك حدّاً من القدرات.
المعلوم أن إعلان الحزب امتلاكه هذه التقنية المتطورة الداخلة عنصراً أساسياً في مواجهات المستقبل، قد أتى على لسان السيد حسن نصرالله بُعيد أيام من اغتيال مهندس برنامج مشروع المسيّرات في "حزب الله" حسان اللقيس إبان وجوده في الضاحية الجنوبية، ليكشف عن نجاح الجهاز المختصّ في الحزب في إطلاق مسيّرة تحمل اسم حسان-1 في سماء الجليل الأعلى. وبعدها كان الحزب مضطراً بين فينة وأخرى إلى برهان عملاني يثبت أنه ما زال موجوداً على خريطة هذه المعادلة وأنه يواكب التطور السريع فيها عبر إطلاقه بعض المسيّرات التي كان سلاح الجو الإسرائيلي ينجح في إسقاط معظمها إلا في ما ندر، حيث كان الحزب يعلن عودة بعض هذه المسيّرات إلى قواعدها بعدما أدّت مهمّتها الاستطلاعية.
وبناءً على هذا المسار التصاعدي، ثمة من سأل الحزب أخيراً عن حضوره في هذا الميدان وهو المتوعّد خصوصاً أن المسيّرات الإسرائيلية كانت تفعل فعلها في التصدّي لمجموعات الحزب المقاتلة أو نحو القرى والبلدات الحدودية، ولا سيما بعد توسيع إسرائيل أمداء الحرب لتغطي كل الجنوب وصولاً إلى الضاحية الجنوبية.
لذا فإنه بعد الكشف الإسرائيلي عن مسيّرتَي طبريا وصفد، ثمة من استنتج أن الحزب قد نجح في تصحيح الوضع وفي تلافي الخلل ونقاط الضعف.
وثمة ولا ريب من يسأل عن صحة هذه التقديرات: يمتلك خبراء استراتيجيون، على صلة بالحزب، ردّاً جاهزاً فحواه أن الحزب كان يدير المعركة من البدايات بذهنية ألا يرمي في الميدان بكل ما في يده من أوراق وعناصر قوة، لذا اتّبع تقنيناً مدروساً ترك فيه حيّزاً لعنصر المفاجأة والمباغتة لعدوه. ولقد تبدّى ذلك من خلال تطوّره التصاعدي في استخدام الصواريخ التي يملكها من الكاتيوشا التقليدي وصولاً إلى صواريخ بركان وفلق حيث لكل منها قدرات تدميرية وطاقة نارية. وكل ذلك انطلاقاً من يقينه بأن أمد المعركة مفتوح زمنياً وقد يصل إلى حدود المعركة الشاملة.
وفي هذا السياق، يقول الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد أمين حطيط "إن المقاومة أظهرت براعة وتطوّراً وبأساً شديداً في مجال المواجهات في الجو". والتطور الذي يركّز عليه حطيط يتجلّى في الآتي:
- "نجاح المقاومة في إرسال المسيّرات إلى الأهداف الأكثر بُعداً في العمق المحتل من دون أن يكون للعدو فرصة كشفها واتّقاء خطرها ومن ثم إسقاطها.
- القدرة على مراوغة المنظومة الجوية المعادية، إذ إن ثمة ثلاث أو أربع مسيّرات نجحت المقاومة في إطلاقها أخيراً خلال أقل من أسبوع ووصلت إلى أهدافها. بناءً على هذا العجز الإسرائيلي، لاحظنا انخفاض مستوى النشاط العسكري للعدو خلال الساعات الـ48 الماضية قياساً بما سبق. وفي العلم العسكري من يلجأ إلى خفض سقف هجماته كمّاً ونوعاً إنما يكون قد استشعر تفوّقاً وتقدّماً للخصم وبات لزاماً عليه التراجع درءاً لمفاجآت غير محسوبة أو بحثاً عن سبل التكيّف من هذا التطور واستيعابه".
وفي المحصّلة، يرى حطيط أن "نجاح المقاومة في تفعيل نشاطها الجوي وتظهير بعض قدراتها إنما هو من أجل تثبيت معادلة الردع القائمة وصيانتها ومنع تجاوزها. وحسب معطياتي، فإن المقاومة نجحت في ذلك خصوصاً أن مستوى الارتباك عند الخصم واضح. وهذا برهان آخر على أن هذه المقاومة ما زالت تملك حتى الآن زمام المبادرة وتتحكّم بخيوط التحكّم والإدارة".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار