العلاقة بين "الحزب" و"التيّار" في غرفة العناية مجدّداً | أخبار اليوم

العلاقة بين "الحزب" و"التيّار" في غرفة العناية مجدّداً

| السبت 23 مارس 2024

العلاقة بين "الحزب" و"التيّار" في غرفة العناية مجدّداً

عون : تملك قابليّة التطوير رغم ما اعتراها


 "النهار"- ابراهيم بيرم

بعد زيارة وفد "حزب الله" الرفيع برئاسة محمد رعد للرابية ناقلاً الى الرئيس العماد ميشال عون "تحيات خاصة" من السيد حسن نصرالله مرفقة بشرح عن الدواعي التي حدت بالحزب الى فتح المواجهات مع إسرائيل على الحدود الجنوبية في 8 تشرين الأول الماضي، كان ثمة من ينتظر أن يكون ذلك مقدمة لانخفاض مستوى التوتر الذي ساد العلاقة التحالفية التي ربطت بين الطرفين لنحو عقد ونصف تمهيداً للبحث عن صيغة تفاهمية بينهما وفق مقاربات مختلفة تؤسس لملاقاة المرحلة المقبلة وتكون مستوعبة للتحولات والمستجدات التي فرضت نفسها منذ إبرام تفاهم مار مخايل في شباط عام 2006.

ولقد استند أصحاب هذه الرؤية الى وقائع ومعطيات أساسية أبرزها:
-أن الحزب هو من اعتصم بالصمت حيال كل حملات رموز "التيار الوطني" عليه في الفترة السابقة، ما يعني أنه كان يلتزم إنفاذ قرار ضمني يقضي باستيعاب مفاعيل هذه الحملات ولا يريد تحويلها سجالاً، مقدّمةً لاسترضاء التيار والوقوف على خاطره وسماع ملاحظاته، لأنه ضمناً يريد إثبات أنه ليس من النوع الذي "يخلع صاحبه" أو يسحب يده من يد مبسوطة إليه.

-ثمة قناعة سابقة عند الحزب فحواها أن مؤسس التيار الرئيس ميشال عون ما زال يتملكه الحنين الى علاقة مميزة سبق أن نسجها مع سيد الحزب، وشكلت علامة فارقة في مرحلة سياسية سادها التوتر والقلق، وأنه لو لم يكن يجول في خاطره رغبة بإعادة إحياء هذا التفاهم لما كان قبل بانعقاد مثل هذا اللقاء. لكن رياح التطورات اللاحقة ما لبثت أن أطاحت المناخ التفاؤلي الذي ساور كثيرين ولا سيما الحرصاء على بعث الروح في هذا التفاهم.

فبعد أقل من 36 ساعة على لقاء الرابية فوجئ الوسط السياسي والإعلامي بـ"حملة" مضادة من جانب قيادة "التيار" تظهر بما لا يدع مجالاً للشك أن التيار ليس مستعجلاً لإعادة الأمور الى مسارها الطبيعي السابق مع الحزب وأن عنده "دفتر شروط" يطلب الالتزام به من الجانب الآخر لكي يقبل بإعادة الأمور سيرتها الأولى معه.

في أوساط قريبة من الحزب بدت تلك الشروط قاسية بل تكاد تكون تعجيزية، الى درجة أن في قيادة الحزب من فسّرها على أنها:
-محاولة يُقصد بها على المدى البعيد وأد أي أمل أو فرصة لتجديد التفاهم.

-وأنها أيضاً تنمّ عن رغبة من هذا الطرف في ليّ ذراع الحزب وكسر إرادته وإظهاره بمظهر المخطئ والنادم على خطئه، خصوصاً عندما استخفّ رموز التيار بمعتقدات ومسلّمات لها عند الحزب خصوصية ولا سيما ما يتصل بموضوع الصراع مع إسرائيل وإسناد المتصارعين معها.
-ولقد تجلى هذا أكثر ما يكون في الكلام الذي أطلقه العماد عون وندّد فيه بلسان صريح بمسارعة الحزب الى إشهار حرب دعمه وإسناده لغزة من منطلق أن ليس هناك تعهّد مسبق (مع غزة) يوجب هذه الاندفاعة المتسرعة والمغامرة. وهو ما عدّه الحزب رفضاً منه لوجهة النظر التي حملها إليه رعد.

-كما تجلى في كلام رئيس التيار جبران باسيل الذي اتهم الحزب بكل صراحة بأنه هو البادئ بالخروج من موجبات التفاهم، ليختم كلامه بما هو أشد وأدهى عندما أشار الى أن الكرة هي في مرمى الحزب وأنه إذا رغب في تجديد التفاهم فعليه القبول بالشروط التي حدّدها مستخدماً مصطلحاً عزيزاً عند الحزب لكون سيده يدأب على استخدامه في معظم إطلالاته وهو مستقى من آية قرانية تقول: "وإن عدتم عدنا".

وأيضاً استوعب الحزب الصدمة والضربة وعاد الى اتباع سياسة الاستيعاب عبر التزام جانب الصمت خصوصاً أنه يعتبر نفسه في معركة ولا يريد أن يشغله شاغل عنها وأن عنده أيضاً الفرصة لتجديد الحوار مع التيار سعياً لمحطة تفاهم ولو بعد حين.

حيال كل ذلك يبرز رأي موضوعي لعضو تكتل "لبنان القوي" والقيادي المخضرم في التيار النائب آلان عون يتركز على مستقبل هذه العلاقة وسبل تطويرها ودفعها قدماً.

ويقول عون في تصريح لـ"النهار":
"لا شكّ في أن لبنان يرتبط بمرحلة اضطرابات كبيرة وهو اليوم يفقد جزئياً استقراره الأمني في الجنوب مع خطر فقدانه بالكامل في حال توسّع الحرب، وهو سبق أن فقد استقراره المالي مع الانهيار الكبير الذي حصل في تشرين الأول ٢٠١٩ وما زالت مفاعيله مستمرّة في غياب المعالجات، وهو فقد استقراره السياسي منذ الفراغ الرئاسي.

وهذه التحديات جميعها تنعكس على مختلف العلاقات السياسية بقدر توقّعات كل فريق للمرحلة المقبلة".

أضاف "إن كان بعض الأفرقاء يضعون سقفاً عالياً جدّاً لتوقّعاتهم بحيث يرتجون نهاية للحرب تقلب موازين القوى بالكامل في الداخل اللبناني، فإن أفرقاء آخرين ونحن كتيار وطني حرّ منهم يحافظون على حدّ أدنى من الواقعية والموضوعية حول اليوم التالي لهذه الحرب في لبنان.
وهذا يقود طبعاً إلى مقاربة أكثر حكمة للعلاقات السياسية مع الآخرين مهما اشتدّ الخلاف السياسي معهم.

وأعتقد أن علاقة التيار و"حزب الله" تخضع تحديداً لهذه المعادلة، فبقدر ما يجدر الاعتراف بأن طبيعتها اللصيقة والمفرطة جداً أصبحت من الماضي، فإن هذا لا يعني الذهاب إلى موقع الخصومة أو القطيعة، بل بالعكس هناك حاجة لإعادة تنظيم هذه العلاقة بطريقة جديدة متناسبة مع حالتها المستجدّة، أي علاقة منفتحة على التلاقي حول أي مسألة أو ملف من دون تردّد، وعلاقة متقبّلة في الوقت نفسه للتمايز والافتراق حيال ملفات ومسائل أخرى".

ورداً على سؤال أجاب عون: "إن الكثير من العلاقات السياسية ومنها علاقة التيار بالحزب ستتأثر بما ستؤول إليه التسوية المقبلة في لبنان ومدى انخراط كل فريق فيها وموقعه فيها، بما فيه أيضاً برنامج المرحلة التي ستليها وعناوينها.

والتيار ما زال يمرّ في مرحلة مخاض بعد تجربة قاسية في السلطة ستحدّد الكثير من خياراته ودينامياته الداخلية والخارجية في المرحلة المقبلة وستتطوّر علاقته مع الآخرين ولا سيّما "حزب الله" حسب تطوّر الأحداث والظروف مع الاعتراف بأنه رغم التباينات الكبيرة الأخيرة، تبقى العلاقة بينهما قابلة للتطوير إيجاباً بحكم عدم وجود حواجز جوهرية تمنع هذا التلاقي كما هي الحال بين "حزب الله" وقوى سياسية أخرى في البلد.

أما من ناحية "حزب الله"، فلا شكّ في أن تدهور العلاقة مع التيار يستدعي مراجعة عميقة للأسباب التي أدّت إلى ذلك وتتطلّب مقاربات جديدة تعيد وصل ما انقطع بينه وبين المكوّن المسيحي عموماً، وقواه السياسية خصوصاً. وهذا يتطلّب إعادة نسج علاقات ترتكز أكثر على معالجات هواجس المسيحيين الأساسية على مختلف أنواعها أكثر منها مقاربات تقتصر على اعتبارات بحت سلطوية تبقى مرحلية بينما المكاسب البنيوية والإصلاحية والوطنية هي مستدامة وتحصّن العلاقة بينه وبين المجتمع المسيحي ككلّ بمعزل عن تنوّع الانتماءات السياسية فيه".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار