الحزب كـ"مقاومة عالمية" مسؤولية العرب أيضاً | أخبار اليوم

الحزب كـ"مقاومة عالمية" مسؤولية العرب أيضاً

| السبت 08 يناير 2022

الهالة التي أحاط نصرالله نفسه بها ولا سيما بعد حرب 2006 هوت بقوّة ولم تعد قائمة

 "النهار"- روزانا بومنصف

أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان أن بلاده مستعدّة "في أيّ وقت" لإعادة العلاقات مع السعودية التي تخوض معها محادثات "بنّاءة"، لكنه دعا إلى حوار أوسع يشمل كذلك مصر وتركيا، وقال "حوارنا مع السعودية إيجابي وبنّاء، ومستعدّون لإعادة العلاقات في أيّ وقت"معلناً أن الممثلين عن إيران لدى منظمة التعاون الإسلامي سيعودون إلى مقرّها في مدينة جدّة السعودية خلال أيام، مشدّداً: "هذه خطوة إيجابية". أتى ذلك في عز حملة لـ"حزب الله" على السعودية كما لو أن الأخير "فاتح على حسابه" أي إنه يتسبّب بأزمة وقطيعة ل#لبنان مع محيطه العربي لحسابه الشخصي لا لحساب إيران، فيما السيد نصرالله اختار مناسبة ذكرى القائد الإيراني قاسم سليماني للتصعيد ضدّ المملكة وضدّ لبنان كذلك، في مشهد يدفع بضاحية بيروت وطريق المطار الى شارع من شوارع طهران الصغيرة.

ولكن أكثر من مصدر سياسي لا يعتبر الحزب فاتحاً على حسابه في أيّ شكل من الأشكال فيما هو يعلن صراحة أنه يخوض المعارك الإيرانية ويفخر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بأن سليماني هو الذي حوّل "حزب الله" الى "مقاومة عالمية" كما قال. وليس هذا واقع الحال في تصنيف الحزب كما تريد إيران أن تصفه، بل بات يواجه بطابع "التنظيم الإرهابي" أكثر فأكثر في الخارج. فالحزب يخطئ جداً كما أظهرت تعليقات اللبنانيين الذين علقوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام على هفوات لا يُفترض أن يرتكبها من يعدّ لخطابه مسبقاً بحيث ترتدّ عليه أقواله سلباً. ولكن إيران تعتمد خطاباً مزدوجاً مستعينة بالحزب للتصعيد فيما تلقي الكلام الإيجابي من جهة أخرى من أجل تسهيل التفاوض الذي تقيمه على جبهة السعودية أو سواها.

يغدو لبنان ساحة تستخدمها إيران تبرز من خلاله سيطرتها أو نفوذها وضحيّة لا تأبه لمآلها، لا بل إن النظام السوري الذي ساءه تراجع وتيرة الاعتراف بشرعيته عربياً ارتقى الى مرتبة الاحتفاء بالذكرى الثانية لاغتيال قاسم سليماني داعياً الى "توسيع" محور الممانعة "الذي تقوده إيران، ويضمّ العراق وسوريا ولبنان وميليشيات محلّية أخرى" كما قال. ولّى زمن قيادة سوريا أو وجودها فأضحت رقماً من أرقام الانتصارات الإيرانية، تجرّ لبنان الرافض والمدمّر معها. وذلك كله فيما يُحرق مجسّم كبير لسليماني في إيران!

التقت الإمارات العربية والمملكة السعودية أخيراً على اعتبار تصرّفات الحزب مهدّدة لـ"الأمن القومي العربي". ويجد أفرقاء لبنانيون كثر أن الحزب بوضعه الحالي أي موالاته لإيران وإيلاء مصالحها الأولوية على حساب مصلحة لبنان واللبنانيين بات مهدّداً للبنان وصيغته. وفيما أصاب الاهتراء الزعماء اللبنانيين في غالبيتهم من الرئاسة الأولى الى قادة الأحزاب ولو بنسب مختلفة بحيث من لا يزال يجد قبولاً له من ضمن طائفته ومناصريه يلقى أصداءً مختلفة لدى كلّ الطوائف الأخرى تقريباً، فإن هذا التعميم يكاد يشمل الجميع. وعلى رغم الاعتقاد بأن "حزب الله" وحده من لا يلقى الاستهجان نفسه من ضمن مؤيّديه أو بيئته وأنه يمكنه إعادة إنتاج نفسه أو تأهيلها بقدرات أكبر من سائر الأحزاب والقوى لوجود دولة إقليمية داعمة له، فإن الأخطاء الجسيمة التي تُرتكب باتت تصيب الحزب ولو أن هناك مكابرة في الإقرار بذلك.

ردّ الفعل الإماراتي على نصرالله بالذات وطلب محاكمته قد يكون مؤشّراً من المؤشرات على ذلك، إذ وصف نائب رئيس شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان نصرالله بأنه "عدوّ بغيض للعرب" قائلًا إنه "أخطر شخصية على الأمن القومي العربي". والواقع أن الهالة التي أحاط نصرالله نفسه بها ولا سيما بعد حرب 2006 هوت بقوّة ولم تعد قائمة، لا عربياً فحسب بل لبنانياً بنحو خاصّ، ولو أن تحالفه مع عهد الرئيس ميشال عون وتبادل الخدمات معه في التسليم للحزب بسيطرة المحور الإيراني الذي ينتمي إليه على البلد أتاح له استمرارية صعود حتى 2019. ما بعد انتفاضة اللبنانيين في 17 تشرين الأول شكل محطة فاصلة ومهمّة على طريق كشف الحزب أوراقه ومخاوفه نتيجة ما اعتبره حرباً من السفارات عليه متجاهلاً معاناة اللبنانيين وانتفاضتهم ورفضهم لواقع سيطرة الحزب وهذا العهد وكل أركان السلطة المتحالفة معهما. فبان تدمير لبنان واقتصاده كما لو أنه يخوض حرباً غير مرئيّة، ولو تواضع أهل السلطة ونزلوا الى الشارع وعاينوا الانهيار الكارثي والتفكك أو بالأحرى الانحلال التام الذي باتت عليه المؤسّسات وأوضاع اللبنانيين فيما البلد في عهدتهم وحكمهم لأدركوا حجم النقمة اللبنانية عليهم، علماً بأن هذا التدمير ليس عفوياً بل مقصود في رأي سياسيين يعتقدون أن هذا التدمير كبر في مقابل الهواجس لدى الحزب والعهد بتدميرهما.

ينبغي أن تملك الدول العربية في ظلّ مواقفها من الحزب لا بل من لبنان، العزم على أن يكون موضوع الحزب على طاولة التفاوض مع طهران. فالكلام على استراتيجية دفاعية في لبنان وحوار حولها هو بمثابة ذرّ للرماد في العيون لأن لا حوار ممكناً في ظلّ سلاح موجّه الى رؤوس اللبنانيين للقبول بهذا السلاح أو تنظيمه. فإن كان الحزب كما قال رئيسي "مقاومة عالمية" فليكن مصيره على طاولة المفاوضات بدعم عربي في الدرجة الأولى، علماً بأن هناك أولويات أكثر أهمّية للدول العربية مع طهران. ولكن الحزب في حدّ ذاته بات مشكلة كبيرة بحيث لا يمكن لبنان الاستمرار سواء مع ما بقي من العهد الحالي المسؤول بقوّة منذ 2006 عن سيطرة الحزب، أو خلال مرحلة ما بعد انتهائه بواقع الحزب على ما هو عليه ولا سيّما التوافق على تدمير الدستور الراعي لانتظام الحياة السياسية عبر مقاربات تعطيلية واجتهادات خطيرة قوّضت كيان البلد وركائزه.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار