مطالعة خليجية: الردّ اللبناني قاصر ولا إجراءات تصعيدية... | أخبار اليوم

مطالعة خليجية: الردّ اللبناني قاصر ولا إجراءات تصعيدية...

| الإثنين 31 يناير 2022

عون أخرج الصيغة و"حزب الله" يركّز على فعل "المقاومة"!


"النهار"- ابراهيم حيدر

كل المؤشرات تدل على أن دول الخليج ليست راضية عن صيغة الرد اللبناني على ورقتها. الأجواء الخليجية تؤكد أن مجلس التعاون، وتحديداً السعودية، يعتبر النقاط التي تقدّم بها لبنان غير كافية وكأنها محاولة للهروب من التصدي للمشكلة الأساسية التي ترتبط بـ"حزب الله". وعلى وقْع هذا الرد لن يتغير أي شيء في العلاقة اللبنانية – الخليجية، وفق مصدر ديبلوماسي عربي متابع، إذ إن الدول التي غطت المبادرة الكويتية كانت تتوقع أن يكون الرد غير كافٍ، ولن يخرج عن دائرة المراوحة وتكرار الكلام عن التزام لبنان بأفضل العلاقات مع محيطه العربي والعالم، لكنها كانت محاولة لفتح كوّة في جدار العلاقات ومواجهة ما تعتبره هيمنة لقوة مسلحة وذراعاً مرتبطة بإيران، فإذا لم يساعد لبنان نفسه، تكون دول الخليج بمنأى عن المساعدة لإنقاذه من أزماته وأوضاعه المتداعية.

النقطة التي اثارت حفيظة دول الخليج في الرد اللبناني، والمتوقع أن تكون لها انعكاسات سلبية، هي المعلومات التي وصلت اليها من أن صيغة الرد ليست رسمية مادامت لم تُطرح على طاولة مجلس الوزراء، بل هي نوع من التوافق بين الرؤساء الثلاثة، ولذا لا يبنى عليها باعتبار أنها أعدّت من خارج مركز القرار التنفيذي. ويكشف المصدر الديبلوماسي نفسه أنه لن يكون هناك موقف خليجي مباشر، فبالنسبة إلى هذه الدول بات معلوماً أن "حزب الله" رفض مناقشة الورقة داخل الحكومة، وإن كان لم يعلن موقفاً مباشراً في شأنها، فيما العلاقات الديبلوماسية لن تعود إلى سابق عهدها أقله في المرحلة الفاصلة عن الانتخابات النيابية المقررة في أيار المقبل.

كشفت المبادرة الخليجية، أو التي يعتبرها البعض شروطاً لعودة العلاقات ومساعدة لبنان، عن ترهل الدولة اللبنانية وضعف مؤسساتها في ظل الهيمنات القائمة، خصوصاً من "حزب الله"، إذ إن لبنان لم يستطع مناقشة ورقة، رغم أهميتها، داخل السلطة التنفيذية صاحبة القرار، لا بل تولى كل من الرؤساء الثلاثة تنقيح الرد وتعديل بنوده بما يتناسب مع توجهاتهم السياسية وحساباتهم، وعندما خرجت الصيغة النهائية ظهر حجم التناقض حتى في الكلمات المدرجة في النص، فالتزام سياسة النأي بالنفس وتطبيق القرارات الدولية، لم يأتِ على ذكر إجراءات لبنان التي سيتخذها فعلاً في هذا الامر. وكان واضحاً أن رئيس الجمهورية ميشال عون هو الذي تولى إخراج الصيغة النهائية للرد، انطلاقاً من أنه صاحب القرار النهائي وفق الدستور والمفاوضات بين الدول، لذا ظهرت بعض بنود النص من خارج ما كان يطمح إليه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، خصوصاً في ما يتعلق بالقرارات الدولية، لا سيما القرار 1559، الذي كان ميقاتي يريد تضمينه من خلال إعلانه التزام لبنان به. لكن عون اكتفى بالتزام لبنان بقرارات الشرعية الدولية، علماً أنه كان من أشد المؤيدين لهذا القرار عام 2004، لكنه اليوم يأخذ بالاعتبار حلفه مع "حزب الله"، معتبراً أن الدخول في تفاصيل القرارات الدولية واتخاذ موقف بتطبيقها هو شأن أكبر من لبنان.

في الأساس لم تكن هناك نية لبحث المبادرة في مجلس الوزراء، إذ إن ميقاتي الذي كان يفضل أن يكون نص الرد أكثر وضوحاً، تخوّف من أن يؤدي طرح الشروط الخليجية في جلسة الحكومة إلى تفجيرها مجدداً، وهو يعرف أن الحزب يرفضها. ويبدو أن لبنان تلقّى تطمينات بأن لا تصعيد خليجياً خارج الموقف الذي اتُّخذ بقرار المقاطعة، وبالتالي يراهن لبنان على موقف بعض الدول وفي مقدمها الكويت للتخفيف من حدة الموقف الخليجي وعدم الذهاب إلى إجراءات أكبر، فاكتفى بالرد على العناوين الرئيسية المتاحة متجنباً الخوض في موضوع سلاح "حزب الله" وجرى تجاوز القرار 1559.

ووفق المعلومات أن دول الخليج لن تتخذ إجراءات عقابية جديدة تجاه لبنان، وإن كانت ترفض صيغة الرد اللبناني وتعتبره ناقصاً وقاصراً أيضاً. إلا أن الموقف الخليجي ستكون له تداعيات لناحية رفض دول مجلس التعاون مساعدة لبنان، معتبرة أنه سيبقى مرتهناً لـ"حزب الله" وحسابات إيران في المنطقة. ويقول المصدر الديبلوماسي إن المملكة العربية السعودية ترى أن لبنان لا يساعد نفسه، فهو تجنّب الرد الواضح على المبادرة من خلال تهرّبه من المشكلة الأساسية المتمثلة بـ"حزب الله"، خصوصاً أن المبادرة هي طريق شامل إلى الحل للوضع اللبناني. ومنذ الآن بدأت تتسرب معلومات تشير إلى أن لا حلحلة على صعيد العلاقات بين لبنان ودول الخليج، فالمدخل الأول والاخير هو أن يتخذ لبنان قرارات واضحة بشأن المبادرة وينفّذها.

وبينما يُخشى من تصعيد يقوده "حزب الله" ضد المبادرة، يشير مصدر سياسي إلى أن الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله قد يسلك مسار التهدئة أقله بعدم مهاجمة دول الخليج، لكنه سيفنّد بنودها بطريقة غير مباشرة مؤكداً رفضها، والتركيز على دور المقاومة في لبنان في مواجهة إسرائيل كقوة ردعية، إلا إذا كانت الحسابات تستدعي موقفاً مباشراً ضد دول الخليج، وهو ما قد يؤزّم العلاقات أكثر ويدفع الامور إلى مزيد من التصعيد بإجراءات عقابية ضد لبنان.

لن تسلك الأزمة اللبنانية – الخليجية طريق الحل، أقله في المرحلة الممتدة إلى ما بعد الانتخابات النيابية وحتى الانتخابات الرئاسية أيضاً، وإلى أن تحدث تطورات على مستوى المفاوضات النووية، تنصرف الأطراف اللبنانية الى الاستثمار في التغيرات داخل الطوائف نفسها، خصوصاً في الطائفة السنية بعد انسحاب سعد الحريري. ويتبين وفق المصدر أن الدول الخليجية مهتمة بالانتخابات، رغم المقاطعة. ويبدو أن الأمر كله مرتبط بموقع "حزب الله" وبدوره في المعادلة داخلياً وإقليمياً. فالموقف الخليجي، الذي حاصر "الحزب"، يكرس سقفاً لا يبدو أن هناك وجهة للتراجع عنه أو خفض توقعاته، ولأن الحكومة اللبنانية لم تتبنَّ بنود الورقة، خصوصاً في الزام "حزب الله" بعدم التدخل في دول المنطقة ووقف عمليات التهريب، فإنها تثبت للعالم أنها غير قادرة وهي تحت الهيمنة، وأي مساعدات ستُستغل لزيادة سيطرة هيمنة "الحزب". وبالتالي الأزمة اللبنانية مرشحة إلى مزيد من التفاقم، أو إطالتها على الأقل في انتظار تطورات إقليمية دولية مغايرة واتفاقات تفتح طريق حل المعضلات القائمة وصولاً إلى نظام جديد أو تركيبة بصيغة مختلفة عن الحالية وفقاً للتوازنات القائمة.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار