جبهة لبنان... إسرائيل تضغط بورقة «التوغل البري» وقَلَقٌ أميركي من... ربيع ساخِن | أخبار اليوم

جبهة لبنان... إسرائيل تضغط بورقة «التوغل البري» وقَلَقٌ أميركي من... ربيع ساخِن

| الجمعة 01 مارس 2024

الراي- تحتدم جبهةُ جنوب لبنان التي تحوّلتْ «طنجرةَ ضغطٍ» تزداد حماوتُها في الميدان كما في «ديبلوماسيةِ الحرب» على أنواعها، النفسية والتحفيزية على احتواء المواجهات المشتعلة منذ 8 أكتوبر وإبقائها ضمن حدود «اللعب بالنار» المضبوطة.

وفيما استمرّ الجيش الاسرائيلي في استهدافاته لقرى وبلدات جنوبية أمس معلناً ضرْب أهداف وبنية تحتية لـ «حزب الله» الذي رُجّح أيضاً أن يكون أحد كوادره قضى في غارة بمسيّرةٍ على آليةً تابعة له في قرية النهرية قرب بلدة حوش السيد علي بريف القصير جنوب غرب حمص عند الحدود السورية - اللبنانية، فإن مراوحةَ الميدانَ في الأيام الأخيرة بين الغليان والسخونة العالية بدت مؤشّراً مقلقاً إلى جولاتٍ مقبلة من القتال يُخشى أن ترتقي تدريجاً بما يتناسب مع «سلة الأهداف» التي وضعتْها تل أبيب ورسمتْ لبلوغها: «خطة أ» تشكل المواجهاتُ بـ «جرعاتها الحالية» عنصرَ ضغطٍ يواكب المسعى الديبلوماسي الحثيث لاستيلادِ حلّ من «فم النار»، و«خطة ب» تشيع أنها باتت جاهزة للتفعيل ما أن يُستنفذ المسارُ السياسي.

ومن خلف معادلات الردع التي يحاول «حزب الله» إرساءها وتعديلها تبعاً لتغيير اسرائيل قواعد الاستهدافات ومداها، من دون أن ينجح حتى الساعة في إحداث التوازن الكفيل بلجْم الحرب في حدودها الراهنة بحيث تبدو تل أبيب متقّدمة عليه خطوةَ انطلاقاً من الكشف الاضطراري المبكر – لاعتباراتٍ تتصل بالوضع الداخلي اللبناني والأهمّ بمقتضياتٍ إيرانية – لورقة عدم الرغبة في الانجرار الى الصِدام الكبير، فإن الساعات الماضية انطبعتْ بإشاراتٍ بدا من الصعب التمييز إذا كانت في سياق مناوراتٍ وحرب نفسية يَعتقد مُطْلِقوها أنها تضيّق هامش الخيارات أمام «حزب الله»، أو في إطارٍ تمهيدي لعملٍ عسكري أوسع لم يعُد إلا مسألة وقت وصارت المفاضلة فيه: بين «اجتياح جوي» يتركّز على أرض القرار 1701 لـ «محو» منطقة بعمق 7 إلى 10 كيلومترات تتحوّل حزاماً أمنياً خالياً من الحزب وسلاحه، وبين توغّل بري لتحقيق هذه الغاية.

وفي هذا الإطار لم يكن عابراً ما نقلته قناة «سي إن إن» عن مسؤولين كبار في الإدارة الأميركية ومسؤولين مطلعين على المعلومات الاستخبارية من أن إدارة الرئيس جو بايدن ومسؤولي المخابرات يشعرون بالقلق من مخططات إسرائيلية لتوغل بري في لبنان يمكن أن يبدأ في الأشهر القليلة المقبلة إذا فشلت الجهود الديبلوماسية في دفع «حزب الله» إلى التراجع عن الحدود الشمالية لإسرائيل.

وقال مسؤول أميركي مطلع إن التوغل الإسرائيلي المحتمل ربما يكون أوائل الصيف المقبل، مشيراً «ليس بالضرورة أن يحصل أن التوغل خلال الأسابيع القليلة المقبلة ولكن ربما في وقت لاحق من هذا الربيع»، مضيفاً «أن العملية العسكرية الإسرائيلية باتت احتمالاً واضحاً».

وأبلغ مسؤول أميركي كبير، الشبكة إنه سمع آراء متباينة داخل الحكومة الإسرائيلية حول ضرورة التوغل في لبنان، لافتاً إلى أن ما تفعله إسرائيل هو أنها تثير هذا التهديد على أمل التوصل إلى اتفاق عن طريق الديبلوماسية، ومشيراً إلى أن مسؤولين إسرائيليين آخَرين يتحدثون عن ذلك باعتباره «ضرورة عسكرية ستحدث».

وأكد مسؤول كبير آخَر في إدارة بايدن أن مسؤولين داخل الحكومة والجيش الإسرائيليين يؤيدون التوغل، محذراً في الوقت ذاته من أن أي توغل في لبنان قد يؤدي إلى «تصعيد كبير جداً لا نعرف مدى حجمه».

شالينبرغ وبوحبيب

وقد حضر ما نقلته «سي إن إن» حول التخطيط لتوغل بري إسرائيلي في لبنان في زيارة وزير خارجية النمسا ألكسندر شالينبرغ لبيروت حيث أكد بعد لقائه نظيره اللبناني عبدالله بوحبيب «زرتُ كلاً من تل ابيب، رام الله، القدس وعمّان وتحدثنا عن الوضع شمال إسرائيل. لذا أقول إن الجميع مسؤول عن عدم التصعيد. وما يحصل الآن تصعيد طبيعي محدود نوعاً ما ونحرص على عدم تخطيه حدوداً معينة، لكن ما لا تريده النمسا هو اتساع رقعة النار والمعاناة. نعتقد ان المنطقة شهدت ما يكفي من الدمار والوحشية ونحاول حل المشاكل القائمة حالياً ولا نريد مشاكل جديدة».

وإذ أشار إلى «ان الهجوم الوحشي الذي نفذته حماس ألهب المنطقة ولا نريد ان يتحول التصعيد الى نار تشعل المنطقة ولا يمكن السيطرة عليها»، قال: «وسط كل هذه المستجدات لبنان يقف بهشاشة في الجبهة الأمامية. وأدعو كل الاطراف الى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس حاليا لمنع أي تصعيد جديد».

وأضاف: «هناك أطراف إقليمية عدة تعتقد ان بإمكانها اللعب بالنار من دون ان تحترق ولا سيما حزب الله، اضافة الى الحوثيين وآخَرين. إن النمسا لا تقف على الحياد ازاء هذه الازمة لأن لديها أكثر من 170 عنصراً في عداد اليونيفيل على الحدود الجنوبية، ونطلب بذل اقصى الجهود للحفاظ على أمنهم. ونعرف جميعا أن الوضع في الجنوب مرتبط مباشرة بوضع غزة، ولا يزال هناك أسير نمسوي - اسرائيلي بين الاسرى لدى «حماس». لكن الوضع الانساني في غزة محزن والكل مطالَب ببذل الجهود لمواجهة هذه الازمة الانسانية. والحكومة النمسوية قدمت امس 10 ملايين يورو كمساعدة، بالإضافة الى 30 مليون يورو وفرناها للشعب في غزة منذ اندلاع النزاع».

وتمنى شالينبرغ أن «يتم التوصل الى اتفاق حول الأسرى قبل رمضان وادخال المساعدات الانسانية الى غزة لذلك تظهر الحاجة الى وقف فوري لإطلاق النار».

وبعد لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، شدد الوزير النمسوي على «أن الحلّ الديبلوماسي للوضع في المنطقة هو الخيار الأفضل للجميع»، مؤكداً «ضرورة التوصل الى حل دولي للقضية الفلسطينية يضمن حق الفلسطينيين في العيش الكريم، بما يساهم في ارساء الاستقرار في المنطقة». وأشاد «بالدور المهم الذي تقوم به القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان»، داعياً «الجميع الى تطبيق القرار الدولي الرقم1701 بما يحفظ الامن في جنوب لبنان».

تميم بن حمد وماكرون

وكان الوضع في لبنان حضر بقوة في البيان المشترك الفرنسي - القطري عقب زيارة الدولة التي قام بها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لباريس ومحادثاته مع الرئيس ايمانويل ماكرون، حيث جاء في البيان «ان الزعيمين أكدا مجدداً التزامهما بالتصدي للتحديات السياسية والاقتصادية التي يعانيها لبنان، وشددا على الحاجة الماسة إلى انتخاب رئيس لبناني ومواصلة التنسيق في شأن هذه المسألة. وأشار الجانبان إلى ضرورة الإسراع بتشكيل حكومة ذات صلاحيات كاملة وتنفيذ الإصلاحات اللازمة لوضع حد للأزمة. كما أشادا بالمعونة والدعم اللذين قدمتهما كل من قطر وفرنسا إلى الشعب اللبناني والقوات المسلحة اللبنانية... وكذلك أكدا التزامهما بسيادة لبنان واستقراره وبالمساهمة في خفض التصعيد من خلال الاحترام الكامل لقرار مجلس الأمن الرقم 1701».

