بلدية طرابلس بلا مسيحيين: قراءة في الأسباب والنتائج

بلدية طرابلس بلا مسيحيين: قراءة في الأسباب والنتائج

image


بلدية طرابلس بلا مسيحيين: قراءة في الأسباب والنتائج
كثرة اللوائح جعلت المنافسة تنحصر بين المرشّحين السنة

مايز عبيد - "نداء الوطن"
شهدت مدينة طرابلس قبل أيام، أغرب عملية انتخاب تحصل في تاريخها. هي انتخابات بلدية لا تشبه سابقاتها لا شكلاً ولا مضموناً، ولا تشبه أي انتخابات حصلت في المدينة.
وفيما كان متوقعاً، أن تؤدي هذه الانتخابات مع الانطلاقة الجديدة للعهد، إلى فرز مجالس بلدية تمثّل التنوّع اللبناني، إذ بها تأتي بمجلس في طرابلس من مذهب واحد هو "السني"، لولا وجود عضو واحد علوي أفرزته النتائج، التي لم توصل أي عضو مسيحي، ولا امرأة، وقد استغرق صدورها ثلاثة أيام، وشابتها مخالفات، وتقصير وأخطاء.
لم تحم نتائج الانتخابات البلدية في طرابلس التنوّع، فكانت صورة طبق الأصل عن المجلس البلدي السابق، الذي وصل من لون واحد، ثم تجاذبته الولاءات السياسية، والخلافات بين الأعضاء، فكان مصيره الفشل في إدارة مشاكل المدينة. وما حصل في طرابلس انسحب على المنية أيضاً، مع عدم وصول أي عضو مسيحي إلى مجلسها البلدي.
واللافت في العملية الانتخابية، تدنّي نسبة التصويت في طرابلس. فالجمهور السني وهو الأكبر في المدينة، وعلى الرغم من الحشد والضغط السياسي، وعمل الماكينات التابعة للنوّاب: أشرف ريفي، فيصل كرامي، عبدالكريم كبارة، إيهاب مطر، وماكينة جمعية "المشاريع" و "العزم" وغيرها من القوى، لم يقبل على التصويت. ولم تستطع الماكينات جذب الناخبين السنّة إلى الصناديق بكثافة، لغياب الرؤية، وفقدان الثقة لدى الغالبية الساحقة من الطرابلسيين، بالأداء السياسي بشكل عام.

في مقابل التراجع في التصويت عند الناخبين السنّة، سُجّل شبه لامبالاة مسيحية بكل ما يجري، بينما نزل الناخب العلوي إلى الصناديق بكثافة، واستطاع إيصال 7 مخاتير من أصل 14 وهو أمر يحصل للمرة الأولى في طرابلس، فسّره البعض بغياب القيادة الواحدة لدى الشارع العلوي، التي كان من المفترض لوجودها أن يضبط عملية التصويت.

النائب في تكتل "الجمهورية القوية" عن طرابلس إيلي خوري يشرح لـ "نداء الوطن" الأسباب التي أدّت إلى هذه النتيجة ويقول: "إلى ما قبل الانتخابات بشهر واحد، كان الناس لا يزالون يعتقدون أنها ستؤجّل وهذه من الأسباب التي أفقدت الحماسة للعملية الانتخابية".


أضاف: "لقد شجعت على التوافق الذي كان يتمّ التحضير له تجنباً لأي اصطفاف، ودعوت المسيحيين ليترشّحوا ويشاركوا، وعلى الرغم من غياب الحماسة، ترشّح 5 مسيحيين ضمن معايير الكفاءة، وقد أقنعتهم بذلك بمساعدة المطارنة، وتوزّعوا على اللوائح. كان هناك أمل بأن يراعى تمثيل الأقليات في المدينة عبر اللوائح المقفلة، ولكن ذلك لم يمرّ في مجلس النواب. نحن كحزب لم تكن لدينا ماكينة في طرابلس وقد شكّلنا call center للتواصل مع الناخبين المسيحيين ومعظمهم يسكن خارج طرابلس".


وإذ يلفت خوري إلى أن "البيئة الطرابلسية لا سيّما السنيّة، كانت تشجّع على تمثيل الأقليات، لكن كثرة اللوائح، جعلت المنافسة تنحصر بين المرشّحين السنة"، ويؤكد "عدم وجود نيّة مسبقة لدى السنّة لتشطيب المسيحيين ولكن طبيعة المعركة فرضت هذه النتائج".

يتابع خوري، أنّ "نواب طرابلس سعوا والتزموا بوصول الأقليات، وثمة مرشّح مسيحي حصل على أكثر من 8 آلاف صوت واقترب من الفوز. وعن المخاتير سُجّل وصول 3 مخاتير من المسيحيين في الزاهرية ومختار في منطقة التل.


يختم خوري حديثه بالتأكيد "أن تكتل "الجمهورية القوية"، وعندما طرح قانون اللائحة المقفلة، لم يكن ذلك بقصد تغيير المعادلة في المدن الكبرى، وإنما لإظهار حقيقة هذه المدن ونسيجها المتنوّع".