المقاربة السعوديّة بين الالتزام الإنسانيّ والموقف السياسيّ | أخبار اليوم

المقاربة السعوديّة بين الالتزام الإنسانيّ والموقف السياسيّ

| الجمعة 18 مارس 2022

القوات والاشتراكي: العمل اللبناني باتجاه عودة الدول الخليجية  السعودية إلى لبنان البند الأول


 "النهار"- مجد بو مجاهد

تحضر روحيّة مواكبة الأوضاع اللبنانية من المملكة العربيّة السعوديّة في إطار إنسانيّ لا يصل عتبة الخطى السياسية، طالما أنّ مقاربة الواقع اللبناني بمنظار الاستطلاع عن بُعد لا يشير إلى تبدّلات في التصدّع الداخلي والحرائق المحيطة بصورة الدولة. وتفضّل الرياض سكب الماء البارد لإطفاء الاشتعال الاجتماعيّ... أمّا السياسي فمختصّ بالمقاربة اللبنانية الداخلية.

وتشير معلومات "النهار" إلى أنّ اللجنة السعودية - الفرنسية التي تشكّلت حديثاً تنظر في نوعية المساعدات وكيفية توزيعها، في وقت عُلم أنّها ستُوزَّع من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والمؤسّسات الفرنسية التي تعنى بتقديم المساعدات إلى اللبنانيين. وعُلم أنّ هذه الخطوة ستتلاقى مع اتّجاه نحو إصدار بيان أو رسالة من دول مجلس التعاون الخليجي ينطلق من ثوابت الوقوف إلى جانب الشعب اللبناني، مع التأكيد مجدّداً على العناوين والبنود التي تطرّق إليها "إعلان جدّة".

وفي هذه الغضون تدرس اللجنة السعوديّة - الفرنسيّة أسماء الجهات التي ستقدّم إليها المعونات بناءً على معطيات علميّة متوفّرة لدى مركز الملك سلمان والجهات الفرنسية. وتشير مصادر مواكبة للخطوة الفرنسيّة - السعوديّة إلى أنّها منبثقة من الاتفاق الذي تبلور خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المملكة مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وفي وقت تشكّلت اللجنة المشتركة بين البلدين، تضع المصادر الخطوة في خانة المتقدمة والمعهودة تاريخيّاً للوقوف إلى جانب الشعب اللبناني. وهي خطوة تتزامن في المرحلة الراهنة مع عجز الدولة عن الوقوف إلى جانب مواطنيها في مرحلة تشوبها سيطرة "حزب الله" على القرار. وتحرص الجهات المقدّمة للمساعدات على عدم تبديدها لبنانياً. ومن هنا، عُلم أنّ آلية دقيقة تضعها اللجنة في سبيل وصول المعونات إلى مستحقّيها، مع الإشارة إلى عدم التفرقة المناطقية أو المذهبية بين فئات الشعب اللبناني في تقديم المساعدات التي ستوزّع على محتاجيها.

وتأتي خطوة الاستعداد لتقديم المساعدات مع تساؤلات وقراءات تناقلت في مجالس سياسية لبنانية، حول ما إذا كانت ستتزامن في توقيتها مع عودة سياسية مرتقبة للمملكة إلى لبنان. ويؤكّد المواكبون أن المبادرة إنسانية بحتة وليست بجديدة لجهة المواكبة الخليجية للبنان طوال عقود زمنية ماضية، قدّمت خلالها الهبات المرتبطة منها بإعادة الإعمار ودعم القطاع المالي والمصرفي. وتُعتبر العودة السياسية إلى لبنان مسألة منفصلة لا علاقة لها بالخطوة الراهنة، بل مرتبطة في مؤشّرها الأول بعودة السفير السعودي وليد البخاري إلى بيروت. وتتعامل السعودية مع لبنان انطلاقاً من مفهوم تعامل دولتين مع بضعهما بعضاً، في وقت تشير المعلومات إلى غياب أيّ تدخّل سعودي مباشر أو غير مباشر في استحقاق الانتخابات النيابية المقبلة أو في الشؤون الداخلية اللبنانية. وترتبط المقاربة الخليجية لجهة العودة السياسية إلى بيروت، بكيفية تعامل الدولة اللبنانية في المرحلة المقبلة مع موضوع الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والعناوين السيادية والالتزام بقرارات الشرعية الدولية. وهي جميعها عناوين أشارت إليها المبادرة الكويتيّة التي بقيت بنودها والمقاربة الجدية في التعامل معها معلّقة من الجانب اللبناني. ويأتي رهان قوى وأحزاب لبنانية محسوبة على المحور السيادي في هذا الإطار، على الاستحقاق الانتخابي ونتائجه للمساهمة في سلوك الخطوة الأولى في بداية مشوار تبديل الواقع السياسي القائم.

وكانت لافتة في الساعات الماضية استحضار الدور السعودي من القوى الحليفة لبنانياً. وترى مصادر "القوات اللبنانية" أنّ مناشدة رئيس "القوات" سمير جعجع للسعودية تعبّر عن سياسية استباقيّة للمساهمة في العودة إلى لبنان من أجل بقاء البلد واستمراريته، في وقت يزداد الوضع الداخلي سوءاً وتتصاعد آلام الشعب اللبناني وأوجاعه نتيجة المسؤولية التي تتحمّلها الدولة اللبنانية عن إيصال الأوضاع إلى ما آلت إليه بسبب الموقف السياسي المتخذ والمشاركة في الحروب الإقليمية وتهديد أمن الدول العربية وتشريع الحدود للتهريب.

ويضاف إلى ذلك الواقع الذي فرضه التأزّم على الخط الروسي - الأوكراني، بما يعني الاتّجاه نحو مزيد من التأزم الداخلي الذي قد لا ينتظر استحقاق الانتخابات. وتؤكّد المصادر أن رئيس "القوات" متفهم جداً للموقف السعودي بعد تحويل لبنان إلى دولة معادية عبر ممارسات "حزب الله"، مع الإشارة إلى أنّ التواصل قائم مع الرياض والسعي حاضر لدى المملكة التي تميّز الشعب اللبناني الصديق عن الجهات المسيطرة على الدولة. وتستقرئ أنّ المساعدات التي أقرّت بالتفاهم بين الدولتين السعودية والفرنسية، تأتي في إطار التأكيد على التمييز بين الشعب و"الحزب". وتخلص إلى تأكيد الرهان "القواتي" على الانتخابات كخيار واضح للتخلّص في يوم واحد من الواقع الحالي، بحيث يمكن للنتائج المنبثقة عن تصويت اللبنانيين أنّ تبدّل اتجاهات وتوجهات السياسة القائمة في البلاد على مدى عقود مقبلة.

وتلاقت مقاربة رئيس "القوات" في توقيتها ومضمونها مع موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، في إشارته إلى أنّه "في هذه الأزمة الخانقة الاجتماعيّة والاقتصاديّة الّتي يمرّ فيها لبنان، نحصد اليوم ثمن التخلّي للدّول العربيّة عنّا، نتيجة التّصريحات الهمايونيّة والعبثيّة لكبار القادة تجاه الخليج"، متسائلاً: "هل سيأتينا المدد من الشّرق العظيم عبر قوافل من القمح والوقود والزعفران وما شابه، كما وعدونا؟". وتعبّر مصادر الاشتراكي عن حراجة الوضع السياسي الذي تمرّ به البلاد لجهة السيطرة الكاملة لمحور "الممانعة" على القرار في مرحلة مفصلية يعوّل فيها على الانتخابات للصمود. وتؤكّد على أهمية العمل اللبناني باتجاه عودة الدول الخليجية وفي طليعتها المملكة السعودية إلى لبنان، وهذا سيكون البند الأول الذي ستعمل على أساسه مع القوى الحليفة في مرحلة ما بعد الانتخابات التي يراد لها أن تكون بداية مرحلة تغييرية تساهم في عبور البلد إلى بداية استعادة التوازن.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار