الزيارة الرسمية الثانية إلى سوريا في العهد الجديد: ملف النازحين يتصدّر

الزيارة الرسمية الثانية إلى سوريا في العهد الجديد: ملف النازحين يتصدّر

image

الزيارة الرسمية الثانية إلى سوريا في العهد الجديد: ملف النازحين يتصدّر
بيروت تستعجل إماطة اللثام عن ملف المفقودين وإعادة السوريين




عباس صباغ -  "النهار"

علّقت آمال كثيرة على زيارة رئيس الحكومة نواف سلام لدمشق بعد لقاء الرياض الذي جمع وزيري دفاع البلدين لوضع حد للتوتر على الحدود الشرقية، فهل من تقدم في حلحلة الملفات العالقة بين الجارين بعد أكثر من أربعة أشهر على تسلم المعارضة الحكم في دمشق؟

على أثر اتصالات شاركت فيها السعودية لترميم العلاقة التي شهدت توتراً حدودياً بين لبنان وسوريا، أجرى رئيس الحكومة وعدد من الوزراء جولة مباحثات مع القيادة السورية، وحفلت اللقاءات بعناوين كثيرة أبرزها ملف النزوح السوري ومصير المفقودين في سوريا وقضية إعادة المسجونين السوريين إلى دمشق وملف الحدود.
تأتي زيارة سلام لدمشق في توقيت يحمل الكثير من الدلالات ولا سيما بعد التوتر الحدودي الكبير الذي أرخى بظلاله على مسار العلاقة بين لبنان وسوريا، وعدم استجابة دمشق لعقد لقاء بين وزيري دفاع البلدين، ومن ثم كانت الرعاية السعودية لذلك اللقاء في الرياض والاتفاق على معالجة قضايا شائكة وفي طليعتها ترسيم الحدود وضمان الاستقرار.
إلا أن زيارة سلام كانت حافلة بملفات تصحيح العلاقات الثنائية وإعادة التوازن إليها بعد عقود من عدم الوضوح، وكذلك تطبيق المعاهدات المشتركة بما يضمن استقرار لبنان.
ولعلّ الملف الأبرز والأثقل هو النزوح السوري إلى لبنان وإخفاق كل المحاولات لإعادة نحو مليون ونصف مليون سوري إلى بلادهم بعد معارضة غربية وعربية أحيانا.
لكن انتفاء أسباب النزوح بعد سقوط النظام السابق لم ينعكس حلحلة لذلك الملف الذي يهدد وجود لبنان، ولم يتردد أكثر من مسؤول لبناني في وصف النزوح بأنه "أزمة وجودية".
وخلال اللقاء الرسمي الأول الذي عقد في دمشق بين رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي والرئيس الانتقالي أحمد الشرع، لم تظهر دمشق حماسة لإعادة النازحين، وشددت على ضرورة إعادة الودائع السورية المحتجزة في المصارف اللبنانية.
لم يُصَر بعد إلى الاتفاق بين بيروت ودمشق على حلحلة كاملة للملفات العالقة، وجاءت زيارة سلام مع وفد وزاري، محاولة جديدة لإنهاء القضايا الملحة، بدءاً من إعادة النظر في الاتفاقات المشتركة وصولاً إلى ضمان الاستقرار على طول الحدود مروراً بعودة النازحين السوريين وكشف مصير المفقودين اللبنانيين.
وفي السياق، يؤكد الناشط السياسي الدكتور وسيم بزي لـ"النهار" أن "الزيارة تعبير مستمر عن إرادة سعودية للإمساك بالملف اللبناني - السوري ولا سيما بعد الارتباك الذي رافق عقد لقاء بين وزيري دفاع البلدين، إلى أن استقبلت الرياض الوزيرين ثم جاءت زيارة سلام للسعودية صبيحة عيد الفطر، ما يؤكد التصميم السعودي على الحضور القوي في ذلك الملف، بمباركة أميركية، على الرغم من تحفظات واشنطن عن حكومة الشرع".
لكن تطور العلاقات اللبنانية - السورية بعد سقوط النظام السابق شهد أكثر من محطة، سواء من خلال زيارة ميقاتي بعد انتخاب الرئيس جوزف عون، أو في لقاء الأخير مع الشرع قبل التوتر على الحدود وبعده ومع تدخل الجيش اللبناني لإعادة الهدوء، في أعقاب أكثر من جريمة بحق اللبنانيين المقيمين في بلدات حدودية ومنها بلدة حاويك، ومقتل ابن شقيقة النائب غازي زعيتر، إضافة إلى مشاركة مجموعات مسلحة من خارج "هيئة تحرير الشام " في الهجوم على بلدات لبنانية ومنها حوش السيد علي.
ويلفت بزي إلى أن خلوة عقدت في الرياض بين وزيري الدفاع اللبناني والسوري في حضور سعودي، أكد خلالها وزير الدفاع ميشال منسى الموقف الرسمي بإعادة الهدوء إلى الحدود ومشاركة الجيش اللبناني في التصدي للمجموعات المسلحة.
وعلى الرغم من قضية الحدود، يتصدر ملف النزوح السوري القلق اللبناني وسط تسريبات تشي بأن دمشق غير مستعجلة لإعادة النازحين. تلك المقاربة تتقاطع مع حديث وزاري لبناني عن العودة الطوعية، وهو ما عبرت عنه في شكل أو آخر وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد.
أما الملف الآخر الشائك فهو المتصل بمزارع شبعا، ويلفت بزي إلى "محاولة لنزع الهوية اللبنانية عن المزارع المحتلة على الرغم من أن الأمر يحتاج إلى إجماع وطني".
وفي ملف المفقودين اللبنانيين في سوريا، الإجراءات متواصلة لكشف مصيرهم، والأمر يترافق مع تسليم ملفات أمنية سورية لبيروت، ومنها ما يتصل بقضايا بعيدة عن قضية المفقودين. ويذكر أن الملف الذي حقق تقدما يكمن في تسليم السجناء السوريين إلى دمشق، وهو ملف واكبه ميقاتي وتوصل خلال لقائه في دمشق في 11 كانون الثاني/يناير الفائت إلى اتفاق لإعادتهم بعد تجزئة الملف إلى 3 أقسام.