حمية مستشاراً بـ"نكهة تطمينية"... والحملة على التعيين أصابت الرئيس
تزخيم لاطلاق ملف شائك ويريح البيئة المتوجسة من المماطلة في إعادتها الى قراها
عباس صباغ - "النهار"
أثار تعيين رئيس الجمهورية جوزف عون الوزير السابق علي حمية مستشاراً رئاسياً لاعادة الإعمار، امتعاض فئة واسعة من اللبنانيين، اذ اعتبروا ان في الخطوة نزولاً عند ارادة "الثنائي الشيعي"، او رضوخاً لـ"حزب الله" تحت غطاء "الطمأنة" وتأكيد حسن النية تجاهه، فيما ذهب البعض الاخر الى اعتبار الخطوة وغيرها امتثالاً لاتفاق غير معلن سبق جلسة انتخاب الرئيس في كانون الفائت. الأكيد ان الحملة طالت الرئيس قبل الوزير السابق اذ وجّهت الى الخطوة وصاحبها.
فما دلالات تعيين مستشار لرئيس الجمهورية لشؤون اعادة الاعمار في هذه المرحلة، ولا سيما ان اعادة الاعمار تستحوذ على الاهتمام الرئاسي والحكومي من دون ظهور خطوات عملية في هذا الملف الشائك.
من المفترض ان يباشر وزير الاشغال العامة والنقل السابق علي حمية مهماته العملية بعد عيد الاضحى . يتزامن ذلك مع خطوات حكومية ستضع الملف على سكة الانطلاقة الصحيحة بعد مرور اكثر من 6 اشهر على بدء سريان اتفاق وقف اطلاق النار.
"مهام استشارية أم أبعد"
يعكس تعيين حمية بعد تجربة السنوات الاربع في وزارة الاشغال العامة والنقل اهتماما رئاسياً بالملف ليس فقط من زاوية تقنية وانما ترجمة للوعد الذي قطعه عون في خطاب القسم بإعادة إعمار ما هدمه العدوان الاسرئيلي على لبنان، وايضاً ترجمة لتوجه رئاسة الجمهورية بطمأنة البيئة الاكثر تضرراً من العدوان الاسرائيلي في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت وكذلك في البقاع.
فإختيار شخصية مقربة من "حزب الله" ينعكس ايجاباً لدى الحزب وايضاً بيئته المتوجسة من المماطلة في ملف إعادة الاعمار وعدم وضوح الخطوات العملية سواء لجهة المخطط الرسمي لتلك العملية الضخمة او لجهة غياب التطمينات لشريحة واسعة كانت تقيم في بلدات الحافة الامامية وفقدت منازلها بنسبة وصلت الى 100 في المئة في بعض البلدات .
كل ذلك يترافق مع استمرار الانتهاكات الاسرائيلية لاتفاق وقف اطلاق النار ومحاولة إسرائيلية لتكريس ما يشبه المنطقة العازلة على الحدود .
ترجمة ذلك بات يتكرس في هذه المرحلة من خلال الاستهداف المباشر لكل ما يشي بإعادة الاعمار في بلدات الحافة الامامية وكذلك استهداف البيوت والغرف الجاهزة وايضاً الإغارة على الاليات من جرافات وغيرها اثناء قيامها بإزالة الركام او أعمال التجريف للبدء بالاعمار .
في خضم تلك الوقائع السلبية المعطوفة على امتناع او على الاقل تردد الدول الصديقة للبنان في توفير الدعم لعملية اعادة الاعمار باستثناء العراق الذي افتتح مسار المساعدات من خلال الاعلان عن تقديم 20 مليون دولار للاعمار.
ملف إعادة الاعمار الحاضر في بعبدا، كان مدار بحث مطول لاحق بين رئيس الحكومة نواف سلام ووفد كتلة "الوفاء للمقاومة" الاربعاء الماضي، وعرض الجانبان للهواجس التي تعيق اعادة الاعمار وكانت مطالبة بتوضيحات حكومية ومصارحة اصحاب الوحدات السكنية المدمرة والتي تفوق الـ45 الفاً .
وخلص اللقاء الى دفع ذلك الملف الى السكة العملية من خلال تأليف لجنة موسعة تضم الادارات المعنية مثل مجلس الانماء والاعمار والعيئة العليا للاغاثة وكذلك مجلس ووزارات مختصة، وبطبيعة الحال سيكون حمية ضمن تلك اللجنة كمستشار لرئيس الجمهورية، وسبق ان وضع خطة لاعادة إعمار البنية التحتية ضمن مهامه كوزير للاشغال العامة والنقل، وكان يشرف على ملف الكشوفات ومسح الاضرار وكذلك ازالة ورفع الركام .
لم يكتب له الاستمرار في تنفيذ تلك الخطة نظراً لاستقالة الحكومة، وبما ان الملف الضخم يحتاج الى شخصية تقنية متفرغة بالكامل له، وقع اختيار رئيس الجمهورية على حمية بما يمثله وبما يرسل ذلك الاخيتار من اشارات ايجابية لبيئة عريضة".
لم تمض ساعات على تعيين حمية حتى انطلقت حملة على بعض مواقع التواصل الاجتماعي ضد الرجل.
الى ذلك استحضرت الاتفاقية مع شركة "تالس - THALES" الفرنسية. فالشركة متخصصة بنظام إدارة الحدود والأمن، "Secure Boarding Management System (SBMS)"، وذلك النظام يسهل وينظم دخول المسافرين عبر المعابر البرية والجوية والبحرية. توقيع الاتفاقية كان في باريس في كانون الثاني/ يناير الفائت. تلك الاتفاقية تأتي ضمن تعزيز أمن المرافق الحدودية وتحديث نظام إدارة الحدود الخاص بالمديرية العامة للأمن العام اللبناني وصيانته، والاتفاقية وقعها الامن العام منذ سنوات ويتم تجديدها وبالتالي كانت قبل تولي حمية وزارة الاشغال العامة والنقل في العام 2021 .
واثيرت التساؤلات حينها عن نشاط الشركة وما اذا كانت من الشركات التي تزود تل ابيب بالمعدات العسكرية علماً ان التوقيع على الاتفاقية كان بحضور الامن العام ومن الطبيعي ان يكون الاخير قد تحقق من تلك الشركة.
يذكر ان حمية غائب بشكل شبه كامل عن الاعلام منذ استقالة الحكومة .