ضغوط أميركية لسلة اتفاقات أمنية جنوباً... مقاربة الحزب للسلاح تصادم الدولة؟

ضغوط أميركية لسلة اتفاقات أمنية جنوباً... مقاربة الحزب للسلاح تصادم الدولة؟

image

ضغوط أميركية لسلة اتفاقات أمنية جنوباً... مقاربة  الحزب للسلاح تصادم الدولة؟
 إعطاء دور أكبر للجنة الرقابة على وقف النار


ابراهيم حيدر - النهار

بموازاة النقاش الداخلي حول السلاح، تشتد الضغوط الخارجية على الدولة لتطبيق الالتزامات المطلوبة منها، والتي يأتي حصر السلاح في مقدمتها، كمدخل لتأمين الدعم وتوفير الأموال المشروطة لإعادة الإعمار. وقد بات واضحاً أن الرافعة الدولية للبنان خصوصاً الأميركية بعد اتفاق وقف النار في الجنوب قبل أكثر من ستة أشهر، لن تمنح المزيد من الوقت للدولة في ما يتعلق بسلاح "حزب الله" وسط أخطار تشير إلى إمكان إنزلاق الوضع نحو تصعيد إسرائيلي شامل.
يتصدر سلاح "حزب الله" ملفات الضغوط التي يبدو أنها ستتخذ مساراً مختلفاً في المرحلة المقبلة، مع الحديث عن زيارة ربما تكون الأخيرة لنائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس إلى بيروت حاملة معها سلة متكاملة، بهدف الدفع نحو التفاوض بين لبنان وإسرائيل . البند الأساسي في السلة يتعلق بالسلاح، ويدعو إلى منح الجيش اللبناني صلاحيات أوسع لتفكيك كل البنية العسكرية للحزب. وتتضمن مقاربة أورتاغوس الجديدة وفق مصادر ديبلوماسية تعهد أميركي لوقف الضربات الإسرائيلية ومعالجة الخروقات القائمة، بالتوازي مع حسم مسألة السلاح، ثم التفاوض للتوصل إلى اتفاقات أمنية تتولى لجنة الرقابة على وقف اطلاق النار الإشراف على تطبيقها كمدخل للانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس.
وتمارس الإدارة الأميركية أيضاً ضغوطاً كبيرة تتعلق بالتمديد لليونيفيل، وهي لوّحت بقطع التمويل عنها أو بخفضه، إذا كانت غير قادرة على القيام بمهامها، أو أنها تُمنع من ذلك. والأمر بات مفهوماً في أن إسرائيل تضغط لتعديل صلاحياتها ضد "حزب الله"، وهو أمر تأخذه واشنطن بالاعتبار وهي التي منحت إسرائيل ضمانات بحرية الحركة عند التوصل الى اتفاق وقف النار قبل ستة أشهر، فيما المضايقات التي تتعرض لها دوريات اليونيفيل من الأهالي تعطي الذرائع لتقليص دورها.
يريد الأميركيون وفق ما تقول المصادر الديبلوماسية إعطاء دور أكبر للجنة الرقابة على وقف النار لتتولى مهمة التوصل إلى اتفاقات أمنية في الجنوب، بالتوازي مع الدور الأممي في التفاوض. وبينما يتمسك لبنان بالتجديد لقوات اليونيفيل من دون تعديل صلاحياتها، فإنه لا يمانع أيضاً بتوسيع مهمة لجنة الرقابة الدولية، لكن الأمران مرتبطان بالشروط الأميركية لمعالجة ملف السلاح، فيما الأوروبيون لا يحبذون تعديل صلاحيات اليونيفيل تحت الفصل السابع تجنباً لوضعها في مواجهة "حزب الله".
المشكلة تبقى في تفسير تسليم السلاح شمال الليطاني، وهو أمر يضغط على الدولة ويضع "حزب الله" في موقع الممانع لتطبيق الاتفاق، وهو ما تتذرع به إسرائيل باستمرار خروقاتها واعتداءاتها واستمرار احتلالها للنقاط الخمس. ويتبين من خلال الوقائع أن مقاربة "حزب الله" لسلاحه ووضع الجنوب، تتعارض مع وجهة الدولة وتربكها في آن، وتتناقض مع التوجهات الخارجية المطروحة للحل. فالحزب يرفض البحث بملف سلاحه قبل الانسحاب الإسرائيلي ويصر على المعادلة السابقة "جيش، شعب، مقاومة"، متجاوزاً كل نتائج الحرب الإسرائيلية. والمفارقة أن نقاش "حزب الله" في ملف السلاح لا يفتح على مقاربة شاملة لإنقاذ البلاد، بل هو للدفاع عن وجوده، ويغيب عن النقاش أيضاً وظيفته وهل هو قادر فعلاً بعد الحرب على إحداث توازن ردع أو على حماية لبنان أو هو وسيلة للتحرير. لذا لم يتقدم الحوار مع رئيس الجمهورية جوزف عون رغم حرصه وتأكيده أن مسار حصر السلاح بيد الدولة لن يكون صدامياً، لكن هناك مسؤولية على "حزب الله" الذي وافق على اتفاق وقف النار برعاية أميركية وفرنسية، وبالتالي لا حجة له لعدم تسليم السلاح لأنه بذلك يقف في مواجهة الدولة.
تقول المصادر إن "حزب الله" أكد لرئيس الجمهورية أن سلاحه ليس موجهاً إلى الداخل، إلا أن مقاربته للامور بالتمسك بسلاح ليست وظيفته التحرير، يثير المخاوف لدى اللبنانيين. فهل تغيّر مواقفه نتائج المفاوضات الأميركية الإيرانية ويذهب إلى التفاهم مع الدولة، أم أنه سيزيد من تصلبه ويدفع البلاد مجدداً إلى مزيد من التوتر والانقسام، فيستغل الإسرائيلي هذا الواقع ويزيد من اعتداءاته على لبنان.