الانتخابات مختبر العقد الاجتماعي وامتحان الدولة
لا قيمة للبلديات ان لم تنتج مساءلة محلية فعّالة... وأهميتها بقربها من الناس
مازن عبود - "النهار"
بدأت الدولة تستعيد أهداب وجودها وبعض تحصيناتها وثقتها وتتصدى للإنهيار بالانتخابات البلدية والاختيارية.
Manor (لامركزية الديمقراطية، 1999) اعتبر البلديات مؤسسات ديمقراطية حقيقية، وليست مجرّد امتداد إداري للدولة المركزية. عملها يتطلب صلاحيات وموارد. لكنّ البلديات عندنا غالباً امتداد للسلطة.
لا قيمة للبلديات ان لم تنتج مساءلة محلية فعّالة. أهميتها بقربها من الناس، وان تكون أكثر تجاوباً مع مطالبهم. يفترض بها ان تكون أكثر كفاءة وملاءمة، لإنها تفهم السياقات المحلية. مما يجعل مشاريعها الإنمائية أقل كلفة وأكثر تأثيراً.
غير ذلك يحوّلها وسائل للتطويع وعدة للفساد المحلي المتصل بالوطني.
الانتخابات اعادت تحريك المياه الراكدة. فعّلت الماكينات المكبّلة استعدادا للمبارزة الكبرى. يفهمها الساسة بأنها مازة ما قبل طبقهم الرئيس (الاستحقاق النيابي)، لكنها أبعد من ذلك!
البلديات قوام اللامركزية، وتقرب الناس من السلطة.
تعزيز صلاحياتها ضرورة تمسي ثقلا، ان لم يتم تفعيل آليات محاسبتها. تلزَمها موارد مالية لتعمل ومجتمعات سليمة. خوفنا على البلديات ومن البلديات. على البلديات ان تبقى رافعة تنمية وإصلاح...
سلّط Putnam (جعل الديمقراطية تعمل، 1993) على البعد الثقافي والاجتماعي للحكم المحلي. ربط نجاحه بجودة رأس المال الاجتماعي (ثقافة المشاركة والتفاعل)، والثقة، والشبكات الأفقية. تنجح البلديات حيث المساءلة والبيئة المدنية. وتتفلت وتضحي وبالا في غير ذلك. الزبائنية والتراتبية تضربها. فحين تنتفي الشفافية والوضوح تنحسر الثقة، وتُفسد المؤسسات. مهمتها صون مساحات الخير العام التي ليست بالضرورة مجموع مساحات الخير الخاص.
ما يعيق عملها وجودتها تداعي رأسمالنا الاجتماعي. فهل انّ الناس على دين ملوكهم ام انّ الحكام على دينهم؟
الانتخابات أرسلت رسائل غير مطمئنة. ابلغتنا انّ تأثير النخب ضروري كي لا تزال التلوينات المهددة. ابلغتنا انّ الشعبوية والتطرف على تزايد ويهددان البلد، وبأنّ الشوارع ممسوكة. ومعادلة "الضدّ يغذي عكسه الضدّ" ضمان ذلك. نتائج يتوجب الارتكاز عليها لفهم الأرض لمعالجة الوضع.
أخيرا، تبقى الانتخابات المساحة الأخيرة التي تجمع الدولة والمواطن. فشكرا للحكومة على اجرائها وتخطيها لكل الصعاب والتهديدات.