تبني روح الوقاية: تحويل نهجنا تجاه الصحة | أخبار اليوم

تبني روح الوقاية: تحويل نهجنا تجاه الصحة

| الأربعاء 17 أبريل 2024

تبني روح الوقاية: تحويل نهجنا تجاه الصحة

هكذا نخلق إرثا من الرفاهية للأجيال القادمة

 

د. زياد الخطيب - "اخبار اليوم"

يصادف في شهر نيسان، يوم الصحة العالمي، وهو تذكير في الوقت المناسب بالأهمية القصوى للصحة في حياتنا. وفي لبنان، تجسد وزارة الصحة العامة التزاماً كبيراً بحماية الصحة في البلاد.

إن تسمية "الصحة العامة" تؤكد بطبيعتها على اتباع نهج استباقي، مع إعطاء الأولوية للوقاية على العلاج. وهذا المنظور ليس مجرد موقف سياسي، بل هو قيمة ثقافية وتقليدية عميقة الجذور تؤكد المسؤولية الجماعية تجاه تحسين الإنسانية. ويرتكز جوهر الصحة العامة على الاعتقاد بأن الوقاية من الأمراض وتعزيز الممارسات الصحية أكثر فائدة بكثير من الوقاية من الأمراض (يعني ليس فقط مجرد توفير العلاج). ويعكس هذا الاعتقاد الحكمة القديمة القائلة بأن "الوقاية خير من قنطار علاج".

 ومع ذلك، هناك فجوة في التصور بين الجمهور، حيث غالبًا ما يُنظر إلى دور وزارة الصحة العامة في المقام الأول كمقدم للتدخلات الطبية والحصول على العلاج. ورغم أن هذه الخدمات حاسمة بلا شك في الحد من عبء المرض، فإن التحول المحوري في العقلية مطلوب.

والتحول الذي نسعى إليه هو الذي يحول الأفراد من متلقين سلبيين للرعاية الصحية إلى عناصر نشطة للوقاية داخل مجتمعاتهم. وينطوي هذا التحول النموذجي على تنمية فهم أوسع للصحة، حيث يدرك كل فرد دوره في تعزيز مجتمع أكثر صحة. ويتعلق الأمر بتجاوز حدود المستشفيات والعيادات ودمج القرارات المتعلقة بالصحة في نسيج حياتنا اليومية.

ولتحقيق ذلك، يعد التعليم والوعي أمرًا أساسيًا. ويجب علينا إشراك المجتمعات من خلال البرامج التعليمية التي تسلط الضوء على أهمية ممارسات الحياة الصحية، مثل التغذية المتوازنة، والنشاط البدني المنتظم، ورعاية الصحة النفسية. وينبغي لهذه المبادرات أن تهدف إلى تمكين الأفراد بالمعرفة والأدوات التي يحتاجون إليها لتولي مسؤولية صحتهم والتأثير على من حولهم بشكل إيجابي.

وعلاوة على ذلك، فإن خلق بيئات داعمة تشجع على الاختيارات الصحية أمر ضروري. ويشمل ذلك تطوير الأماكن العامة التي تشجع النشاط البدني، وضمان الوصول إلى الأطعمة الصحية، وتنفيذ السياسات التي تحمي الصحة العامة. ومن خلال تعزيز ثقافة تقدر الوقاية وتمارسها، يمكننا إحداث تأثير مضاعف، ويلهم التغيير الذي يتجاوز السلوكيات الفردية ويعيد تشكيل الأعراف المجتمعية.

وفي هذه الرحلة نحو ثقافة الصحة الوقائية، يعد التعاون أمرًا حيويًا. فهو يتطلب جهودًا جماعية من الحكومات ومقدمي الرعاية الصحية والمجتمعات والأفراد. فلكل فرد دور فريد يؤديه في نسج نسيج مجتمع أكثر صحة، مجتمع لا يُنظر فيه إلى الصحة كسلعة شخصية بل ككنز مشترك.

وبينما نحتفل بيوم الصحة العالمي، دعونا نجدد التزامنا بالصحة، وليس مجرد الصحة كمبدأ غياب المرض ولكن كحالة من اكتمال السلامة البدنية والعقلية والاجتماعية.

فلنعتنق روح الوقاية، مدركين أنه في إطار ترابط حياتنا، تساهم صحة كل فرد في صحة الجميع. ومن خلال العمل الجماعي والمسؤولية المشتركة، يمكننا تحويل نهجنا في التعامل مع الصحة، وخلق إرث من الرفاهية للأجيال القادمة.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا

أخبار اليوم

المزيد من الأخبار