"الوصاية" الدولية وصلت إلى مجلس الإعمار

"الوصاية" الدولية وصلت إلى مجلس الإعمار

image

الحكومة في مواجهة اختبار الشفافية اليوم
"الوصاية" الدولية وصلت إلى مجلس الإعمار

رنى سعرتي - "نداء الوطن"

لم يأت طلب الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بتولّيه دراسة الجدوى للمشاريع التي ينوي تمويلها، وعدم الاكتفاء أو الاتّكال على مجلس الإنماء والإعمار، من عدم. فضمن المطالب أو الشروط التي تفرضها الجهات المانحة، وأوّلها صندوق النقد الدولي، على غرار تعيين حاكم مصرف لبنان وإقرار القوانين، وضبط التهريب والجمارك وغيرها، يبرز مطلب تعيين رئيس وأعضاء جدد لمجلس الإنماء والإعمار، وهي السلطة الإنمائية التي تمرّ عبرها جميع المشاريع الاقتصادية التي يتم تمويلها، إما عبر الجهات المانحة من خلال القروض والهبات، وإما عبر الدولة نفسها.
كما يعتبر مصرف لبنان سلطة نقدية تتحكّم بالنظام المالي والنقدي والمصرفي في البلاد، فإن مجلس الإنماء والإعمار هو السلطة الإنمائية التي تتحكم بالمشاريع الاقتصادية والإنمائية في البلاد، أبرزها إعادة الإعمار والبنية التحتية، متحكّماً بأموال طائلة تُخصّص لهذا الغرض، وتأتي عبر هبات وقروض من الجهات المانحة للدولة اللبنانية.

بات من الواضح أن الجهات المانحة لم تعد مستعدّة إطلاقاً لهدر أموالها وإرسال المساعدات والدعم المالي بأي شكل كان إلى لبنان، من دون التأكّد من الشفافية المطلقة في صرف تلك الأموال، بدليل أنها لم تعد تثق بالقنوات التي تمرّ عبرها تلك الأموال لتمويل المشاريع المطلوبة، إن لناحية إعادة الإعمار أو تطوير البنية التحتية من شبكات مياه، كهرباء واتصالات وغيرها. لذلك، حان دور مجلس الإنماء والإعمار اليوم الذي يعاني من شغور تبلغ نسبته 90 في المئة حالياً، والذي من المفترض أن تصدر نتائج الآلية المتّبعة للاختيار بين الـ 634 شخصاً الذين تقدموا للانضمام إلى عضوية المجلس ولتبوّؤ منصب رئيس المجلس، وقد تمّت غربلتهم وإجراء مقابلات مع من تطابقت مواصفاتهم مع المواصفات المطلوبة، اليوم، في جلسة مجلس الوزراء الذي قد يقرّ التعيينات. مع الإشارة إلى أن 100 مرشح تقدموا لرئاسة مجلس الإنماء والإعمار، 131 مرشحاً لمنصب نائب رئيس المجلس، 110 مرشحين لمنصب الأمين العام، و236 مرشحاً لعضوية المجلس، و57 مرشحاً لمنصب مفوض الحكومة لدى مجلس الإنماء والإعمار.

مهام وصلاحيات الإنماء والإعمار
لماذا تولي جميع الجهات أهمية كبرى لتعيينات مجلس الإنماء والإعمار؟
تعتبر الجهات المحلية والدولية أن مجلس الإنماء والإعمار، نظراً للمهام والصلاحيات الواسعة الممنوحة له، قد يكون باباً أو نافذة لتطبيق نظام المحاصصة السياسية، الذي طالما كان سائداً في لبنان، ولتوزيع المشاريع الإنمائية والاقتصادية والاجتماعية على أطراف محدّدة وجهات تابعة لأطراف سياسية. ومن المعروف أن مجلس الإنماء والإعمار مسؤول عن المواضيع التالية:

- إعداد جميع الخطط وبرامج الإعمار والإنماء والمشاريع والاقتراحات الاقتصادية والمالية والاجتماعية ووضع أولوياتها ورفعها إلى مجلس الوزراء للموافقة.

- اختيار الإدارة أو المؤسسة العامة أو البلدية أو الشركة المختلطة أو الخاصة، التي يوكل إليها تنفيذ المشاريع المكلف القيام بتنفيذها والموافقة على الوسيلة القانونية الملائمة لإتمام هذا التنفيذ.

- إعداد واقتراح مشاريع عقود القروض الداخلية والخارجية واقتراح إصدار سندات التمويل بعد موافقة مجلس الوزراء.

- إقرار وإبرام جميع العقود التي يجريها المجلس مع الغير، خصوصاً عقود إقراض المؤسسات العامة أو البلديات أو المؤسسات المختلطة أو الخاصة.
- اقتراح مشاريع القوانين ذات الطابع الإعماري والإنمائي على مجلس الوزراء.

- اقتراح الموازنة المختصة بتنفيذ الخطة العامة.
- الإشراف على توجيه المساعدات الاقتصادية والمالية والخارجية إلى أهدافها، ومراقبة استخدام حصيلة القروض ضمن غاياتها الإنمائية والإعمارية.

- إقرار صفقات اللوازم والأشغال والخدمات، سواء أجريت بطريقة المناقصة أو استدراج العروض أو التراضي وفقاً لأحكام النظام المالي للمجلس.

- قبول الهبات والتبرعات والمساعدات شرط موافقة مجلس الوزراء عليها وتملك الأموال المنقولة وغير المنقولة.

مواقف نيابية
في هذا السياق، اعتبر النائب آلان عون أن تعليق الجهات الدولية المانحة أهمية كبرى على تعيينات مجلس الإنماء والإعمار، تأتي في سياق «الوصاية المالية» التي باتت تلك الأطراف تفرضها على لبنان، نظراً للتجارب السلبية السابقة في طريقة تبذير أموال المساعدات أو القروض والهبات، «وبالتالي من الواضح اليوم أنه ستكون هناك رقابة متشددة من قبل المجتمع الدولي، بدءاً من الإصلاحات المطلوبة مروراً بطريقة وكيفية إنفاق أي تمويل قد يحصل عيله لبنان، وأي دعم مالي موعود، إن تحقق، وصولاً إلى فرض رقابة أيضاً على تنفيذ المشاريع المموّلة»، وفقاً لعون.

وأكد لـ «نداء الوطن» أن أهمية المجلس تكمن في دوره الكبير بعملية إعادة الإعمار، في حال حصولها، وبناء على ذلك، تتجه كافة الأنظار اليوم على مجلس الإنماء والإعمار الذي سيدير تلك العملية والذي سيتحكم بمحفظة القروض والهبات والمساعدات التي قد ترد إلى لبنان، وليس الوزارات المعنيّة. معتبراً أن حرص الجهات المانحة الدولية على إجراء تعيينات شفافة مبنيّة على الكفاءة وليس المحاصصة، نابع من قرارها الحاسم بالتشدد الرقابي على مجمل مسار التمويل الذي قد يحصل عليه لبنان.


ورأى عون أن الحكومة ستخضع اليوم لاختبار الشفافية في التعيينات عندما تختار رئيس وأعضاء مجلس الإنماء والإعمار، على أساس الحدّ الأدنى من الكفاءة والخبرة بغض النظر عن الجهة التي طرحت أسماء المرشحين.

من جهته، اعتبر النائب شوقي الدكاش أيضاً أن تعليق أهمية كبرى على تعيينات مجلس الإنماء والإعمار محلياً ودولياً، نابعة من دوره الكبير في عملية إعادة الإعمار المرتقبة، وبشكل أساسي في إعادة تأهيل البنية التحتية. مؤكداً لـ «نداء الوطن» أن المطلوب اليوم تعيين أشخاص ذوي ثقة وكفاءة لإدارة عملية تمويل المشاريع من خلال القروض والهبات بشكل شفاف جدّاً، بعيداً عن المحاصصة ومن أجل إعادة بناء البلاد بشكل سليم. ورأى أن التشدّد الدولي حول هذا الأمر يأتي في سياق العهد الجديد والإرادة السياسية لبناء الدولة، من دون مراعاة مصالح سياسية كما جرت العادة، «كفانا محاصصة وتقاسماً للمشاريع».

وأشار الدكاش إلى أن الآلية المتّبعة اليوم في كل التعيينات الإدارية وفي الهيئات الناظمة، والتي تدلّ على وجود شفافية مطلقة وتدعو إلى الطمأنينة في شأن المسار الجديد، بإدارة أشخاص ذوي كفاءة وخبرة.