هاني: الأمن الغذائي أولوية... ولا نبحث عن حلول موقتة
في أعمال المؤتمر الرابع والأربعين لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة
أعلنت وزارة الزراعة في بيان أنه "في محطة دولية بارزة تندرج ضمن مسار الدبلوماسية الزراعية وتثبيت موقع لبنان في المحافل المتخصصة بالأمن الغذائي والتنمية المستدامة، شارك وزير الزراعة اللبناني نزار هاني على رأس وفد رسمي، في أعمال المؤتمر الرابع والأربعين لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)، المنعقد في العاصمة الإيطالية روما".
ضم الوفد اللبناني كلاً من المدير العام لوزارة الزراعة المهندس لويس لحود، مدير التنمية الريفية والثروات الطبيعية المهندس شادي مهنا، ومدير مكتب الوزير السيد سامر خوند. انضم إلى الوفد في روما سفيرة لبنان لدى إيطاليا السيدة ميرا ضاهر وسكرتير السفارة السيد باسل عويدات، لمواكبة أعمال المؤتمر والمشاركة في اللقاءات الدولية ذات الصلة.
نقل هاني في كلمته الرسمية أمام الدول الأعضاء، تحيات الجمهورية اللبنانية وتقديرها لمنظمة "الفاو"، مشددًا على أن "الأمن الغذائي لم يعد ترفًا سياسيًا أو إنمائيًا، بل هو أولوية وجودية تفرضها الأزمات المتعددة التي تواجهها البشرية".
وقال: "يشرفني أن أتحدث باسم لبنان، حيث الزراعة ليست مجرد نشاط اقتصادي، بل هي أسلوب حياة، وجذر الهوية، ورافعة الصمود والسيادة. إنها الأرض التي نتمسّك بها، والغذاء الذي يطعم أبناءنا، والنفَس الذي تتنفسه بيئتنا، والأساس الذي نبني عليه استراتيجياتنا الاقتصادية والاجتماعية والغذائية."
وحذّر من التحديات المتراكمة التي تواجه القطاع الزراعي في لبنان، نتيجة الأزمات السياسية والمالية الممتدة، بالاضافة إلى الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنى التحتية الزراعية جرّاء الاعتداءات والحرب على لبنان، ما أدى إلى حرمان آلاف المزارعين من الوصول إلى أراضيهم، وتدمير سبل العيش في المناطق الريفية.
وفي عرض واضح وشامل لمسار الإصلاح الزراعي، أكّد الوزير هاني أن وزارته أعلنت منذ استلامه مهامه "حال طوارئ زراعية" لإنقاذ القطاع من التدهور وتحقيق نقلة نوعية نحو نموذج حديث ومستدام، يرتكز على التكنولوجيا والحوكمة والشراكة.
تضمنت خارطة الطريق مجموعة من الإجراءات الهيكلية والتشريعية والتنموية، أبرزها: تحديث قانون الغابات لمكافحة القطع العشوائي وحرائق الأحراج والتعديات العمرانية. صياغة قانون جديد للصيد البحري يضمن استدامة الموارد ويحمي الصيادين. تعزيز دور التعاونيات الزراعية لحماية صغار المنتجين وضمان عدالة التسويق. الاستثمار في البحث العلمي والمختبرات الوطنية لمواجهة تغير المناخ والآفات العابرة للحدود. تطوير البنية التحتية الذكية، عبر تقنيات الري المستدام وخزانات المياه والطاقة المتجددة. إصلاح بنيوي شامل للمؤسسات الزراعية، يتضمن الرقمنة وإطلاق هيئات تنظيمية حديثة مثل الهيئة الناظمة لزراعة القنب. دعم المحاصيل عالية القيمة والمقاومة للمناخ، وربط الإنتاج بمعايير الجودة والتسويق المحلي والدولي. إحياء الزراعة التعاقدية وتفعيل اللجان التجارية المشتركةخصوصًا مع الدول العربية الشقيقة. اعتماد نهج "الصحة الواحدة" لتحقيق توازن بيئي وصحي عبر سياسات متكاملة ورقابة دقيقة. إطلاق "سجل المزارعين" كهوية رقمية تربطهم بالدعم والاستشارات والتمويل والتسويق".
ولفت الوزير هاني إلى أن "الوزارة أطلقت هذه السنة الحملة الوطنية الشاملة "الزراعة هي نبض الأرض"، كمبادرة استراتيجية تهدف إلى إعادة تموضع القطاع الزراعي كقاطرة سيادية وإنمائية قادرة على تأمين الأمن الغذائي وتعزيز قدرة المناطق الريفية على الصمود".
وفي إطار رؤية استراتيجية متكاملة، عرض الوزير هاني الركائز الثمانية لخطة التدخل الزراعي، على النحو الآتي: اعتبار الزراعة قطاعًا اقتصاديًا استراتيجيًا للاستثمار المستدام. تحسين الوصول إلى الأسواق والترويج للمنتجات اللبنانية. تعزيز البنية التحتية الزراعية ونظم الإنتاج. توسيع آليات التمويل وإدارة المخاطر الزراعية.
دعم الممارسات الزراعية المستدامة والذكية مناخيًا. تنمية رأس المال البشري وبناء أنظمة المعرفة والبحث.
تعزيز الحوكمة والشفافية في إدارة المؤسسات الزراعية. بناء أنظمة معلومات زراعية دقيقة لدعم اتخاذ القرار السليم".
وأكّد أن "هذه الركائز تتقاطع مع الإطار الاستراتيجي لمنظمة الفاو 2022–2031، ومع توصيات المؤتمر الإقليمي للشرق الأدنى وشمال إفريقيا، لاسيما في ما يتعلق بالتكيف مع التغيرات المناخية، والابتكار الزراعي، وحوكمة الموارد الطبيعية وبخاصة المياه".
ختم كلمته بالتشديد على "التزام لبنان الراسخ للتعاون مع منظمة الفاو والدول الأعضاء"، مؤكدًا أن "الطريق قد يكون صعبًا، لكنه ممكن، إذا توافرت الإرادة والابتكار والتضامن".
وقال: "نحن لا نبحث عن حلول موقتة، بل نعمل من أجل رؤية مستدامة، تُعيد الحياة إلى أرضنا، والكرامة إلى مزارعينا، والأمل إلى أجيالنا القادمة".