"تفاهم مار مخايل" مات لكن "حزب الله" لن يُعلن ذلك | أخبار اليوم

"تفاهم مار مخايل" مات لكن "حزب الله" لن يُعلن ذلك

| السبت 24 فبراير 2024

"تفاهم مار مخايل" مات لكن "حزب الله" لن يُعلن ذلك

مواقف عون وباسيل الاخيرة تحوّل جدّي لا بد أن تكون له نتائج سلبية 


 "النهار"- سركيس نعوم

الانتقاد المر الذي وجهه رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل قبل بضعة أيام الى حليفه وشريكه في "تفاهم مار مخايل" – "حزب الله" الذي وقّعه معه المؤسِّس الجنرال ميشال عون قبل نيّف و17 عاماً لم يكن الأول ولن يكون الأخير، إذ إن علاقة التحالف والتعاون بينهما بقيت وثيقة حتى انتهاء الولاية الرئاسية للشريك عون في 31 تشرين الأول عام 2022 رغم الاختلافات البسيطة التي حصلت بينهما ولا سيما في أثناء الانتخابات النيابية التي أُجريت في السنة الأخيرة من الولاية العونية.

الفضل في عدم تطوّر هذه العلاقة سلباً في حينه عاد الى حرص قيادة "الحزب" على الرئيس عون وتياره وعلى استمرار التحالف معه كما الى حرصها على متابعة هذه العلاقة بعد انتهاء رئاسته خصوصاً مع وريثه في رئاسة "التيار" كما في العمل السياسي الشاب النشيط والطموح والذكي والقادر إذا أراد أن يطوّر "التفاهم" سواء من أجل مصلحة لبنان ولا سيما مسيحييه أو من أجل تعزيز تمثيله النيابي الشعبي المسيحي وتحقيق طموحه المعروف الى خلافة عمه في رئاسة الدولة.

لكن بعد وقوع البلاد في فراغ رئاسي صار عمره سنة وأربعة أشهر تقريباً ازداد توتر العلاقة بين الحليفين. السبب الأساسي لذلك كان ميل "حزب الله" الى إيصال حليفه زعيم "تيار المردة" سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية وإصرار رئيس "التيار" باسيل على رفض ترئيسه، كما على رفض ترئيس مرشحين آخرين منهم قائد الجيش جوزف عون وعلى التربّع على كرسي الرئاسة في بعبدا.

هذا الإصرار لا يزال مستمراً عند باسيل بل في قلبه وعقله رغم إبدائه الاستعداد مرّات عدة للموافقة على انتخاب شخصية أخرى غير سياسية للرئاسة مثل الوزير السابق جهاد أزعور أو شخصية قريبة منه يستطيع أن يحكم من خلالها وأن يعد العدة لخلافتها في قصر بعبدا. خلال مدة الفراغ الرئاسي هذا ازدادت الخلافات عدداً وحدةً بين حليفي "مار مخايل".

لكن أحدهما وهو "حزب الله" اعتصم بالصمت الرسمي دائماً أو معظم الأحيان وإن تكن "ملائكته" الإعلامية أوضحت أكثر من مرة مواقفه وعتبه وأحياناً غضبه. لكنها كانت دائماً تؤكد أنه لن يُفرّط بهذا التحالف لألف سبب وسبب. إلا أن ذلك لم يمنع باسيل من الاستمرار في الاستفزاز والتحدّي من جهة لـ"الحزب" ولسائر "أخصامه" اللبنانيين من مسيحيين ومسلمين.

هل هذا الإصرار على التمسّك بـ"تفاهم مار مخايل" من قبل "حزب الله" سيستمر وخصوصاً بعد النقلة النوعية والسلبية جداً في آن واحد إذ انتقد "التيار الوطني الحر" بلسان مؤسّسه الرئيس السابق عون ووريثه في رئاسته باسيل سيوصل "التفاهم" المُزمن بينهما الى نهاية سلبية طبعاً بعدما تناول الاثنان "المحرّمات"؟ يجيب متابعون لبنانيون من قرب لـ"حزب الله" وحركته داخلاً وخارجاً بأن علاقته مع عون بعد الرئاسة تخلّلتها اختلافات مهمة، إذ وجّه الى الأمين العام لـ"الحزب" السيد حسن نصرالله قبل التمديد للعماد جوزف عون في قيادة الجيش رسالة طلب منه فيها أو تمنى عليه عدم التمديد له، علماً بأنه هو من عيّنه في موقعه بعد انتخابه رئيساً.

لكن "سيف الخلاف" وقع بينهما بسبب باسيل وبسبب الميل الذي صار طبيعياً وعادياً الى الانتقال من اليرزة مركز قيادة الجيش الى قصر بعبدا رئيساً. وقد تُرجم هذا الميل بمواقف أو بالأحرى بممارسات عدة سلبية ما بين الاثنين. لكن الأمين العام نصرالله لم يتجاوب مع طلب حليفه عون. وكان ذلك أحد أسباب موقفه السلبي والنقدي لـ"الحزب" بعد ذلك. علماً بأن التعبير عنه علنياً قبل أيام كان يحصل للمرة الأولى على الأرجح.

وقد أساء عون بذلك الى "الحزب" كثيراً، إذ إنه هاجم "وحدة الساحات" التي هي موقف استراتيجي اتخذته الحليفة الأولى له أي إيران الإسلامية وتبنّته فصائل "المقاومة" الحليفة لها في المنطقة مثل "حزب الله" في لبنان ويمن الحوثيين وعراق "الحشد الشعبي" وفلسطين "حماس" و"الجهاد الإسلامي" وسوريا بشار الأسد رغم عجزها عن مشاركة حلفائها هؤلاء كلهم في الحرب الدائرة حالياً بين "محور المقاومة" وإسرائيل علماً بأن الرئيس السابق عون لم يمانع في "وحدة الساحات" يوم تدخّل "حزب الله" بمقاتليه بل بجيشه في سوريا لحماية الرئيس بشار الأسد ونظامه ربما لأنه كان في ذلك الوقت يطمح الى الوصول الى رئاسة الجمهورية بتأييد كامل بل تبنٍّ كامل من "حزب الله" وحلفاء "حزب الله" مثل سوريا وإيران. وما زاد في الإساءة تحدّث عون بإيجاز ولكن بصراحة عن عدم وجود أي معاهدة دفاع مشترك بين لبنان وغزة وإشارته الى أن ذلك أمرٌ تقرّره جامعة الدول العربية.

طبعاً حاول وريثه باسيل ورئيس "تياره" التخفيف من وقع هذا الكلام في أوساط "الحزب" بكلامه عن دور "الحزب" في الدفاع عن لبنان يوم شنّت إسرائيل هجوماً عسكرياً عليه عام 2006، كما عن دوره في تحريره من الاحتلال الإسرائيلي عام 2000. لكنه تبنّى كلياً موقف رئيسه وعمه أي عون من وحدة الساحات ومن رفض جر لبنان الى حرب مع إسرائيل. طبعاً، يضيف اللبنانيون القريبون من "الحزب" أنفسهم أن الأمور صارت واضحة عنده أي مواقف "التيار الوطني الحر" ودوافع مواقف رئيسه الحالي باسيل كما دوافع مواقف مؤسّسه الجنرال عون.

علماً بأن "الحزب" كان يعتقد دائماً أن باسيل ذكي لكنه "تكتيكي" وليس استراتيجياً على الإطلاق بعكس عمه "الجنرال" ثم الرئيس. لهذا السبب استغرب موقف الأخير واعتبره في الوقت نفسه إشارة الى تحوّل جدّي في مواقفه لا بد أن تكون له نتائج سلبية على التحالف معه. هل يعني ذلك أن النهاية الرسمية لـ"تفاهم مار مخايل" صارت حتمية وربما قريبة؟

الجواب الذي يقدّمه المتابعون القريبون أنفسهم من "حزب الله" وحركته داخلاً وخارجاً هو أن التفاهم انتهى لكن "الحزب" طلب من كل قياداته وأعضائه عدم التحدّث عن هذا الأمر. فضلاً عن أن دفنه لن يُعلن أو بالأحرى لن تُعلن وفاته من قبله. أما إذا شاء باسيل أو الرئيس السابق عون الإقدام على إعدام كهذا فهم أحرار.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار