لماذا يُبرز "حزب الله" صورة لقاء نصرالله - الحيّة؟ | أخبار اليوم

لماذا يُبرز "حزب الله" صورة لقاء نصرالله - الحيّة؟

| الخميس 14 مارس 2024

لماذا يُبرز "حزب الله" صورة لقاء نصرالله - الحيّة؟
اشارة من الطرفين الى انهما ما زالا يمتلكان زمام المبادرة

 "النهار"- ابراهيم بيرم

على ما درجت عليه العادة، لم يكن دفعُ إعلام "حزب الله" لنبأ لقاء جمع امينه العام السيد حسن نصرالله بالقيادي في حركة "حماس" خليل الحيّة اول من امس إلا عبارة عن رسالة الى من يعنيهم الأمر وهم كثر، فرضت طبيعة التطورات الميدانية والسياسية المتسارعة توجيهها على جناح السرعة.

فليس خافيا ان التنسيق المشترك بين الطرفين قائم على مدار اللحظة وعلى مختلف المستويات، خصوصا بعدما تلاقت مصالحهما على خوض غمار مواجهة مفتوحة مع الآلة العسكرية الاسرائيلية، لذا فان الكشف عن اي لقاء مرفقا بصورة هو بمثابة "عملية عسكرية - سياسية مشتركة" وقد اطلقاها في انتظارٍ منهما لردود فعل عليها.

ومعلوم ان الكشف عن آخر لقاء على هذا المستوى جرى بين الطرفين يعود الى اكثر من سبعة اشهر، وتحديدا عندما وزع إعلام الحزب صورة عن لقاء جمع نصرالله ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" صالح العاروري الذي سقط في مطلع السنة الجارية بعملية جوية نفّذها طيران حربي اسرائيلي ابان وجوده في الضاحية الجنوبية، فقضى القيادي الذي هدده رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين #نتنياهو بالاغتيال قبل فترة.

كان ذلك اللقاء مرفقا بالصورة تظهيراً لرسالة أرادها الطرفان في حينه وانتهى في الآونة الاخيرة تلقائيا مفعولها بناء على الاعتبارات الآتية:
- سقوط العاروري غيلة، وقد وصفه نتنياهو أخيرا بانه الشخص الرابع في رأس هرم قيادة حركة "حماس" وذلك في معرض تباهيه بالانتصارات التي سجلها جيشه في الآونة الاخيرة.

- ان الصراع الدائر بين المحور الذي ينضوي الطرفان تحت عباءته واسرائيل لم يكن وقتذاك قد بلغ مبلغه الاخير ميدانيا، اذ لم يكن شمال غزة ووسطها قد سقطا بيد الجيش الاسرائيلي المتقدم، كما لم يكن مستوى الصراع بين القوة العسكرية للحزب وبين القوات الاسرائيلية قد امتد على هذه البقعة الجغرافية وبلغ هذا المنسوب العالي من الضراوة والشراسة المفتوحتين على كثير من الاحتمالات السلبية.

- وفي ذلك الحين ايضا، لم تكن الضغوط العربية - الغربية التي تمارَس على حركة "حماس" لكي تقبل باتفاق هدنة مع اسرائيل على هذا المستوى من القسوة.

بناء على كل هذه الاعتبارات والمستجدات الماثلة، كان لزاما على الطرفين ان يبرزا اللقاء الاخير، وان يحرصا على عقده على هذا المستوى القيادي الرفيع. فقد سرت معلومات مفادها ان ثمة ضغوطا قاسية وفوق العادة تمارَس على جناح الحركة المولج بخوض جولات التفاوض غير المباشر مع الاسرائيليين في القاهرة والدوحة وعواصم اخرى. وكان تركيز تلك الضغوط منصبّا على اعطاء جهة حركية بعينها هذه المهمة لاتّسامها بالمرونة من جهة، ولحماستها لابرام الصفقة سريعا من جهة اخرى.

ووفق المعلومات نفسها فان واقع الحال هذا سبّب تباينات وخلافات داخل حركة "حماس"، لذا فان تعليمات صارمة أتت من قيادة الحركة في غزة بقيادة رئيسها يحيى السنوار عبر رسالة الى المفاوضين فحواها: "اياكم ثم اياكم ان تقدِموا على اي تنازل يفضي الى القبول بهدنة موقتة مع الاحتلال تسمح له لاحقا بمعاودة حربه علينا اذا ما نحن تخلّينا عن ورقة القوة عندنا وهي ورقة الاسرى والرهائن، لان ما خسرناه قد خسرناه ولم يعد عندنا ما نخشى خسارته، فتصلّبوا الى اقصى الحدود ولا تضيعوا جهودنا وتضحياتنا".

أيام قليلة على سريان هذا الكلام ويظهر خليل اسماعيل ابرهيم الحيّة في القاهرة بصفته المفاوض باسمها، ما ادى تلقائيا الى تراجع موفدين سابقين عن هذه المهمة، فتبدّى جليا ان ثمة تحولات جذرية في الموقف. وليس خافيا ان الحيّة الذي يحمل دكتوراه في علوم الشريعة من احدى جامعات ايطاليا والمتعدد الادوار والمهمات يشغل منصب نائب رئيس الحركة في غزة، ويشغل ايضا منصب رئيس مكتب العلاقات العربية والاسلامية، وهومحط ثقة قيادة الحركة في سراديب غزة ويُحسب من عداد جناحها المتصلب، الذي تولى القيادة في آخر مؤتمر تنظيمي عام للحركة، فضلاً عن علاقته الوثقى بايران والقيادة السورية من جهة، وقيادة "حزب الله" من جهة اخرى.

وعليه، كان بديهيا ان يماط اللثام فجأة عن وصول الحية الى بيروت قادما مباشرة من القاهرة بعد آخر جولة مفاوضات غير مثمرة خاضها هناك، ومن ثم يُكشف عن لقائه على رأس وفد مع السيد نصرالله في الضاحية الجنوبية. فهذا اللقاء من كل جوانبه هو بمثابة اعلان للتوجه الحاسم الذي يتولى السنوار التعبير عنه والنطق بلسانه، وهو ايضا سقوط للتوجه المخالف. وهكذا فان دفع صورة اللقاء الى الضوء كان ضرورة للطرفين معا انطلاقا من ثلاثة اعتبارات:
الاول، ان ثمة وريثا موثوقا به من قيادة الحزب يخلف العاروري ويمضي على النهج نفسه.

الثاني، كان ضروريا ان يطمئن الحزب الى ان الجهد الكبير الذي بذله على الحدود الجنوبية مضافا الى الجهد الذي بذلته حركة "حماس" ومعها فصائل اخرى في غزة والضفة الغربية، لن يضيع على مذبح التراجعات والحسابات الاستسلامية الضيقة عند اطراف وعواصم معنية.
الثالث، ان التنسيق والثقة المتبادلة بين الطرفين هي هي، خصوصا مع يقينهما بان امامهما مرحلة اكثر قسوة.

وعليه فان للصورة الجامعة تلك مهمة اخرى هي تظهير مشترك لترتيبات مرحلة ما بعد غياب العاروري وتأكيد بان الامور بعد 160 يوما من المواجهات مع القوات الاسرائيلية مفتوحة على احتمالات اكثر شراسة.

في اوساط "حزب الله" من يرى في الصورة عينها انها تعادل معركة من المعارك العسكرية كونها أتت مباشرة بعد انباء راجت عن امرين اثنين:
الاول، ان "حماس" تواجه احتمال ان تخسر رفح عبر هجوم بري عليها فتكون بذلك نهاية قوتها العسكرية.

الثاني، ان الاجتياح البري الاسرائيلي للجنوب اللبناني امر حاصل في موعد اقصاه منتصف نيسان المقبل، ما يعني نهاية لقوة الحزب العسكرية التي يتم إعدادها منذ عام 2006.

وبصرف النظر عن دقة هذه الاحتمالات، ثمة من يرى ان الصورة وإنْ كانت اشارة من الطرفين الى انهما ما زالا يمتلكان زمام المبادرة، فان الامر لا يعدو كونه فعلا دفاعيا ليس إلا.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار