كوستوريكا في عيد ميلاده: مخرج عابر للحدود وافلامه قصائد انسانية | أخبار اليوم

كوستوريكا في عيد ميلاده: مخرج عابر للحدود وافلامه قصائد انسانية

ميشال نجيم | الثلاثاء 24 نوفمبر 2020

اخر أفلامه الروائية كان عام ٢٠١٦ من بطولة مونيكا بيلوتشي

ميشال نجيم – "أخبار اليوم"

قدّم امير كوستوريكا تجربة متفردة في عالم الفن السابع. افلامه الروائية كانت في معظمها اشبه بقصائد انسانية مشغولة بفهم كبير للواقع في إطار من الفنتازيا الراقية والكوميدية السوداء.

كوستوريكا مخرج وممثل وموسيقي صربي من مواليد ساراييفو في ٢٤ تشرين الثاني عام ١٩٥٤. غلّف الرجل افلامه غالباً بالحيوية والصخب والألم والموسيقى الحماسية والحزينة في آنٍ وجهد في تشييد عالم سينمائي يتجاور فيه الواقع والخيال او بالأحرى يتمازجان. شخصياته واقعية جداً برغم حديّتها ومبالغاتها، هي في نهاية المطاف تشبه آخرين حولنا وتشبهنا، اما محيطها فسوريالي في الظاهر وكثير الحيل والمبالغات ومفرط الى حد التخمة ولكن كأنما بيد سحرية يتحول في جوهره عالماً مألوفاً.
مال كوستوريكا بفعل انتمائه إلى منطقة مزّقتها النزاعات إلى القضايا السياسية التي عاصرها أو التي طبعت القارة الأوروبية في الماضي القريب وتلك الاجتماعية التي تستقي مادتها من بيئة غنية بتراثها وتقاليدها.
قال كوستوريكا قبل ان ينجز فيلمه "زمن الغجر" الذي استحق عنه جائزة أفضل اخراج من مهرجان كان عام ١٩٨٩ :"اشعر انني ملزم بفيلم يعالج موضوعا يهزني من الاعماق ويجعلني أثور وينتزع مني الضحك والدموع في آن واحد".
حمّل كوستوريكا في احيان كثيرة شخصياته رسائل مهمة كما في فيلم "اندرغراوند" الذي فاز عام ١٩٩٥ بالسعفة الذهبية في كان، حيث قال احد بطلي العمل: الحرب لا تكون حرباً حقيقية إلا عندما يقتل الأخ أخاه.
في مرات كثيرة، قد تبدو شخصيات كوستوريكا غير مألوفة للبعض ومنها الحيوانات التي اعطاها ادواراً مهمة الى حد ما. فرأينا مرةً حماراً يائساً من شدة الحب يبكي وينتظر الموت ممدداً على السكة الحديد ومرة اخرى هراً اسود وابيض ينوّم مغناطيسياً حمامة!
فيلم كوستوريكا "الحياة معجزة" (انتاج عام ٢٠٠٤) الحائز على جائزة سيزار الفرنسية كأفضل فيلم أوروبي، يروي قصة حب غير اعتيادية ومؤثرة قريبة للدراما الشكسبيرية تدور احداثها على خلفية حرب في البلقان. عند صدور هذا الفيلم، قال مخرجه: "منذ ١٩ عاماً افلامي كلها تشبه بعضها. ما يهمني هو العائلة. هنا الوضع السياسي هو الذي يحدد حياة العائلة والبطل".

عام ٢٠٠٨، قدّم كوستوريكا فيلماً وثائقياً طويلاً عن نجم كرة القدم الارجنتيني دييغو مارادونا، وبعد عشر سنوات نفذ وثائقياً عن رئيس الاوروغواي السابق خوسيه موخيكا. اما اخر أفلامه الروائية فكان عام ٢٠١٦ وحمل عنوان On the milky road لعب فيه دور البطولة الى جانب النجمة الايطالية مونيكا بيلوتشي، وصوّر في الشريط قصة عن الحرب والحب والعيش في عزلة.

رغم الجوائز الكثيرة التي نالها كوستوريكا في أوروبا، لم يحز حتى اليوم سوى ترشيحاً يتيماً لجائزة الاوسكار، وذلك عن فيلمه "عندما كان والدي في رحلة عمل" (انتاج سنة ١٩٨٥) في فئة أفضل أجنبي.
أمير كوستوريكا مخرج عابر للحدود والثقافات والمجتمعات. هو من نسيج هذا الزمن القلق الذي بات يتحسّس في العمق أن ثمة ارتباكاً ملحوظاً في الهوية الانسانية للإنسان.

 

 

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة