مخازن «حماس» وتحركاتها خارج المخيمات: هل تجرؤ الدولة على ضبطها؟
هناك من يؤمن لها بيئة حاضنة وتتمتع في بعض المناطق بغطاء قوى نافذة
ألان سركيس - "نداء الوطن"
يسلك ملف السلاح الفلسطيني في لبنان طريقه نحو الحلّ ظاهرياً. وساهمت زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في منح شرعية فلسطينية لمحاولة استرداد الدولة شرعيتها. وعلى رغم النفحة الإيجابية، إلا أن هناك بعض المطبات التي قد تقف في وجه هذه العملية، وسط عدم اتخاذ الدولة قرارها بالضرب بيد من حديد.
شكّل سقوط النظام السوري نقطة تحوّل في سوريا ولبنان والمنطقة. وبعد رحيل الرئيس بشار الأسد، سيطر الجيش اللبناني على مراكز «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» في البقاع والشوف والشمال، وبقي ملف السلاح الفلسطيني داخل المخيمات بحاجة إلى معالجة.
وقّع لبنان اتفاق الهدنة في 27 تشرين الثاني 2024، وتحدّث خطاب القسم لرئيس الجمهورية جوزاف عون عن حصر السلاح بيد الدولة ومعالجة ملف السلاح الفلسطيني. وبعد تأكيد عون وعباس انتهاء زمن السلاح الفلسطيني في لبنان، يبقى انتظار الخطوات العملية للدولة اللبنانية على الأرض وعدم الاكتفاء ببعض العراضات الإعلامية.
وحسب التقديرات الرسمية، يبلغ عدد المسلحين الفلسطينيين في كل المخيمات حوالى 7 آلاف عنصر، أغلبيتهم تنتمي إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وهناك مقاتلون خارج المنظمة يتوزعون بين «حماس» و «الجهاد الإسلامي» و «الجبهة الشعبية – القيادة العامة» و «عصبة الأنصار» الإسلامية التي تنسج أفضل العلاقات مع شخصيات لبنانية.
وفي حين ينص القرار 1701 على منع السلاح في جنوب الليطاني، إلا أن هذا القرار لم يطبّق بأكمله. ففي جنوب الليطاني هناك مخيّم الراشدية، وحتى الساعة لم تطلب الدولة اللبنانية من قيادات المخيّم تسليم السلاح أو تنفذ أي عملية مداهمة، بل كل الأمور تسير كما كانت سابقاً على رغم حساسية هذه المخيم الذي تعرّض للقصف أثناء الحرب الأخيرة.
يشكّل إعلان رئيس الجمهورية وضع جدول زمني لتسليم السلاح الفلسطيني والبدء بتسليمه بثلاثة مخيمات فلسطينية في العاصمة من منتصف حزيران، بداية مشجّعة وخطوة في الاتجاه الصحيح، علماً أن الدولة حاضرة بقوة على أطراف تلك المخيمات لأنها تقع في العاصمة وضواحيها، لكن المهمة الأبرز هي تسليم حركة «حماس» وأخواتها السلاح وعدم تحدّي الدولة، والبدء بتسليم السلاح في عين الحلوة.
وتؤكّد معلومات رسمية لـ «نداء الوطن» أن القرار السياسي قد اتخذ وهو مغطى لبنانياً وفلسطينياً وعربياً، وتجاوب منظمة التحرير كان لافتاً وأظهره الرئيس عباس.
وبالنسبة لحركة «حماس» وبقية المنظمات غير المنضوية تحت راية منظمة التحرير، تشير المصادر إلى أن القرار لا يستثني أحداً والجميع ملزم بالتعاون مع الدولة وعلى «حماس» الالتزام قبل غيرها، ويتمّ التواصل معها أولاً، وفي حال لم تتجاوب ستلجأ الدولة إلى كل الطرق، وأبرزها التواصل مع رعاة «حماس» الإقليميين طالما أن قرارها ليس في رام الله وغزة، وبعد استنزاف كل الحلول ستوضع «الحركة» أمام الأمر الواقع، إما تسليم السلاح أو الذهاب نحو مواجهة جديّة لأنه من غير المسموح بقاء سلاح «حماس» على أرض لبنان وافتعاله إشكالات أو تنفيذه هجمات انطلاقاً من الأراضي اللبنانية لجلب الردّ الإسرائيلي وإغراق البلاد في حرب جديدة.
وإذا كان سلاح المخيمات بأغلبيته خفيفاً ومتوسّطاً، إلا أنه لا يكفي قيام الدولة اللبنانية بجمع سلاح الفصائل داخل المخيمات، لأن المعلومات تؤكد أن معظم تحركات «حماس» وأسلحتها الثقيلة ومخازنها موجودة خارج المخيمات، وهناك من يؤمن لها بيئة حاضنة وتتمتع في بعض المناطق بغطاء قوى نافذة وخصوصاً من «حزب الله»، لذلك على الدولة ضرب تحركات «حماس» العسكرية خارج المخيمات أيضاً.
لا تعتبر المخيمات بيئة آمنة لتحركات «حماس» ونشاطها، خصوصاً أنها على خصومة مع معظم الفصائل الفلسطينية، لذلك تعتبر مهمّة ضبط سلاح «حماس» في المخازن البعيدة عن المخيمات هو الهدف الأهم وذو فائدة، فعندما تتحرّك «الحركة» في الجنوب وتضرب إسرائيل، لا تقوم بهذه المهمّة بالرشاشات بل لديها ترسانة صواريخ مخبأة.
على رغم تأكيدات الحكومة اللبنانية بحصر السلاح بيد الدولة، إلا أن الطريقة التي تتعامل معها في هذا الموضوع ليّنة، وتعطي الفصائل المسلّحة هامشاً واسعاً للالتفاف على القرارات اللبنانية، لذلك، ينتظر الشعب اللبناني الحسم في الأساسيات، ويبدو هذا الحسم غير متوافر حتى الآن، لأنه لو كان هناك حزم لبدأت الدولة بمخيم عين الحلوة وليس بالمخيمات التي لا تشكّل خطراً على الأمن الوطني.