"بايريشرهوف"... حيث تروي الجدران حكايات الملوك!
كل ركن من هذا الصرح الأسطوري تُمنح الفخامة معنى يتجاوز المظاهر
إعداد: لوسي حبيب
على بعد خطوات من ساحة "مارين بلاتز" النابضة بالحياة في وسط مدينة ميونيخ الألمانية، يقف فندق "بايريشرهوف" Bayerischer Hof كشاهد خالد على فخامة لا يطالها الزمن، وعراقة تنسج خيوطها من مجد الملوك وسحر المدينة. هنا، لا تقتصر الإقامة على رفاهية الغرف أو أناقة التصميم، بل تمتد إلى تجربة حسيّة، تنقلكم في رحلة عبر أكثر من 180 عاماً من التقاليد، والذوق الرفيع، والضيافة الراقية. منذ أن حلم ملك بافاريا لودفيغ الأول عام 1839 بإنشاء ملاذ ملوكي يليق بزوار عاصمته، ولدت فكرة "بايريشرهوف" كتحفة معمارية وروحية في آن واحد. وفي عام 1841، تحقّق حلم الملك على يد المهندس المعماري جوزيف أنطون فون مافيه، ليفتح الفندق أبوابه أمام نخبة المجتمع الأوروبي، محتفياً بالأرستقراطية البافارية بجمالها وأناقتها.
لقاء الحداثة بجذور الأصالة!
منذ نشأته، لم يكن "بايريشرهوف" مشروعاً معمارياً فحسب، بل مرآة حية تعكس روح ميونيخ، وتحولاتها الثقافية والاجتماعية عبر العصور. مكانته لم تهتز رغم تعاقب السنين، بل ترسخت أكثر مع انتقال ملكيته إلى عائلة فولكهارت عام1897، التي تعاملت معه ليس كفندق فخم فحسب، بل كإرث حضاري وتاريخي ثمين، يستحق أن يُصان ويُورَّث للأجيال. وبقيادة إينغريت فولكهارت، التي تسلّمت دفة الإدارة عام 1992، شهد الفندق نهضة حقيقية، إذ جمعت في رؤيتها بين الوفاء لجذور المكان وتطلعات المستقبل. بحسٍّ شغوف وإيمان عميق بأهمية التجديد، أطلقت خطة تطوير شاملة تجاوزت قيمتها 200 مليون يورو، أعادت من خلالها رسم معالم "بايريشرهوف" كواحد من أبرز رموز الضيافة الراقية في أوروبا. كان من أبرز محطات هذا التحوّل، التعاون مع مهندس الديكور البلجيكي العالمي أكسل فيرفورت، المعروف بفلسفته الهادئة التي تمزج بين الصفاء والدفء التاريخي. تحت إشرافه، تحوّلت أركان متعددة من الفندق إلى لوحات فنية معمارية، تنطق بالأناقة وتجسّد حواراً متقناً بين الحداثة والأصالة. شملت التحديثات مطاعم "غاردن" و"أتيلييه" ذات المفهوم الذوّاق، إلى جانب صالة "باليه هول" التي تنبض بسحر الزمن الجميل. كما أعيد تصميم الجناحين الجنوبي والشمالي ليضما 28 غرفة تعبق بالرفاهية الهادئة. كما إمتد التحديث إلى قصر "مونجيلاس" التاريخي، الذي يُعد امتداداً للفندق ومعلماً يعكس النبض الأرستقراطي للمدينة، بالإضافة إلى الAtrium، البهو المزدان بقبة زجاجية مهيبة تُكرم المكان بالنور الطبيعي الذي ينساب إلى الداخل ناشراً شعوراً بالسكينة والصفاء.
عيشوا الرفاهية!
في الطابق السابع من الفندق، يكتمل المعنى الحقيقي للفخامة داخل أحد أكثر الأجنحة تفرداً في أوروبا - "بانوراما سويت 7". هذا الجناح ليس مجرد مساحة للإقامة، بل تجربة حسّية وفنية متكاملة، صاغها فيرفورت بلمساته التي تمزج بين البساطة المدروسة والعراقة النادرة. كل زاوية في هذا الجناح تروي حكاية. الأرضيات الدافئة من خشب الدردار الفرنسي، تقابلها مقاعد إيطالية عتيقة تعكس أناقة العصور الماضية، بينما تنبعث من المصابيح اليابانية أجواء من الهدوء والتأمل. وبين طيات هذه التفاصيل، تقف المزهريات البلجيكية المصنوعة يدوياً كرموز لفن لا يعرف المساومة على الجمال أو الجودة. أما الشرفة الخاصة "اللوجيا"، فهي امتداد لهذه الرحلة الحسيّة؛ مساحة أنيقة تطل على أفق ميونيخ المتوهج، حيث لحظات الشروق والغروب تتحول إلى مشاهد شاعرية تُعاش بهدوء وتأمل. ومما يضيف على هذا الجناج المزيد من التألق، مساحته الرحبة التي تصل إلى 170 متراً مربعاً، مع إمكانية ضم ثلاث غرف نوم إليه، ليشكل ملاذاً مثالياً للعائلات أو الزوار القادمين من البلدان العربية، ممن يبحثون عن مزيج نادر من الفخامة، والخصوصية. في "بانوراما سويت 7"، كما في كل ركن من هذا الصرح الأسطوري تُمنح الفخامة معنى يتجاوز المظاهر، وتصبح أسلوب حياة يُعاش بكل الحواس.
https://youtu.be/LL0gqpuYvQY?feature=shared