65 مجرورًا تُلوّث الشاطئ اللبناني: هذه المواقع ملوّثة فاحذروها
لا تأثير مباشر للحرب
"المدن"
يعاني البحر اللّبناني بشكل عام من التلوّث وإن بنسب متفاوتة، هذا أمر واقع لا يمكن إنكاره. لكنّ اللّبنانيين، الذين لا ينتظرون الفصول ولا الدراسات، يتجاهلون هذا الواقع. افتتحوا موسم البحر والسباحة والنشاطات البحرية في المواقع كلّها غير آبهين بتلوّث قد يضرّ صحّتهم. وفتحت المسابح الشعبية والخاصة أبوابها، فيما التقرير السنويّ الذي يقيّم حالة الشاطئ اللّبنانيّ الصحيّة لناحية التلوث العضويّ والمسموحات البحريّة البكتيريولجيّة لمواقع الاستجمام البحريّ الّتي يقصدها اللبنانيون من أقصى الشمال وصولًا إلى أقصى الجنوب لم يصدر بعد.
التأخّر في إصدار التقرير سببه استكمال جمع "الداتا" البحرية من أجل دراستها على ثلاث سنوات تراكمية بهدف الخروج بتقرير مفصّل مدعّم بالأرقام والنسب والإحصاءات. تقرير يشرح أسباب التلوّث ويفنّد المناطق الآمنة بيئياً من تلك الملوّثة.
لا تأثير مباشر للحرب
في هذا السياق يقول مدير المركز الوطني لعلوم البحار ميلاد فخري إنّ التقرير النهائي يسلّم إلى وزارة البيئة في حزيران كالعادة، والتي تقوم بدورها بتوزيعه ليكون مرجعاً علمياً بشأن التلوّث البحري. وفيما يستبعد فخري أن يكون الشاطئ الجنوبي للبنان قد تأثّر كثيراً بالحرب الإسرائيلية الأخيرة، لأنّ الدّمار والقصف كانا في الداخل بعيداً عن البحر، يستدرك بأنه لا يمكن الجزم تماماً حول هذا المعطى قبل الانتهاء من دراسة كاملة لعينات المياه والأسماك والشاطئ لمعرفة مدى تراكم المعادن الثقيلة.
ويضيف، أن حرب تموز عام 2006 لوّثت بحر الجية ببقعة نفطية بسبب القصف الإسرائيلي لخزانات الوقود. ولا يزال الشاطئ على امتداد 150 كلم يعاني من آثارها على مرّ كلّ تلك السنوات. وكان هذا التلوث هو الأقسى على الثروة البحرية حتى يومنا هذا.
مؤشرات التلوث ثابتة
وحول تلوث مياه البحر، يؤكد فخري أنّ المعطيات لا تتغيّر بطريقة جذرية من سنة إلى أخرى الّا إذا تغيّر مؤشر معيّن بشكل كبير. وهذا لا يحصل إلا إذا تدخّلت بلدية ما على وقف تدفق المجارير إلى البحر، أو من خلال منع رمي النفايات على الشاطئ وفي المياه. وقد "علّمتنا التجربة في لبنان أنّ الملوّث يبقى ملوّثاً والأقل تلوثاً يصبح أكثر تلوّثاً"، وليس العكس. بالتالي تبقى الأرقام شبه ثابتة لبعض المواقع مقابل اختلاف طفيف لمواقع أخرى.
قد لا يكون لون المياه العكرة دليلاً قاطعاً على التلوّث بل قد يكون هذا اللون نتيجة لحركة الموج والرمل والتيارات المائية، بالتالي لا يمكن معرفة ما إذا كان الشاطئ آمناً من لون المياه فقط، يقول فخري، ويضيف أنّ الرائحة الكريهة هي أكبر دليل حسيّ على تلوّث المياه وهي تعني غالباً وجود مجرور قريب يصبّ في البحر أو نفايات مجاورة، ما يعني أنّ المكان غير صالح للسباحة.
ويشير إلى أنّ شبكات الصرف الصحي التي يتمّ تحويلها إلى البحر هي الأخطر لأنّها تحوّل من دون أيّ معالجة علمية لذا تعتبر الملوّث الأوّل لمياه البحر، وهذا التلوّث المائي تدفع ثمنه الكائنات الحية على مختلف أنواعها.
دور البلديات ووزارة البيئة
في الأرقام، يصبّ على الشواطئ اللبنانية أكثر من 65 مجروراً رئيسياً تصرف عبره المياه شديدة التلوّث، مما يؤدّي إلى تدمير الشواطئ والثروة السمكية. والخطر الأكبر على الصحة يكمن في ارتياد الشواطئ التي تصبّ فيها المجارير بشكل مباشر.
وفي انتظار صدور التقرير السنوي عن نسب التلوث، يؤكد فخري أن "دراسة بعض المناطق الصناعية كسلعاتا وشكا لمعرفة نوع المواد الكيميائية الموجودة في مياهها بحاجة لتمويل غير متوفر حالياً للمركز. لكن هذه المصانع تحديداً بمعظمها تعمل بالترابة ولا تضيف مواداً كيميائية، ما يعني أن التلوّث قد يكون مشابهاً للمناطق غير الصناعية"، ويضيف "من حسنات لبنان أنّه ليس بلداً صناعياً".
أمام المجارير التي تصب في البحر، وتراكم النفايات الصلبة التي يؤثّر فيزيائياً وجمالياً على الشاطئ وأيضاً على الثروة السمكية، يبرز دور البلديات للعمل على الحدّ من ظاهرة رمي النفايات على الشاطئ وإيجاد حلول آمنة للتخلّص منها.
وفي هذا الإطار تشير وزيرة البيئة الدكتورة تمارا الزين إلى أنّ "وزارة البيئة تعنى بدراسة الواقع البحري ووضع التقرير ولا صلاحيات لها لاتخاذ إجراءات قانونية بحقّ الأفراد أو المؤسسات التي تساهم في زيادة التلوّث ولا بملاحقة تقصير البلديات".
وتضيف أنّ الوزارة تعمل والمجلس الوطني للبحوث العلمية بالتكامل مع السلطات المختّصة المخوّلة التدخّل لحماية الشواطئ والثروة البحرية.
العودة إلى التقرير السابق
واقع تلوث البحر في لبنان ثابت ولا يتغّير كثيراً بسبب عدم وجود تدخل للسيطرة عليه طوال السنوات الفائتة. وكان تقرير المجلس الوطني لعلوم البحار عام 2024، أظهر تحسن الحالة البيئية لتسعة مواقع، مقابل تراجع بسيط لحالة ثلاثة مواقع.
بعض المناطق تعاني من مستويات عالية من التلوّث، ولا سيما المناطق القريبة من المصانع وتلك التي تصبّ فيها مياه الصرف الصحي. وكشف التقرير عن أن رسوبيات المناطق البحرية، باستثناء بعض المناطق القريبة من المرافئ والمناطق الصناعية، غير ملوّثة بالمعادن الثقيلة، مع بعض الاستثناءات مثل منطقة الدورة البحرية التي أظهرت مستويات مرتفعة من الكادميوم والرصاص. كما وأشار إلى أن نسبة 80 % من المياه الآسنة والصرف الصحي تصبّ في البحر، مما يؤدي إلى تلوّث عضوي. أما مادة البلاستيك فيتشكل 76 % من النفايات البحرية.
بحسب التقرير الذي لن يتغير كثيراً لهذا العام هناك 24 موقعًا بحريًا من أصل 36، على طول الشاطئ اللبناني، من عكار إلى الناقورة، صالحة للسباحة.
من بين هذه المواقع هناك خمسة تعتبر الأكثر تلوّثاً ويجب الابتعاد عنها وهي: طرابلس (المسبح الشعبيّ)، جونيه (المسبح الشعبيّ)، والضبية (جانب المرفأ)، وانطلياس (مصبّ نهر انطلياس)، وبيروت (شاطئ الرملة البيضاء الشعبيّ). والجدير بالذكر أن بعض هذه الشواطئ شعبية، وبالتالي يكون التواجد فيها كثيفاً لأنّها مجانية. وهناك 6 مواقع صنّفت حذرة إلى حرجة وغير مأمونة وهي: عكار (القليعات)، بيروت (عين المريسة) وبيروت (أسفل منارة بيروت)، والغازية (الشاطئ الشعبيّ)، وصيدا (الشاطئ الشعبيّ)، صور (شارع المطاعم).
أمّا المواقع الصالحة للسباحة المصنفّة من جيد إلى جيد جدًا فهي 24 من بينها: طرابلس (الميناء مقابل جزيرة عبد الوهاب-بجانب الملعب البلديّ)، أنفه (تحت الريح، الهري)، سلعاتا (الشاطئ الشعبيّ)، البترون (شاطئ البحصة العامّ)، عمشيت (الشاطئ الشعبيّ)، جبيل (الشاطئ الرمليّ،)، جونيه – (شاطئ المعاملتين)، الدامور، والصرفند (الشاطئ الشعبيّ)، صور (شاطئ المحميّة الطبيعيّة)، والناقورة (شمال مرفأ الناقورة).