و«أكدا استعدادهما لمواصلة دعم القوات المسلحة اللبنانية في هذا السياق، بما في ذلك من خلال المؤتمر الدولي المقرر عقده في باريس. وأخيرا، جددا دعمهما الكامل لقوات اليونيفيل وضرورة الحفاظ على حريتها في التنقل وقدرتها على ممارسة مهمتها».

وفي حين تم التعاطي مع الإشارة التي تَضمّنها البيان حول مؤتمر دعم الجيش على أنها التزام بانعقاده بعدما تردّد أنه كان يفترض التئامه نهاية فبراير الماضي، ولكنه أرجئ باعتبار أن توقيته مربوط ببدء وضع حرب غزة على سكة الهدنة، وتالياً دفع المسار الديبلوماسي لمعالجة الجبهة اللبنانية وفق خريطة طريقٍ يشكّل تعزيز حضور الجيش في منطقة الـ 1701 ركناً اساسياً فيها، وفق الطرحين الأميركي كما الفرنسي للحلّ، فإنّ البُعد السياسي وتحديداً الرئاسي في موقف أمير قطر والرئيس الفرنسي عَكَس بدوره استشعاراً بضرورة إنهاء الفراغ الرئاسي المتمادي منذ 1 نوفمبر 2022 في ملاقاة الترتيبات الجديدة التي يُعمل عليها لغزة ولبنان، مع اعتقادٍ بأن أي هدنة في القطاع قد تشكل فرصة لمحاولة إحداث خرقٍ صعب في الجدار المسدود.

مجموعة الخمس

وفي الإطار، سيعاود سفراء مجموعة الخمس حول لبنان (تضم الولايات المتحدة، فرنسا، السعودية، مصر وقطر) تحركهم في اتجاه المسؤولين اللبنانيين وهم سيلتقون اليوم ميقاتي، في وقت يسود الكواليس اقتناعٌ بأن المبادرة التي يعمل عليها «تكتل الاعتدال الوطني» (يضم نواباً من قدامى تيار المستقبل) لن يطول الوقت قبل تبدُّد الآمال الضئيلة المعلّقة عليها، هي التي تقوم على التمهيد للقاءٍ تَشاوري في البرلمان يتداعى إليه النواب وتتمثل فيه القوى السياسية بنائب أو اثنين، ومتى شكّل عدد من يمثّلونهم 86 نائباً يتم دعوة الرئيس نبيه بري لفتح البرلمان لجلسات انتخابٍ متتالية يتنافس فيها أكثر من اسم ربما ومن دون تعطيل النصاب.

ويسود انطباع بأن هذه المحاولة تحوّلت بمثابة «حقل أفخاخ» يتبادل الأطراف زرعها كلٌّ في طريق الآخر لتحميله مسؤولية إفشال مسعى «لبْننة» الاستحقاق، وسط انطباعٍ بأن سير القوى الوازنة في المعارضة بطرح «الاعتدال» مردّه إلى أنه يراعي عدم رغبتها في طاولة حوار برئيس ومرؤوس وتُكَرِّس أعرافاً بأن الرئيس يُنتخب مسبقاً بالحوار وليس بالتصويت في البرلمان، وأن أي عرقلة «متوقَّعة» له من الثنائي الشيعي عبر إخراج «أرنب» أو آخَر ستكشف أكثر مَن يعطّل الانتخابات، وإلا يكون سيرُ الثنائي، وهو «مستبعَد»، بهذه الآلية في إطار رغبةٍ في تلقّف سلّم للنزول عن الشجرة وعدم ترك الانتخابات الرئاسية تُحسم وفق الموازين التي ستفرزها حرب غزة وربما... حرب لبنان.

في موازاة ذلك، انطبع الميدان جنوباً أمس بغارات اسرائيلية في أكثر من منطقة وسط تنفيذ «حزب الله» سلسلة عمليات بينها استهداف مستعمرة ايلون بدفعات من صواريخ الكاتيوشا «رداً على الاعتداءات الإسرائيلية التي استهدفت القرى والمدنيين وآخرها استشهاد المواطنين المسنين حسين حمدان وزوجته منار عبادي في بلدة كفرا (مساء الأربعاء)».

كما برزت التقارير عن دوي صفارات الإنذار في حيفا، وسط حديث وسائل إعلام إسرائيلية عن التصدي لطائرة مسيّرة أطلقها حزب الله في أجواء المدينة.

وغل-البري-وقلق-أميركي-من-ربيع-ساخن

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار