بين العنف وتبادل المزاح... هل اهتزت صورة ماكرون كرئيس لدولة عظمى؟!
في العصر الرقمي اللقطة تعيش أطول من التفسير في ذاكرة الناس
رانيا شخطورة - اخبار اليوم
انتشر فيديو الصفعة التي تلقاها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من زوجته السيدة الاولى بريجيت كنار في الهشيم، فاجتاح العالم ومواقع التواصل الاجتماعي على كامل الكرة الارضية، ونسجت النكات والكثير من التفسيرات والتحليلات، الى ان خرج الرئيس عن صمته ليقول "كنت وزوجتي نتبادل المزاح كما نفعل في كثير من الأحيان"... رواية لم تقنع الكثيرين، خصوصا عند اولئك الذي يقرأون لغة الجسد!
يوم الاثنين الفائت عند وصول الطائرة الرئاسية الفرنسية إلى فيتنام -في بداية جولة آسيوية- بدت السيدة الأولى في إحدى اللقطات كأنها تصفع زوجها... فهل هذه الصفعة ادت الى اهتزاز صورة الرئيس الفرنسي الذي بدا وكأنه "مُعنف".
تشير مصادر خبيرة في السياسة الدولية الى ان الحادثة أثارت اهتمامًا كبيرًا في الإعلام، لكنها تبقى فردي لا يعبر عن ضعف في القيادة، فماكرون لم يتراجع عن مواقفه السياسية التي كان اساسا قد حملها الى الدول الأسيوية ولم يُظهر ضعفًا في رد فعله؛ بل استمر بجولته كما هو مخطط لها، لا بل تعامل مع الموقف بروح مرحة ساهم في تهدئة التفاعلات السلبية.
وتتابع المصادر: لكن هذا لا يعني ألا يستغل خصوم ماكرون هذه الواقعة في السياسة لتغذية صورة "الرئيس الضعيف" أو غير المسيطر حتى على بيته، انطلاقا من ان "الصورة الشخصية" للقائد تُعتبر جزءًا أساسيًا من رأسماله الرمزي. فأي مشهد يظهر فيه الزعيم في موقف ضعف أو "تعرّض" يمكن أن يفسَّر سياسيًا، حتى لو لم يكن المقصود كذلك. وبالتالي الصفعة، حتى وإن كانت رمزية، تهز لحظة الهيبة المرتبطة برئيس دولة نووية، عضو دائم في مجلس الأمن.
وتشير المصادر الى ان اللغة الجسدية تعبر أكثر من الكلمات، فحتى لو فسّر ماكرون الموقف بروح دعابة، فاللقطة تعيش أطول من التفسير في ذاكرة الناس، خاصة في العصر الرقمي. مع الاشارة هنا الى ان مثل هذه الحوادث تعطي مادة دسمة للترويج والسخرية في الإعلام والشبكات الاجتماعية، ما قد يُستغل بشكل ساخر أو هجومي في الحملات السياسية.
في سياق آخر، اعادت "الصفعة" تقييم أدوار الجنسين والسلطة داخل الأسر، اذ رأى البعض في المشهد "انقلابًا على الصورة التقليدية للزوجة الصامتة"، وبالتالي هل يمكن القول ان ماكرون تعرض للعنف؟!
يقول مصدر قانوني ان اقتصار التحليل على حادثة واحدة لا يضع ماكرون في خانة الرجل المُعنَّف، خاصة في ظل غياب الأدلة على عنف ممنهج فما ظهر (سواء كان حقيقيًا أم مجرد مزاح أو حركة عفوية) لا يدل على نمط متكرر من العنف الجسدي أو النفسي الذي يشكل جوهر "العنف الأسري". حيث ان تصنيف شخص على أنه "ضحية عنف" يتطلب دلائل على التكرار، تأثير نفسي أو جسدي مستمر، وصمت قسري، وهو ما لم يتوفر في هذه الحالة.
اضف الى ذلك، بحسب المصدر عينه ان ماكرون لم يُظهر أي انزعاج أو توتر من الموقف، بل تعامل معه بروح مرحة (كما أوضح في تصريحاته)، ولم يشر لا هو ولا الرئاسة الفرنسية إلى وجود أي خلاف أو عنف. بل وصف الحادثة بأنها لحظة "مزاح" أو سوء فهم من قبل الجمهور.
وشدد على ان تصنيف العنف يجب أن تُبنى على وقائع موثقة وجادة، لا على مقطع لحظي قابل للتأويل.