سلامة: طرابلس تستحق مشروعاً ثقافياً بحجم تاريخها
في ندوة عن ديوان الوزير السابق رشيد درباس
احتفلت "جروس بريس ناشرون" بإصدار ديوان النقيب رشيد درباس الفصل الخامس على مسرح مؤسسة الصفدي في طرابلس برعاية وزير الثقافة غسان سلامة وحضوره، وحضور وزيرة التربية والتعليم العالي الدكتورة ريما كرامي والنواب : اشرف ريفي، طه ناجي وايلي خوري، الرئيس فؤاد السنيورة، الوزراء السابقون محمد الصفدي، كرم كرم، سمير الجسر، احمد فتفت، النائب السابق مصطفى هاشم، المطرانان ادوار ظاهر ويوسف سويف، المفتي الشيخ مالك شعار، نقيب المحامين في الشمال سامي الحسن ورئيس اللجنة الوطنية لليونسكو المحامي شوقي ساسين الى حشد من مثقفي المدينة وفاعلياتها.
بداية، النشيد الوطني فنشيد لمدينة طرابلس اعده الشاعر سابازريق، ثم رحب البروفسور اميل بديع يعقوب بالحضور وخصوصا الوزير سلامة.
والقى الوزير سلامة كلمته وتوجه الى النقيب درباس ناقلا إليه تحية رئيس الحكومه نواف سلام ونائب رئيس الحكومة طارق متري مشيرا الى انه رافقهما خلال استقبال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في السرايا والمفاوضات المثمرة التي جرت بين الجانبين وهما حملاه تحية للوزير درباس وتمنياتهما له بطول العمر ووافر الصحة.
وقال: "لن أتبارى مع هؤلاء ذوي الاقلام النافذة، لن اتبارى معهم في الكلام عن شعرك الجميل. أكتفي بالقول إنك أحرجت ريفالدي فطلبت منه ان يؤلف مقطعا اضافيا على فصوله الاربعة وفصلك الخامس هو فصل نحن به كما انت ، كلنا نحلم بان ياتي يوم ونبدع فصلا جديدا ليكون اختزالا لتجارب الفصول الاربعة الأخرى".
أضاف: "إن رشيد درباس يمثل برأينا نموذج المثقف العام وما هو المثقف العام؟ هو أولا صاحب خبرة في مجاله المهني او الاكاديمي وفي حالته اي الوزير الدرباس في المجال القانوني، لكنه لا يكتفي بهذه الخبرة، هذا هو الفارق بين الخبير والمثقف فالخبير يكتفي بخبرته، أما المثقف فيتجاوز خبرته لكي يضعها بتصرف العموم والراي العام. هذا ما فعله رشيد درباس فهو خبير في القانون لكنه في ناقوسه في مقالاته في كتبه يتوسع ويحادث الجمهور العريض اليوم لينقل لهذا الجمهور قبسا من تجربته ومن علمه. اذا هو نموذج ذلك المثقف العام الذي حلم به جرانجي وغيره من الفلاسفة وهذا النموذج هو في خطر، أقولها لأنني أنتمي الى ذلك الجنس جنس المثقف العام وهو في خطر لاسباب كثيرة اولها الثورة التكنولوجية نفسها لان الثورة التكنولوجيه تعطي الكلام لاي كان فاذا كنت في المكان المناسب وفي الوقت المناسب اصبحت مراسلا وان كتبت باي لغة ومهما كانت بلاغة لغتك فانت اصبحت معلقا ومفكرا وصحيح ان الثورة التكنولوجيه سمحت لكل صاحب هاتف ذكي ان يتحول الى معلق ومراسل ومصور وما اشبه ولكنها من ناحية جعلت المثقف اكثر ديمقراطية، ولكنها من ناحية اخرى بسبب كثرة المتدخلين خلطت الغث بالثمين، وبالتالي اصبح دور المثقف العام اكثر صعوبة لانه لا يتنافس فقط مع زملائه بل يتنافس مع عموم مجهول الهوية مجهول الإقامة يعرف كيف يستعمل الحاسوب او التليفون الذكي".
تابع:"المثقف العام في خطر ايضا لان العلاقة بين السياسة والثقافة قد انقلبت راسا على عقب. حتى زمن قريب كنا نخاف على الثقافة من السياسة بتنا نخاف من السياسة على الثقافة، لماذا؟ لأن الثقافة حلت ثقافة كبرى التي عاش عليها القرن العشرون الليبرالية والاشتراكية والراسمالية كلها هبطت مع هبوط جدار برلين وما وجد البشر امامهم الا العودة الى تلك المسميات الثقافية واصبح كل من اصحاب الراي يتحجج براي يبني او يعتقد بانه يبنيه على قاعدة ثقافية ، فجاء من يقول لنا باننا في صراع حضارات ، وجاء من يقول لنا ان الاساس هو الانتماء الثقافي للفرد وان ما يفكر به اي انسان ليس مهما بل المهم هو لون بشرته ودينه وطائفته وعشيرته والمكان الذي ولد فيه وهويته ،وكأنما بتنا لسنا اصحاب هوية بل أسرى تلك الهوية على حساب فكرنا ومواقفنا. وكاننا دخلنا في زمن لم يعد مهما ان تقول لي ماذا تفكر بل اين ولدت وما هو لون بشرتك وما هو دينك لذلك اخاف على عشيرتنا يا صديقي رشيد على عشيرتنا من المثقفين العامين ليس من الهجوم على الثقافة بل من كثرة اللجوء اليها. فاعتراف ووعد بانني لم اكن اعرف طرابلس حتى عينت وزيرا للمرة الاولى في العام 2000 ومن زيارتي الاولى للمدينة اخذت واخذ الامر حوالى العامين حتى تمكنت من الحصول على قرض بنحو 90 مليون دولار من البنك الدولي سمي قرض الارث الثقافي وانا اعلم تماما ان دولة الرئيس فؤاد السنيورة الموجود بيننا اليوم يتذكره تماما لأن شروطه المالية تفوقت على الشروط التي كان وزير المالية آنذاك يمارسها، وكانت لطرابلس حصة الاسد في ذلك المبلغ، فجئنا بنحو 32 مليون دولار لترميم ما تمكنا من الاسواق ومن الحمامات وبعض الشوارع ولحماية بعض اجزاء قلعة طرابلس من الهبوط".
أضاف:"لم يكن المبلغ كافيا طبعا وعمر هذه الحكومة لن يكون طويلا ولكني اقول لكم انه منذ اليوم الاول هاجسي ان اعيد الكرة بالنسبة لطرابلس ولذلك لن اخفي سرا انني نظمت اجتماعا في العاصمة الفرنسية منذ ثلاثة اسابيع بحضور وزيره الثقافة الفرنسية وحضور وزيرة الثقافة القطرية وكان الاجتماع مخصصا لمدينة واحدة هي طرابلس. لست أكيدًا إن كنت سأنجح في جمع المال اللازم لذلك لست أكيدًا تماما ان نجحت في ذلك، متى سيبدأ العمل، لكنني لا اريد مجرد عملية تجميلية. إنني اسعى إلى ما هو ابعد من ذلك ولاصلاح ما لم نتمكن من اصلاحه في القرض الاول منذ 20 عامًا. لذلك اصبروا معي واذا كان صمتي كبيرا فهذا لا يعني انني لا اعمل، بدأت منذ ثلاثة اسابيع بالعمل، اعطوني الوقت المناسب، لقد اثبت في المرة الاولى انني لا انسى طرابلس واثبت ذلك مرة جديدة".