كيف يتفاعل "حزب الله" مع الكلام عن احتمالات تأجيل الانتخابات؟ | أخبار اليوم

كيف يتفاعل "حزب الله" مع الكلام عن احتمالات تأجيل الانتخابات؟

| الإثنين 21 مارس 2022

 "النهار"- ابراهيم بيرم

ينصت "حزب الله، كما سواه من القوى المنخرطة بكلّيتها في الانتخابات النيابية، الى الاصوات التي بدأت تغزو في الايام الاخيرة المحافل السياسية والاعلامية والمتمحورة حول:
- احتمال تأجيل الانتخابات النيابية المقررة مبدئيا بعد اقل من شهرين، إما بفعل "اهتزاز امني" مدوٍّ يطغى على ما عداه، وإما نتيجة "تواطؤ" على التأجيل تجنح اليه مكونات المشهد السياسي على اختلاف تلاوينها وانتماءاتها، وإما كما بدأ يتسرب الى الاوساط السياسية والاعلامية ترجمة لرغبة اميركية مضمرة في ارجاء هذا الاستحقاق تكونت بفعل خلاصة موقف اوحى للادارة الاميركية المولجة انه يصعب تحقيق الهدف غير المعلن من وراء الاصرار الاميركي على المضي نحو هذا الاستحقاق وهو توجيه ضربة في صناديق الاقتراع الى "محور الممانعة" تطيح الاكثرية وتأتي بأكثرية نقيضة.

من البديهي ان الحزب، وفق مصادر على صلة بدوائر القرار فيه، لا يشيح النظر عن هذا الكمّ من الضجيج الذي يتعلق بمعركة سبق له ان وضعها في مصاف "المنازلات الكبرى" ومقام "أمّ المعارك لدرء الاخطار الداهمة"، وفق التعبير الذي ادلى به اخيرا امينه العام السيد حسن نصرالله، مستنتجا ان على نتائج هذا الاستحقاق الكثير مما يلي ويتبع. واكثر من ذلك، لا تكتم المصادر اياها ان المولجين بالملف الانتخابي اخذوا على عاتقهم رصد كل شاردة وواردة تتصل بهذا الاستحقاق المفصلي ومراقبة كل تفصيل يرتبط به، لاسيما ان معسكر الخصم تعامل مع هذا الاستحقاق على انه فرصة لقلب الاوضاع وتصفية الحساب بمفعول رجعي.
انطلاقا من هذه القناعة صدرت التوجيهات الحازمة والتي بلغت حد "التكليف الشرعي" بالتعامل بكل جدية مع الاستحقاق وادق تفاصيله. لذا فهو وحتى اشعار آخر يرجح كفة الذهاب الى مراكز الاقتراع صبيحة 15 أيار، ولا يخفي انه وضع كل رصيده وكل قدراته التعبوية والتحشيدية والتنظيمية لهذه الغاية، ليس لانه يريد ان يبرهن للآخرين انه على عكس ما يزعمون ذاهب بكل اريحية الى موعد الاستحقاق، بل لانه بات يقيم على خشية من ان يكون وراء الكلام الساري عن التأجيل بموجب دواع تقنية فنية او غير ذلك، رغبة في نشر جو من الاسترخاء في اوساط الحزب قادة وقيادة ليكون فرصة للخصوم الداخليين والخارجيين لأخذه على حين غرّة، وذلك انطلاقا من هاجس راسخ باح به سيد الحزب مرارا، وفحواه "اننا ننتظر بين المكمن والمكمن شركا يُنصب لنا تدبّره غرف موصدة".

واذا كان ذلك التقدير والتقييم الضمني هو ما يدفع الحزب الى هذا المستوى والقدر من التنبه، واستطرادا الى عدم الاستخفاف بكل كلمة تبرز او رأي يقال او فكرة تسري بشأن هذه الانتخابات، فان الدوائر المعنية في الحزب تكشف بصراحة انها تقارب بكل موضوعية الكلام الصادر عن احتمالات التأجيل، ولا تخفي انها ما لبثت ان بادرت الى وضعها على طاولة التشريح لسبر اغوارها والوقوف عند أبعاد اطلاقها وتسويقها بين الفينة والفينة انطلاقا من قاعدة بديهية في علم السياسة جوهرها ان ما من شيء يدور من دون ان يكون وراءه مقصد ما.

وبناء عليه، فان الحزب يناقش بعمق خلفيات مثل هذا الكلام وبواطنه، وهو ما زال مصراً على ان الانتخابات ستُجرى في موعدها، لكنه في الموازاة لا يستبعد ان يكون في طوايا الكلام عن احتمال التأجيل استدراج عرض للمضي نحو مقايضة او تسوية حول مستقبل الرئاسة الاولى.
وبمعنى اكثر وضوحا، يدرك الحزب ان الدعوة الى التأجيل خصوصا اذا كان تأجيلا غير تقني وفني، فان ذلك يعني ان المجلس الحالي تعود اليه مهمة انتخاب رئيس جديد للبلاد يحل محل الرئيس الحالي العماد ميشال عون الذي ستنتهي ولايته الرئاسية بعد اقل من سبعة اشهر. والامر لا يحتاج الى شطارة للقول بان الاكثرية في المجلس الحالي وإنْ اصابها الضمور، هي لمصلحة الحزب ومن يواليه ويحالفه. لذا فالاولى ان الفريق الآخر لن يغامر ويترك الفرصة سانحة امام فريق الحزب ومحوره ويبادر الى انتخاب رئيس جديد يوافق هواه.

لذا فإن كانت الجهة الداعية او المروّجة لفكرة التأجيل تصريحا او تلميحا او جس نبض، لا تريد جديا فتح اقلام الاقتراع امام الناخبين في الموعد المحدد مهما كانت الدوافع الخفية، فهي انما توجه ضمناً دعوة هادئة وسلسة الى فتح باب التفاوض بغية انتاج تسوية رئاسية مبكرة، او في اسوأ الاحتمالات والتقديرات ارساء اسس تفاهم يمهد الطريق لاحقا امام مثل هذه التسوية والشراكة الجديدة في الحكم سواء قُدِّر وجرت الانتخابات في موعدها او تأجلت بعض الوقت تحت ذريعة الدواعي الفنية.

ومهما كان من هذه التكهنات والمناخات فان الحزب، وفق المصادر عينها، ماض في رحلة العمل بكل طاقته على اساس ان ساعة الانتخابات آتية لاريب فيها، وانه صار متشوقا اليها ربما اكثر من غيره. ولدى الحزب حتى الآن لائحة بثلاثة احتمالات للنتائج المتوقعة لصناديق الاقتراع قبل اقل من شهرين، وهي على النحو الآتي:

السقف الاكثر تفاؤلا ان بالامكان اعادة الحصول على الاكثرية نفسها التي حصل عليها في دورة الانتخابات الماضية وهي 72 مقعدا، رغم ان الخصوم انكروا عليه يومها هذا الفوز المبين. والسقف الوسط هو الحصول على نحو 68 مقعدا اي النصف زائد اربعة مقاعد. والسقف الادنى الحصول على النصف تماما اي 64 نائبا وهي الكتلة المضمونة من الآن. وهذه النتيجة إن تحققت ستكون لها ميزتان: الاولى انها ستكون اكثر صلابة وتماسكا لان الشريك في التحالف الانتخابي، اي "التيار الوطني الحر"، قد قرر ألا يلدغ من جحر التجربة مرتين، لذا فان ترشيحاته مضمونة الولاء بعد الفرز. والثانية انها ستكون الكتلة الاكبر في مقابل كتل صغيرة العدد.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار