من الشعانين إلى القيامة... رجاء يزهر من بين الركام وأمل بانتهاء درب الجلجلة!
أسبوع من الآلام سار خلاله مسيحيّو القرى الحدوديّة حاملين صلبانهم
وصولًا إلى أحد القيامة حيث جدّدوا رجاءهم وثبتوّا إيمانهم
فالنتينا سمعان – "اخبار اليوم"
رغم الجراح التي لم تندمل بعد، وآثار الحرب الماثلة في الشوراع والمنازل والذكريات، أطلّ عيد الفصح هذا العام على الجنوبيّين حاملًا معه فسحة أمل ورجاء بقيامة جديدة، فكان مناسبة ليؤكّد من خلالها سكان القرى الحدوديّة تحديدًا أنّهم بخير رغم كلّ الدمار الذي يحيط بهم، وأنّهم باقون في أرضهم، لأنّهم يؤمنون أنّ ما بعد الضيق إلّا الفرج وأنّ درب الجلجلة الذي سلكوه سينتهي قريبًا...
أسبوع من الآلام، سار خلاله هؤلاء حاملين صلبانهم، وصولًا إلى أحد القيامة حيث جدّدوا رجاءهم وثبتوّا إيمانهم.
يارون والقليعة قريتان حدوديّتان، اختلفت احتفالات أبنائهما بالعيد كما مشاركتهما بأسبوع الآلام، وذلك نظرًا لكون الأولى منكوبة وأبناؤها لا زالوا نازحين، في حين أنّ أبناء الثانية يقطنون فيها، فهم لم يتركوها طيلة فترة الحرب، إلّا أنّ القاسم المشترك اللافت، أنّ السفير البابوي باولو بورجيا شارك القريتين فرحة الاحتفال، وأنّ للقريتين شفيع واحد (مار جرجس) سيحتفلان في عيده يوم غد.
View this post on Instagram
View this post on Instagram
في يارون، أصرّ الأهالي على تقضية أحدَيْ الشعانين والقيامة وما بينهما من أيّام في القرية الأحبّ إلى قلوبهم، بين أهلهم وأصدقائهم، ورغم دمار كنيستهم، عملوا على ترميمها للاحتفال وإقامة القداديس في "صالونها".
زيارة البلدة كانت لساعات أو ليوم واحد، فهي لا تزال تفتقر لكلّ مقومات الحياة من ماء وكهرباء واتصالات، ومنازل الحارة مهدّمة أو غير صالحة للسكن كما قال روني حوراني، أحد أبنائها لوكالة "أخبار اليوم"، مضيفًا: "رغم ذلك، فيوم العيد هو مناسبة لنشهد على أننا أبناء رجاء وقيامة وأننا باقون في هذه الأرض التي هي أرضنا رغم كلّ الدمار من حولنا".
حوراني لفت إلى أنّه وأبناء قريته، حرموا من عادات وتقاليد كانوا يقومون بها في مثل هذه الأيّام، خصوصًا فيما يتعلّق بتبادل الزيارات للمعايدة، واعتبر أنّ المعايدة هذا العام لا يجب أن تكون ككلّ سنة، إذ تمنّى ألّا يُعاد على أحد أي شيء ممّا حدث في الفترة السابقة، بل أن تحمل الأيّام المقبلة الخير والبركة على الجميع.
السفير البابوي الذي شارك أبناء يارون فرحتهم في اثنين العيد، كان قد شارك أبناء القليعة في أحد الشعانين، حيث احتفل بالقداس الثاني ومشى مع الأهالي بمسيرة حاشدة من الكنيسة حتى وسط البلدة، وأوصل رسالة معايدة وتقدير من البابا فرنسيس- الذي انتقل من بيننا أمس- لأهالي البلدة كما زار بعد القداس مزرعة سرده التابعة لوقف رعية القليعة ومنازلها وكنيستها المتضررة، وزار كنيسة مار انطونيوس المتضرّرة أيضًا في الخيام.
ليلة خميس الأسرار كانت مشاركة أبناء القليعة لافتة أيضًا في قداس المساء، وبعدها جابت مسيرة بالقربان المقدس شوارع القرية.
وتميّزت الجمعة العظيمة بتقليد سنويّ اعتاد عليه شباب البلدة، حيث زرعوا صليبًا حديديًّا كبيرًا على إحدى التلال لجهة وادي الليطاني كعلامة سلام وتمسّك بالأرض. وخلال هذا اليوم قام الأهالي بزيارة المصلوب مع الورد الذي اعتادوا أن يقطفوه من البراري ويقدّموه على شكل باقات وعقود لتوضع في نعش المصلوب، وعند الساعة الثالثة من بعد الظهر، أُقيمت مسيرة مراحل درب الصليب وجناز المصلوب حيث غصّت الكنيسة وساحتها بعدد كبير من المشاركين، كما أفاد سليم مقلد أحد أبناء البلدة لوكالة "أخبار اليوم" الذي ردّ ذلك إلى مجيء عدد من المغتربين إلى القليعة وذلك للاستفادة من اقتراب عيد الفصح من عيد مار جرجس شفيع الرعية، فالرعية تقيم لهذه المناسبة مهرجانًا سنويًّا يمتدّ لمدّة أسبوع.
وفي سبت النور، وبعد رتبة الغفران، تمّ سلق البيض بشكل جماعي لأبناء الرعيّة في قاعة الكنيسة، وأقيم قداس العيد منتصف اللّيل، وتلاه قداسان يوم الأحد، وشدّدت عظات القداديس الثلاثة على الصّلاة من أجل السّلام في لبنان والمنطقة والتمسّك بالرجاء المسيحي الذي هو خلاص للإنسان والإنسانية جمعاء.
العيد هذا العام في قرى الشريط الحدوديّ وعلى اختلاف مظاهر الاحتفال به، كان فعل إيمان جماعي ورسالة أمل أنّ قيام المسيح سيشكّل الانطلاقة لقيامة شعب رفض أن تسرق الآلام والأحزان يومه المقدّس!
من الشعانين إلى القيامة... رجاء يزهر من بين الركام وأمل بانتهاء درب الجلجلة!
— Akhbar Al Yawm (@akhbaralyawm) April 22, 2025
مشاهد من بلدة يارون
https://t.co/Y3FcUeN962 pic.twitter.com/CnCA4EJwMW