رصدٌ لمؤسسة "مهارات" وجمعية "مدنيات" عن التنمّر الالكتروني ضد المرأة | أخبار اليوم

رصدٌ لمؤسسة "مهارات" وجمعية "مدنيات" عن التنمّر الالكتروني ضد المرأة

| السبت 14 مايو 2022

في طليعة أشكال العنف... يليه تعنيف بناءً على الشكل والعمر فمضايقات ذات طابع جنسي


"النهار"- روزيت فاضل 

تتصاعد وتيرة التنمر على النساء في القطاع الذي تعمل فيه المرأة أو تلمّ به، ففي مجال الطاقة مثلاً لا ترحم التغريدات الوزيرة السابقة ندى البستاني، أو السيدة لوري هايتيان، ولو كانت بوتيرة أقل حدة لأن مجتمعنا ما زال يحتكر المعرفة بالذكور أو بالإناث الموالين لفكرهم أو حزبهم، فيما الرجولة والنسوية الحقيقية تتركان مساحة حوار مهذب مع الآخر...

يعكس رصد وسائل الاعلام التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي، الذي تقوم به مؤسسة مهارات وجمعية مدنيات مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، أن التقارير التلفزيونية بينت ان حضور المرأة "لا يزال ضعيفاً في الاعلام بالنسبة الى حضورها المتزايد في السياسة مع العدد الكبير من المرشحات للانتخابات النيابية المقبلة. ففي شهر شباط كانت نسبة وصول النساء الى الاعلام 7٪ فقط و11٪ في شهر آذار، في وقت ان نسبة المرشحات اللاتي بقين على اللوائح هي 16،4٪".

كما ان تقرير الرصد الجندري لشهر آذار بيّن ثلاث حالات عنف في التلفزيون حيث تعرضت الناشطات الضيفات لما يُعرف بسلوك المقاطعة الذكوري الذي يصنَّف ضمن انواع العنف النفسي السياسي ضد المرأة. وفي الحالة الثالثة تم رصد عنف سياسي ذي طابع جنسي تحول على مواقع التواصل الاجتماعي الى تهديد جسدي.

ورصد التقرير ايضا حالات عنف على مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما بوجه 18 حسابا لمرشحات تعرّضن لـ 410 تعليقات تحوي نوعاً من العنف، فمن اصل 5870 تعليقا خلال شهر آذار على حسابات 18 مرشحة كانت 7٪ بالمئة منها تحتوي على عنف.

توزع العنف الالكتروني خلال شهري شباط واذار بين العنف الجنسي والعنف النفسي وبنسبة اكبر للأخير. وحل التنمر الالكتروني في طليعة اشكال العنف الالكتروني ضد المرأة في السياسة، يليه التعنيف بناء على الشكل، ثم المضايقات والتهديدات ذات الطابع الجنسي، فالتحيز ضد المرأة والتهديد والتخويف.

وتنشر "النهار" أبرز ما جاء في التقرير، وهما حالتان تتضمنان سلوك المقاطعة الذكوري. في الأولى، برزت مشكلة تعاطي الإعلامي مرسال غانم مع ناشطات حضرن برنامجه "صار الوقت" على قناة الـ MTV. فهو لم يتوان عن التغزل بهن مرات عدة، كما حاول اسكاتهن وعدم السماح لهن باستكمال طرحهن بخلاف تعاطيه مع الحضور من الذكور. وفي الحالة الثانية، برزت محاولة مسؤول الاعلام في حزب "القوات اللبنانية" شارل جبور اسكات نائبة رئيس "التيار الوطني الحر" مي خريش مرات عدة، وطالب بقطع الصوت عنها خلال مداخلة لها في برنامج حواري على محطة "الجديد" في ما يُعرف بظاهرة men interrupting او سلوك المقاطعة الذكوري لاظهار سيطرته على الحديث، بينما حاولت هي استكمال حديثها وبرمجة مقاطعتها لحديثه في محاولة لانكار دونيتها الاجتماعية.

وركز التقرير على حالة تتضمن ايحاءات جنسية ظهرت في مبادرة شربل خليل، وهو معدّ ومقدم برنامج "مش قليل" الذي يعرض على قناة OTV بالهجوم على الاعلامية ديما صادق. وأشار الى أنه "في سياق البرنامج الذي عُرض في 7 آذار، لجأ خليل الى سيناريو افتراضي حيث ديما وزيرة خارجية لبنان تحاور وزير خارجية روسيا وتهمس له بانها "رقاصة" مع ايحاءات جنسية". وذكر أن "هذا الحوارينمّ عن نظرة الاحتقار والدونية للمرأة في السياسة وليس لديما صادق فحسب".

وتوقف التقرير عند استكمال شربل خليل حملته على ديما صادق "مستعملا وسم #رقاصة_الرينغ، واصفا اياها بأبشع العبارات، وعمد الى أسلوب القدح والذم والتحقير، حيث تفاعل معه عدد من المتابعين وذلك على خلفية توقيف طبيب ينتمي الى "التيار الوطني الحر" في دولة الامارات العربية المتحدة، فيما نفت ديما عبر حسابها على "تويتر" ان تكون قد اوشت بالطبيب، بالرغم من تأييدها لرفع دعوى طبية بحقه ومقاضاته بسبب ما يزعم انه خطأ طبي".

وأفرد التقرير فقرة منه لتوزيع مستوى التفاعل والمشاركة للتعليقات العنيفة، حيث يظهر الجدول الرقم 3 ادناه مستوى التفاعل مع التعليقات العنيفة إذ كان التفاعل الاكبر ضد المرشحة ندى البستاني تليها مي خريش ثم بولا يعقوبيان وبعدها مي شدياق ولوري هايتيان، في مؤشر الى ان التفاعل مع التعليقات العنيفة يطاول كافة المرشحات لاي جهة سياسية انتمين. على ان نوع العنف الالكتروني المرصود خلال شهري شباط واذار توزع ما بين العنف الجنسي والعنف النفسي بنسبة أكبر لاسيما على "تويتر" اكثر منه على "فايسبوك"، بحيث تم رصد 584 تعليقا تحتوي على عنف نفسي على "تويتر" مقابل 85 على "فايسبوك"، فيما تم رصد 10 تعليقات على "فايسبوك" تحتوي على عنف جنسي و44 تعليقا على "تويتر".


ولفت التقرير الى أن "توزع العنف الالكتروني خلال شباط واذار كشف أن التنمر الالكتروني كانت له النسبة الاكبر (78،7٪)، يليه تعنيف بناء على الشكل والعمر بنسبة 8.44٪، ثم مضايقات وتهديدات ذات طابع جنسي بنسبة 7.47%، تحيز ضد المرأة بنسبة 5.12٪، وتهديد وتخويف بنسبة 0.28٪"، مشيراً الى أنه "في مقارنة مع شهر شباط يظهر الجدول لشهر آذار تبدل التوزيع بين المرشحات والناشطات، ونالت ندى البستاني النسبة الاكبر من التعليقات التي تحتوي على عنف".


اللافت في التقرير القسم الخاص لدراسة ثلاثة نماذج للتنمر في حالات مختلفة، كما في حالة داليا احمد، جوزفين زغيب، وناهدة الخليل.

بداية، ذكر التقرير أنه "في تاريخ 24 شباط 2022 قالت داليا احمد في برنامجها النقدي الساخر "فشّة خلق" الذي تقدّمه على تلفزيون "الجديد" متوجهة الى أبناء الطائفة الشيعية، ان الله وفقهم مثل المسيحيين باثنين "غرانديزر"، وتقصد السيد حسن نصرالله والرئيس نبيه بري، "اول واحد سلاحو المفضّل رعد الفضاء تارك الاشرار يدمروا البلد لانو عندو ستة كواكب تانيين بدّو يحررهم قبل. ولكن ما تخافوا راجع قريبا ورح نصلّي بكوكب فليد". والثاني "اعتزل القتال وتفضّى لجمع المال وسلاحه المفضّل الامواج المغناطيسية ليضل منيّم الشباب الطيبة"، ما كان سببا لانطلاق حملة ثانية عليها على "تويتر" عقب الحملة الأولى بتاريخ 13 كانون الثاني 2022 بعدما وَصفت في البرنامج نفسه السياسيين بـ"التماسيح". ومن ضمن صور السياسيين الذين توجّهت اليهم بهذا الوصف، صورة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، تبعتها حملة ثانية عليها في 24 شباط من قبل مغرّد كتب: "السوداء الشمطاء داليا أحمد مصرّة بكل وقاحة على التطاول على رموزنا".

واعتبر التقرير أن "الحملة اتخذت الأشكال التالية للعنف ضدّ المرأة من الناحيتين العنصرية والنفسية، إضافة الى المظهر ولون البشرة، وعنف جنسي عبر نعتها بـ"بنت حرام"، أو بـ"عنوان للدعارة".

ولحظ التقرير أيضاً أن "الناشطين روّجوا ان التنمر على داليا هو واجب من اجل تضخيم وتفعيل الحملة عليها. اما مجموعة التعابير والصور العنفية المستخدمة فكانت كالآتي: حبشية سوداء، داليا_أحمد عاهرة، مرت قوّاد وبلطجي وبتشتغل عند لحّيس...، الشمطاء اللعينة، الا ان الحملة الثانية على داليا احمد لم تأخذ بُعدا كما الحملة الأولى وتمّ تجاهل الرد عليها من قبل الإعلامية والقناة ووسائل الاعلام الأخرى التي ساندت داليا في الحملة الأولى".

في ما خص المرشحة جوزفين زغيب، فقد استعاد التقرير إعلان ترشّحها رسميا بتاريخ 18 كانون الثاني عبر صفحتها الرسمية على "فايسبوك"، ونال البوست 287 إعجاباً، 3 مشاركات (shares)، و112 تعليقاً ايجابياً من دون اي إساءة، لا بل هي تلقّت رسائل الدعم والتوفيق، مشيراً الى أنه "لم تتابع الصفحات الاخبارية على فايسبوك اعلان ترشيح جوزفين زغيب بشكل لافت وانما نشر عدد قليل من الصفحات المحلية في كسروان هذا الخبر في 18 كانون الثاني تاريخ الترشّح، وبعضها تضمن تعليقات سلبية".


التنمر: نماذج وحالات
وتوقف عند "التعليقات التي أظهرت على الصفحات العامة، وليس على صفحات المرشحة، انها تتعرّض للتنمّر بناء على الشكل وللتجاهل من باب التشكيك والازدراء وضعضعة الثقة بالنفس، علما انها عضو ناشط في المجلس البلدي، ومن المعروف ان متابعي الصفحات العامة ينتمون الى أحزاب وتوجّهات سياسية عدة وبالتالي لا يتابعون مرشحا بعينه، كما انهم يتنمّرون ولو بشكل فردي احيانا لابداء استهزائهم ومعارضتهم لمن لا ينتمون الى خطهم السياسي، لذلك فان احتمال التعرض للتنمّر او "الرد العنيف" هو اعلى نسبة على هذه الصفحات منها على الصفحات الخاصة في حال لم تكن المرشحة شخصية بارزة او شخصية جدلية لديها عدد كبير من المتابعين".

في حالة ناهدة الخليل في آذارالماضي، عرض التقرير إعلان ترشحها في 27 آذار 2022 ، وكتبت في صفحتها على "فايسبوك" عن تعرضها لحملة ضغط بسبب هوية ابنتها الجنسية المثلية بهدف اقصائها عن الانضمام الى لائحة "بيروت مدينتي" عن المقعد الشيعي، ما دفعها الى التذكير "بضرورة اعتماد معايير الشفافية والكفاءة. ثم ادلت بحديث جاء فيه: ”هيدي أنا وهيدي عيلتي وهيدا تاريخي… حاسبوني على برنامجي الانتخابي ووعودي…“.

وتوقف التقرير عند تعرض الخليل لعنف نفسي في محاولة لابتزازها وللضغط عليها في محاولة لوصمها من خلال القاء اللوم عليها بسبب مثلية ابنتها، وهو الامر الذي ما زال يعتبر من التابوات في الأوساط المحافظة، ما أدى الى محاولة المعنيين استبعادها خوفاً من ان يلحق ذلك اذى باللائحة من خلال حجب الأصوات عنها مقابل تضامن عدد من الناشطين معها. وبذلك تمكّنت بفضل حملة ضغط داخل صفوف المعارضة وعبر حملات إلكترونية من الاستمرار في التّرشح وإجبار من حاول إقصاءها على الاعتذار".

ولفت التقرير الى ان الخليل "لم تتراجع عن خوض المعركة الانتخابية وهي انضمت فعلا الى لائحة بيروت مدينتي"، مشيراً الى أن "استهداف ناهدة الخليل كناشطة من طائفة هي من الأكبر في لبنان لكنها شهدت اقل عدد من المرشحات يظهر ازدواجية المعايير بالنظر الى المرأة والرجل في السياسة، ما يبرز هذا التفاوت، إذ كيف تتعرض النساء للتمييز والوصم بينما يجد الرجل السياسي وعائلته من يمتدحهم حيث تذم المرأة وعائلتها؟".

ختاماً، تطرق التقرير الى دور منصة "المجتمع المدني النسوي في لبنان" التي تستضيفها UN Women هيئة الأمم المتحدة للمرأة، والمؤلّفة من 52 منظمة ومؤسسة تنشط لتعزيز حقوق النساء، والتي أطلقت لائحةً من 10 مطالب أساسية تشكّل خريطة طريق للنائبات والنواب المستقبليين لتنزيه القوانين من التمييز القائم على النوع الاجتماعي وتحقيق المساواة الجندرية. ومن ابرز المطالب: "الالتزام بعدم تضمين خطابات المرشحين والمرشحات أي تمييز ضد النساء أو تنميط أو إشارات ذكورية أو أبوية أو كارهة للنساء"، كمطلب أساسي، و"اعتماد قانون يحمي النساء من العنف السياسي، بما في ذلك أي إجراء يهدف إلى حرمان المرأة المشاركة في الأنشطة السياسية أو الحزبية أو التنظيمية".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار