الطوابع الرسمية مفقودة في المقار وموجودة أمام أبواب الوزارات! | أخبار اليوم

الطوابع الرسمية مفقودة في المقار وموجودة أمام أبواب الوزارات!

| السبت 02 مارس 2024

الطوابع الرسمية مفقودة في المقار وموجودة أمام أبواب الوزارات!
شبكة باتت تملك الطوابع حصرياً والبيع بالسوق السوداء

"النهار"- منال شعيا

بعد الدواء والحليب أتى دور الطوابع. هذه المرة، تتم "المتاجرة" بالطابع المالي والتحكم به من جانب "مافيا" وشبكة باتت تملك الطوابع حصرياً، ولاسيما طابع المختار. هذه المافيا هي التي تقرر توزيع الطوابع، ولا تتوانى عن الوقوف علنا امام احدى الوزارات "لتمدّ" المواطنين بطوابع هم بأمسّ الحاجة اليها، انما بسعر "السوق السوداء" لا بسعرها الحقيقي.

هذا المعطى بات واقعا حقيقيا، ولربما شاهد الكثير من اللبنانيين الفيديو الذي يجري تناقله عن اشخاص يوزعون الطوابع المالية امام وزارة التربية، بسعر يفوق سعرها الطبيعي، وعلى أعين الجميع، فيما الطابع في الداخل "مفقود"ّ!

منذ فترة، يعاني المواطن من فقدان الطوابع في الوزارات والمقار والادارات، لاسيما ان معظم المعاملات تحتاج الى طابع، ومنها تلك التي يحتاج المواطن الى "تخليصها" لدى مختار المحلة، بحيث ان طابع المختار بات مفقودا بدوره!

كل هذه "الألاعيب" تمر على المكشوف من امام أعين الوزراء والمسؤولين، حتى ان من يبيعون الطوابع لا يحتاجون الى التخفي، بل يقفون امام مداخل الوزارات علنا! أإلى هذا الحدّ الفاضح وصل مفهوم الفضيحة في لبنان؟!
وفي هذا الملف، اكثر من سؤال.

اولا، لِمَ الطابع مفقود في المقار والمراكز، اي حيث يجب ان يكون، ومتوافر عند فئة تبيعه بأسعار خيالية؟

ثانيا، من اين تحصل هذه الفئة على الطوابع، وهي طوابع رسمية اميرية، فيما تفتقر المقار اليها، ويعاني المخاتير من ازمة حقيقية على صعيد فقدان طابع المختار تحديدا؟
ثالثا، لِمَ لا تلجأ السلطة، وتحديدا الحكومة، الى اتخاذ الاجراءات اللازمة والرادعة لوقف هذه "المتاجرة" ومحاسبة هذه "المافيا"، علما ان الطابع يعتبر من العمليات المربحة التي تدرّ اموالا على الخزينة؟

مسؤوليات ومخالفة
في ملف الطوابع، ثمة مسؤولية واضحة على وزارتي المال والداخلية، اذ ان الاولى هي المكلفة توزيع الطوابع. اما وزارة الداخلية فهي المسؤولة عن طباعة طابع المختار وتوزيعه.
حاولت "النهار" مرارا الاتصال بوزارة المال للاستفسار عن سبب فقدان الطوابع حيث يجب ان تكون، وتوافرها عند فئة تبيعها على هواها، إلا ان تلك المحاولات باءت بالفشل. ولا جواب، كما لو ان الوزارة غائبة عن السمع عن اكثر ملف حيوي يخص المواطن عبر تخليص معاملاته، وعن ملف مهم يمكن ان يأتي بأموال الى الخزينة.

اما وزارة الداخلية، فاكتفت مصادرها بالقول: "ان العمل جار على معالجة هذه القضية، وهذا الموضوع طُرح بالامس في مجلس الوزراء، وستتم معالجته".

إنما لم يتخذ مجلس الوزراء قرارا بوقف العمل بطابع المختار الى حين توافره، تجيب المصادر: "هذا الامر مخالف للقوانين".

ولا تعلق المصادر على النقمة التي بدأت تكبر عند عدد كبير من المخاتير كونهم يفتقدون الطوابع، وقد يلجأون قريبا الى الاعتصام واعلان التوقف عن العمل كحركة احتجاجية رافضة للاسلوب الرسمي واللامسؤول الذي يتم التعاطي به في ملف طابع المختار، اذ ان غالبيتهم يردّون على المواطن الذي يلجأ اليهم لتخليص بعض الاوراق بالقول: "جرّب جيب معك الطابع".
الى هذا الحد من اللامسؤولية واللامبالاة وصل لبنان الرسمي!

وفق القانون، ان الطابع امر اداري تنفيذي، وبالتالي فان المسؤولية فيه تقع اولا على السلطة التنفيذية، اي الحكومة، لأن الامر لا يحتاج الى قوانين او اطار تشريعي بل الى اداء حكومي يمنع "المافيا" من استمرار المتاجرة بالطوابع.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، علمت "النهار" ان طابع الخمسة آلاف ليرة يباع بخمسين الفا، وثمة طوابع تبلغ قيمتها "اللاشرعية" 200 الف، فيما تصل قيمة البعض الآخر الى مليون ليرة، وربما أكثر ، وفق الحاجة اليها او الطلب. والسؤال البديهي: لِم لا ترفع اسعار #الطوابع الرسمية وتباع حيث يجب ان تكون، فلا يُحرم المواطن منها و"يتبهدل" كلما اراد تأمين طابع، وفي الوقت نفسه تكون الاموال قد دخلت الى الخزينة، حيث يجب ان تكون؟!

لا جواب واضحا من وزارة المال!
ثم، كيف يعتبر وزير الداخلية بسام مولوي ان وقف العمل بطابع المختار، الى حين توافره، هو مخالفة للقوانين، وهذا ما قاله امام الوزراء، خلال الجلسة الحكومية الاخيرة، ولا يرى ما يحصل من فقدان للطوابع وبيعها بأنه مخالفة بذاتها، ومخالفة كبيرة ايضا؟! وماذا يقول للمخاتير الذين يرفعون الصوت؟

امام اللامنطق، نصل الى الاستنتاج الواضح: "ثمة مافيا، ومافيا قوية. والدولة تشتغل عند المافيا. لا اكثر ولا اقل".

والى الجانب التنفيذي، ثمة شق قضائي واضح في الملف. ففي الايام الاخيرة، سلّم رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابرهيم كنعان وزير العدل هنري خوري إخبارا حول فقدان الطوابع المالية والمتاجرة بها في السوق السوداء.

وعلمت "النهار" ان الإخبار أصبح امام النيابة العامة التمييزية، فهل من قرار او اجراء قد اتُّخذ؟
يؤكد كنعان لـ"النهار": "حتى الساعة، لا شيء".

شراكة مع المافيا!
ببساطة، هي قصة جديدة من الابتزاز والمتاجرة يعيشها اللبناني. ففي كل معاملة في العدلية او في الاحوال الشخصية او المالية، ثمة حاجة الى طابع. و"الطابع مفقود شرعيا وموجود لا شرعيا".

هكذا يختصر كنعان المسألة. ويقول: "ثمة قصر نظر واضح من جانب الحكومة، لئلا نقول تواطؤا. يبدو في هذا الملف ان الدولة تعمل عند المافيا، لان ما يحصل مربح للمافيا لا للدولة، علما ان هذا الامر يعدّ من مصلحة الدولة العليا".

وعلى رغم المعالجة السريعة المطلوبة التي ينبغي ان تكون على مستوى الحكومة والوزارات المعنية، فان كنعان سيتقدم الاسبوع المقبل بعدد من اقتراحات قوانين مالية، منها ما يتصل بطابع المختار والطوابع الاخرى، "لئلا يحاول احد رمي الكرة في ملعبها غير الصحيح، اي في مجلس النواب ولجنة المال تحديدا".

... والى حين تستفيق الضمائر، سيبقى المواطن "يلفّ ويبرم" على طابع، ويدفعه ثمنه غير الشرعي، لانه يريد تخليص معاملاته، فيما "تخليص" البلد برمته من المافيا لا يزال مختوما بطابع رسمي... أميري!

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار