هوكستين في بيروت: أفكار لا حلول ويغمز من إعادة إعمار لبنان من الألف إلى الياء | أخبار اليوم

هوكستين في بيروت: أفكار لا حلول ويغمز من إعادة إعمار لبنان من الألف إلى الياء

| الثلاثاء 05 مارس 2024

هوكستين في بيروت: أفكار لا حلول ويغمز من إعادة إعمار لبنان من الألف إلى الياء

وسط هذا المشهد المعقّد ينتظر الحزب مبادرة جدّية يُبنى عليها لتكون محطّ التقاء وطني

 
جوزفين ديب - اساس ميديا

زار الموفد الأميركي آموس هوكستين لبنان أمس (الإثنين) حاملاً أفكاراً لا حلولاً. هي أفكار يتمّ التحضير لها تزامناً مع التحضير لإمكانية نجاح الهدنة في غزة. أفكاره تحمل في طيّاتها تلميحاً إلى تحذير أو تهديد. قال هوكستين بعد لقائه الرئيس برّي إنّ “التصعيد ليس في مصلحة أيّ طرف. وليس هناك شيء اسمه حرب محدودة. والتصعيد لن يساعد لبنان في إعادة البناء والتقدّم في هذا الوقت المهمّ في تاريخه. ولكنّ وقف إطلاق النار بطريقة مؤقّتة ليس كافياً والحرب المحدودة ليست واقعية”.

غمز هوكستين في لقاءاته من قناة حاجة لبنان إلى إعادة إعماره من الألف إلى الياء بعد أكبر انهيار شهده في تاريخه. أتى هذا التحذير بعد وعود كانت حملتها وفود سابقة بالمنّ والسلوى والازدهار في المرحلة المقبلة. ليست جديدة سياسة العصا والجزرة، بل الجديد اليوم هو الواقع الميداني المتصاعد يومياً بين لبنان وإسرائيل وسط ارتفاع نبرة الحرب.

من الراعي إلى عودة

من كلام البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي “يجب أن لا ينزلق أحد إلى التشريد من دون فائدة”. مروراً بمطران بيروت للروم الأرثوذكس الياس عودة. لا تمضي عظات الأحد في الكنائس من دون كلام موجّه بشكل مباشر إلى الحزب يحمّله مسؤولية الحرب على أهل الجنوب وعلى لبنان.

لاقت القوى المسيحية، حتى تلك الأقرب إلى الحزب، هذا الخطاب في كلام جبران باسيل “اللي حريص على الانتصار بحصّن حاله بجبهته الداخلية قبل ما يحصّن جبهته الخارجية”. في المقابل، يبدو الحزب الذي يشيّع كلّ يوم بعضاً من قياداته الميدانية، عالقاً بين جبهة الخارج وجبهة الداخل. ويسعى إلى أن يعالج الاثنتين معاً، مستدركاً أنّه يحتاج إلى الدعم من الجبهتين معاً لأنّ خطاب التخوين لا يعالج التصدّعات بل يعمّقها .

الحزب: لا تفاوض قبل انتهاء حرب غزّة

الحزب غير جاهز لأيّ طرح أمني. لا بل تتحدّث مصادر مطّلعة على جوّ الحزب عن أنّه لن يسمع شيئاً من هوكستين لأنّ أيّ “مفاوضات لن تحصل قبل انتهاء حرب غزة”. وفي حال نجحت مساعي الهدنة، عندها يحدّد التفاوض بالأشخاص المفوّضين فيه وبالآليّة وبالشكل وبالمضمون على أن يكون تنفيذ الـ1701 متوازناً لا مجتزأً. وكلّ ما هو غير ذلك ليس إلا ملء الفراغ ببعض المبادرات التي لم ترقَ بعد لتصبح طرحاً جدّياً.

الحزب عالق بين الخارج والداخل

عاش الحزب أمجاده بعد حرب تموز بعدما انتزع شرعية الشارع العربي والإسلامي في قتاله إسرائيل. ثمّ حكم لبنان مزهوّاً بانتصار مشاركاً حلفاء من مختلف الطوائف وحائزاً مظلّة لم تكن يوماً في حسبانه. مظلّة أقوى حزب مسيحي كان قد بنى سرديته على مقاومة احتلال سوري وسلاح خارج سلاح الدولة. متسلّحاً بتتويج مقاومته “المسيحية” بزيارة رئيس التيار يومها ميشال عون لواشنطن للاحتفال بصدور القرار 1559.

انقلب المشهد السياسي الداخلي رأساً على عقب منذ ذلك اليوم التمّوزيّ في مار مخايل. وعلى حدّ قول الفيلسوف اليوناني الذي سبق سقراط ببحث الثابت والمتغيّر، جزم هيراقليطس أنّ الثابت في حالة تغيّر دائم. والمتغيّر في ساحتنا منذ عام 2006 أنّ صاحب وهج انتصار تمّوز دخل في صراعات ساحات عربية وخليجية ودخل في حرب سورية دامية تحت عنوان “حماية المقدّسات”. ثمّ عاد وارتكب أكثر من خطأ في ساحته الداخلية من عام 2008 حتى انتفاضة تشرين وصولاً إلى تفجير المرفأ. حتى خسر رصيد انتصاره، وما بقي له سوى بيئته المتماسكة على الرغم من كثرة تساؤلاتها عن جدوى هذه الحرب في الحدود الجنوبية.

لا حاجة لتعداد الاحداث التي توالت واثبتت ان الحزب تحول الى الاقوى في السلاح وفي القتال والاضعف بعدما فقد تضامن البيئات المختلفة له، عربيا واسلاميا ولبنانيا على حد سواء.

 لماذا هذا الكلام اليوم؟

في الأخلاقيات البديهية في بلد يخوض حرباً لا سقف لها، تتجنّب القوى السياسية كلّ اشتباك سياسي أو ابتزاز. وتعمل على تحصين وحدتها الداخلية على أن يكون النقاش لاحقاً بعد الحرب. في لبنان.

سقطت هذه البديهيات أمام حجم الهوّة بين صاحب قرار الحرب والسلم، وبين قوى لبنانية أخرى تخالفه في مقاربته الأمنيّة بشكل مطلق. وبصراحة مطلقة.

تدفع مراقبة الساحات الداخلية بكلّ ما تختزنه من أفكار ومشاريع سياسية، إلى الاعتراف بأنّ لبنان هو لبنانان أو أكثر. وبالتالي ثبت في التجربة السياسية أنّ لبنان لا يمكن أن يكون العراق. فتماماً كما قال الرئيس بشير الجميّل أوّلاً، وبعدها الأمين العام للحزب حسن نصرالله: “إنّ لبنان هو بلد الـ10,452 كلم مربّع”. وكما قال حليفهما معاً الرئيس ميشال عون: “لبنان أصغر من أن يقسَّم وأكبر من أن يبلَع”. فإنّ الحزب مجبر على أن يعود إلى الداخل ليؤمّن ظهر المقاومة ليس عبر شخص رئيس الجمهورية، بل عبر لحمته الداخلية مع القوى المختلفة.

 نقاش حزبيّ يخرج إلى العلن

أملاً بنجاح مساعي الهدنة في غزة، بدأ نقاش بين قيادات ومثقّفين ومسؤولين في الحزب يخرج إلى العلن، عناوينه هي التالية:

– أوّلاً: إنّ الحزب حريص على المصلحة الوطنية اللبنانية ولا نيّة له توسيع الحرب .

– ثانياً: إنّ الحزب استدرك أنّ اللحمة الداخلية حوله هي بأهمّية سلاحه، وبالتالي سيبدأ ورشته الداخلية في المرحلة المقبلة .

– ثالثاً: إنّ رئاسة الجمهورية وحكومة إصلاحية هي مدخل لإجراء إصلاحات جوهرية في البنى التحتية والملفّات الحياتية “لأنّ الكهرباء أيضاً هي مقاومة”.

– رابعاً: استعداد الحزب للذهاب إلى نقاش يرعاه رئيس الجمهورية حول الاستراتيجية الدفاعية. على أن يكون الثابت فيها العداء لإسرائيل وإبقاء ورقة القوّة لدى لبنان لمواجهة أيّ اعتداء.

– خامساً: استدراك الحزب أنّ الرئاسة لا تحمي ظهر المقاومة. بل إنّ المقاومة هي من تحمي ظهرها. وأنّ الجيش هو من يحمي ظهر المقاومة. وأنّ البيئة الحاضنة المتنوّعة هي من تحمي ظهر المقاومة.

بالتالي يتطلّب بناء ذلك أكثر من معركة رئاسة جمهورية. وسط هذا المشهد المعقّد، ينتظر الحزب مبادرة جدّية يُبنى عليها لتكون محطّ التقاء وطني. فهو سبق له أن أوصل الرسالة إلى القوى السياسية وإلى حليفه بشكل أساس، الرئيس نبيه بري.

إنّ البلاد بحاجة إلى رئاسة على أن تُفصل عن اشتباك الحدود. ليس سهلاً خروج الحزب من هذا التطويق. ولكن تتحدّث مصادر سياسية على أنّ براغماتية الحزب المعروفة ستدفعه للذهاب إلى خيار معالجة التصدّعات الداخلية والحدّ من الخسارة في مرحلة هي عليه لا معه.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار