إسرائيل تضرب بعيداً في بعلبك و«حزب الله» يردّ في الجولان والنار تتأجّج | أخبار اليوم

إسرائيل تضرب بعيداً في بعلبك و«حزب الله» يردّ في الجولان والنار تتأجّج

| الثلاثاء 27 فبراير 2024

الراي- بين أوّل استهدافٍ موقّع باسم «وحدة الدفاع الجوي» في «حزب الله» لمسيّرةِ Hermes 450 الإسرائيلية وسقوطها فوق الأراضي اللبنانية، وأوّل «تعميقٍ» من تل أبيب لرقعة اعتداءاتها لتطاول ما كان يُسمى بـ «جمهورية حزب الله» في بعلبك (شرق لبنان) على بُعد نحو 100 كيلومتر عن «ملعب النار» الرئيسي عند الحدود الجنوبية لـ «بلاد الأرز»، ارتسمتْ علاماتٌ جديدةٌ على المخاطر الجدية التي تتدحْرج على امتداد الخريطة اللبنانية وتتعاظم كلما توسّع مدى المواجهات منْذراً بانزلاقٍ إلى مواجهةٍ شاملةٍ يُخشى أنه لم يعد يفصل عنها إلا «خيط رفيع».

وعبّرت أوساطٌ واسعة الاطلاع عبر «الراي» عن قلق بالغ من التطورات اللاهبة التي توزّعتْ أمس:

- بين بعلبك حيث شنّ الطيران الإسرائيلي غارتيْن غير مسبوقتين منذ فتْح جبهة الجنوب وقال إنهما استهدفتا «مجمعات تابعة لوحدة الدفاع الجوي في حزب الله في البقاع» ما أدى إلى مقتل ما لا يقلّ عن اثنين من الحزب وجرْح ما لا يقلّ عن 4 أشخاص.

- و«اقليم التفاح» حيث سقطتْ المسيَّرة الإسرائيلية الكبيرة المتعدّدة المهام بصاروخ أرض جو فوق منطقة إقليم التفاح«الواقعة على بعد نحو 20 كيلومتراً من الحدود.

- وبلدة المجادل (قضاء صور على بُعد نحو 20 كيلومتراً عن الحدود الجنوبية) حيث استُهدفت سيارة وقضى فيها شخصان أحدهما من كوادر حزب الله هو حسن سلامة مسؤول القطاع الشرقي في الحزب.

- الجولان السوري المحتلّ مع الإعلان في إسرائيل عصراً عن إطلاق ما لا يقلّ عن 40 صاروخاً في اتجاهه من جنوب لبنان، قبل أن يعلن«حزب الله»أنه«(...) رداً على العدوان ‏الصهيوني على محيط بعلبك والاعتداءات على القرى والمنازل المدنية، ‌استهدف ‏مجاهدو ‏المقاومة الإسلامية عند الساعة 04:00‌‌‌ من بعد ظهر الاثنين مقر قيادة ‏فرقة الجولان في نفح بستين صاروخ كاتيوشا».

ولم يكن عادياً تمادي إسرائيل في غاراتها وصولاً إلى بعلبك، وهي معقل«حزب الله»وخزانه البشري وحلقة الربط الأساسية في«قوس النفوذ الإيراني»الممتدّ عبر العراق وسورية ولبنان وصولاً إلى التماس مع إسرائيل (من جنوب لبنان).

واعتبرتْ الأوساط المطلعة أن هذا التطور يعبّر في حصوله وقبْلها في الحيثيات التي أدّت إليه عن مَخاطر عالية مزدوجة استشعرها كل من إسرائيل و«حزب الله».

فتل أبيب اعتبرت إسقاطَ ما يوصف بأنه«فخرُ الصناعة»الإسرائيلية بمثابة«خط أحمر بالعريض»جرى تَجاوُزه، علماً أن «حزب الله» سبق أن أعلن في 18 نوفمبر«إسقاط طائرة إسرائيلية معادية نوع هيرميز 450 وهي طائرة مسيَّرة قتالية متعددة المهام بواسطة صاروخ أرض جو أطلقه مجاهدوها وقد شوهد حُطامها يتساقط فوق منطقة أصبع الجليل»، وهو ما لم تؤكده تل أبيب.

ومع اتضاح أن التصويب على«هيرميز 450»لم يكن الأول من نوعه، فإن سقوطها المؤكد والمعترَف به من إسرائيل هو الأول وكذلك الأمر بالنسبة إلى ما بدا أول إعلان رسمي من«حزب الله»عن«وحدة الدفاع الجوي»وانخراطها في «حرب المشاغَلة» المستمرة عبر جبهة الجنوب منذ 8 أكتوبر، وهو ما ترى الأوساط نفسها أنه عنصر «كاسر لتوازناتٍ»- وليس فقط لقواعد اشتباك لم يبْقَ منها إلى «اليافطة»- ترى تل أبيب أنها تمنحها تَفَوُّقاً ويداً أعلى في المواجهات مع لبنان راهناً وفي أي سيناريوهات حربية أكثر شمولية، وتتمثل في«الحرب الجوية».

ووفق هذه الأوساط، فإن ما عبّر عنه كشْف «حزب الله» عن قدرات صاروخية (أرض – جو) من نوع جديد، عُلم أنه استهدف من خلالها هيرميز 450 بصاروخين متزامنين (أحدهما اعترضه نظام مقلاع داوود الإسرائيلي)، قرأته تل أبيب سريعاً وبمعناه العميق، فردّت بأن«ممنوع»رسْم أي حدود مانعة لحرية عملها من الجو، ولا سيما أن كل العمليات والاغتيالات التي تنفّذها ضد «حزب الله» منذ 8 أكتوبر تتمّ بغارات من مسيّرات أو بالطيران الحربي بالتوازي مع القصف المدفعي لبلدات حدودية، ناهيك عن أن توسيع الحرب الذي تتوعّد به كل يوم لا يرتكز على أي سيناريوات دخولٍ بري مُكْلِف بل على تكثيف وتوسيع نطاق الغارات التدميرية ليلفّ غبارُها الموجع مناطق لبنانية في مختلف المحافظات وبنى تحتية تحت عنوان «تدمير الدولة».

ويُذكر أن الطيران الحربي الإسرائيلي استهدف حوش تل صفية «حيث توجد مستودعات لتخزين المواد الغذائية لمؤسسات السجاد»، كما أفادت تقارير، قبل أن يغير على مبنى من طبقتين في سهل عدّوس، وسط معلومات متضاربة عن عدد الضحايا الذي راوح بين 2 و4.

وأكد الناطق بإسم الجيش الإسرائيلي أن الجيش شنّ غارات في عمق لبنان على أهداف لحزب الله وذلك رداً على إسقاط الـ «هيرميز 450» التي كانت تل أبيب وصفته بأنه «حدث خطير».

في المقابل، فإن حزب الله الذي كان تلقّى ضربة قبل ساعاتٍ باستهداف إسرائيل شاحنتيْن في منطقة القصير السورية المتاخمة للحدود مع لبنان ومصرع عنصرين منه في الغارة، سارع إلى ما بدا رداً أولياً باستهداف الجولان في تعبيرٍ عن حاجةٍ لـ «تحديث» أدوات الردع التي تكسرها إسرائيل في كل مرة، لتصل أمس إلى بعلبك في رسالةٍ غير مشفّرة إلى أن عملياتها في لبنان تقترب من أن تصبح «بلا حدود»، مع ربْطٍ بالنار مع مرحلةِ الحرب الشاملة التي لا يملك أحد أن يجزم بأنها لن تقع حتى لو تم التوصل إلى هدنة شائكة في غزة.

وفيما اعتُبرت الغارتان في بعلبك الأخطر، بعدما كانت ضربات إسرائيل «خرجت عن الجنوب» في يناير باستهدافِ الضاحية الجنوبية لبيروت (اغتيال القيادي في حماس صالح العاروري) ثم في فبراير بغارة في جدرا (الشوف – جبل لبنان)، في موازاة استهدافاتٍ موغلة في العمق في كل من الغازية (صيدا) وقبْلها النبطية، جاء تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بتكثيف قصف حزب الله في لبنان حتى لو تم التوصل إلى هدنة موقتة في غزة «إلى أن يستسلم الحزب، وسنواصل إطلاق النار (على الجبهة الشمالية) وسنكثفه بشكل مستقل عن الجنوب حتى نحقق أهدافنا»، ليرفع المخاوف من أن تبقى الحدود اللبنانية – الإسرائيلية مفصولة عن ديناميات التهدئة في غزة بعدما أظهرت التطورات عبرها في الأسابيع الأخيرة أن تأثيرها على «حرب القطاع» لم يعُد موجوداً وتحوّلت «جبهة في ذاتها».

ورغم الاقتناع بأن أي تجرؤ إسرائيلي على الاعتداء على لبنان بعد بلوغ هدنةٍ في غزة سيلتزم بها «حزب الله» بالتأكيد ما أن تسير بها «حماس»، سيجعل الحزب في موقع الدفاع عن النفس وتل ابيب في موقع المعتدي خلافاً لكل مسار المواجهات منذ 8 اكتوبر حين بادر الحزب الى فتح الجبهة إسناداً لغزة، فإن من الصعوبة بمكان تقدير الخطوة التالية إسرائيلياً تجاه لبنان في ظلّ ارتفاع مؤيّدي الحرب في الداخل الإسرائيلي، وعدم انقشاع الرؤية حيال المسار الديبلوماسي الذي لابدّ أن يستأنفه بزخم الموفد الأميركي آموس هوكشتاين ما أن تُعلن أي هدنة في القطاع لعلّ ديبلوماسيته المكوكية تُبْقي نافذةً لتفادي الصدام الكبير ريثما يكون الحل المتكامل الذي يُعمل عليه للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي شقّ طريقه، ولو عبر أكثر من هدنة متلاحقة.

لقاء باريس

وفي حين يحضر الملف اللبناني اليوم في جانب من لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في باريس، فإن المقترح الفرنسي لإنهاء الأعمال القتالية مع إسرائيل والتوصل لتسوية في شأن الحدود المتنازَع عليها، وما بينهما من انسحاب مقاتلي «حزب الله» على الأقل 10 كيلومترات شمال الحدود، لا يبدو أن له مكان في المرحلة الراهنة، وسط اقتناعٍ بأن المهمة الأميركية تبقى هي الأساس لأكثر من اعتبار بينها مكانة واشنطن التي تجعلها الطرف الذي يُبرم معه أي «deal» يرتبط بوضع الجنوب حين تدق الساعة وفق مقتضياتٍ تجعل طهران شريكاً أول فيه.

وقد بدأ لبنان يعدّ للردّ على الورقة الفرنسية التي تَسلّمها الأسبوع الماضي رسمياً حيث عُقد اجتماع في هذا السياق بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب الذي قال بعد الاجتماع: «بحثنا في الرد على المقترح الفرنسي، ونحن نجهّز الرسالة التي اتفقنا عليها، والنقاط التي سنتناولها، وان شاء الله يكون الرد لدى الفرنسيين الأسبوع المقبل»، موضحاً «موقفنا معروف، ونريد تطبيقاً كاملاً وشاملاً للقرار 1701 ومن ضمنه مزارع شبعا وكفرشوبا».

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار