الانتخابات طوت صفحتها وبدأت مرحلة ما بعدها: ميقاتي المؤهّل الأبرز لاستئناف إدارة ما بدأه | أخبار اليوم

الانتخابات طوت صفحتها وبدأت مرحلة ما بعدها: ميقاتي المؤهّل الأبرز لاستئناف إدارة ما بدأه

| الإثنين 16 مايو 2022

ما الذي ينتظر البلاد المثقلة بالحسرات والخيبات والانهيارات الاقتصادية والمالية المروّعة؟

"النهار"-ابراهيم بيرم

أما وقد انطوت مساء أمس صفحة الانتخابات النيابية التي فرضت نفسها على المشهد السياسي منذ أكثر من أربعة أشهر وطغت على كلّ ما عداها، فإن السؤال الملحّ ماذا بعد؟ وبمعنى أوضح ما الذي ينتظر البلاد المثقلة بالحسرات والخيبات والانهيارات الاقتصادية والمالية المروّعة؟

سؤال ربما غاب لبعض الوقت عن بعض الأذهان في زحمة الانشغال بالمنافسات وضوضاء المعارك السياسية التي احتدمت خلال الأسابيع المنصرمة بالغة ذروة غير مسبوقة في تقديرات البعض، الى درجة أن كلا المعسكرين السياسيين اللذين يتقاسمان الساحة، تعاملا معها على أساس أنها معركة وجود ويتوقف على ما ستفرزه من نتائج مصير البلاد موقعاً وهويّة.

لكن بعد إقفال أقلام الاقتراع أمس، وانطلاق عمليات الفرز، فإن السؤال نفسه عاد ليفرض نفسه كحقيقة لا يمكن الانفلات منها بعدما علت في الأيام والأسابيع التي سبقت الموعد المبدئي للانتخابات شعارات من نوع أن ثمة من يريد إحداث تغيير في هويّة لبنان وأن المهمة الأساس عندها منع هذا السعي بأي ثمن، وهؤلاء محسوبون على فريق 14 آذار مضافاً إليهم مجموعات وقوى أعلنت عن حضورها واقتحامها الحياة السياسية بعد انطلاق حراك 17 تشرين. وفي المقابل جاهر الآخرون وهم قوى 8 آذار بقيادة "حزب الله" مضافاً إليهم بطبيعة الحال "التيارالوطني الحر" الى قوى أخرى، بما مفاده أنهم عازمون على العبور الى أداء مختلف مغاير في الإدارة والحكم منطلقين ضمناً من قناعة فحواها أنهم حاصلون ولا ريب على أكثرية مريحة في البرلمان الوليد، وواقع الحال هذا أن تحقق يمنعهم من التهرب من مسؤوليات يفرضها هذا الإنجاز النوعي.

وسواء تحققت حسابات هذا الفريق المقيم على تفاؤل مفرط وثقة زائدة أو أن مروحة الخصوم المتحفزة التي تبدو في حال هجوم شرس حالت دون ذلك، وحسم الجدال بات مسألة ساعات ليس إلا، فإن السؤال الاستطرادي هل فعلاً سيكون في قدرة الفريق "السيادي" إزاحة خصومه من معادلة الفعل والتأثير كما هي واقع الحال، واستتباعه أو إلغاؤه وفق كل الشعارات التي رفعها هذا الفريق في الموسم الانتخابي؟ وهل سيجرؤ الفريق الآخر وفي مقدمه قطب الرحى فيه أي "حزب الله" على المضيّ قدماً بخطى ثابتة نحو ما تعهّد به السيد حسن نصرالله في 4 إطلالات إعلامية وهو "اقتحام" أكبر من ذي قبل للحكم والإدارة والسلطة من خلال تسمية رئيس للحكومة يقبل بالذهاب مثلاً الى تطبيق شعار التوجّه شرقاً وهي الدعوة التي طالما لهج بها اللسان الناطق في هذا الفريق وعدّها خشبة النجاة الحصرية من الأزمة الحالية ولا سيما إذا صحّت حساباته وأدخل الى المجلس الجديد أكثرية تواليه؟

كان البعض يفترض أن تكون الانتخابات محطة تضع حدّاً لكل حالات "الجموح والطموح" اللامتناهية التي طبعت سلوك كل الأفرقاء وجعلت فريقي النزاع يتعاملان مع معركة الانتخابات على أساس أنها أمّ المعارك وأنّه على نتائجها يعاد الاعتبار للبنان الكيان الذي تأسّس عمليا قبل قرن من الزمن (1920 ) بإرادة فرنسية، أو أن يأخذ المبشّرون بأداء جديد في الحكم والإدارة إن هم حصدوا الأكثرية كما يرجّحون، الى آفاق أخرى مغايرة، وأن يكون ذلك مقدّمة لارتداد "عقل الرحمن" الى الرؤوس الحامية. ولكن تدل كل الاشارات المحتشدة على أن الأفرقاء أنفسهم يهيّئون أنفسهم للمضيّ قدماً في خوض غمار المواجهات التي بدؤوها قبل فترة، فإلى أين وعلى أيّ برّ ستستقر الأمور والأوضاع المحتقنة؟

الراصدون بدقة لمسار المحطات التناحرية التي تكرّرت عشرات المرات بأشكال مختلفة وبأحجام متنوّعة، يميلون الى الاستنتاج أن الأمور آيلة الى صيغة تسووية في لحظة ما تدار فيها مقاليد الأمور بالتي هي أحسن خصوصاً أن ثمة من يفترض أن تكون محطة الانتخابات مناسبة ليفرغ الجميع شحنات الغضب والكراهية المخزونة لديه تجاه الآخر، ويتبدّى أمام ناظري الكلّ حقيقة حجمه التمثيلي ومساحة حضوره ويتيقن استطراداً من أنه ليس بمقدوره إلغاء الطرف الآخر واجتثاثه من المعادلة.

على هذا الأساس ثمة وجهة نظر تأخذ مكانها ومفادها أن رئيس الحكومة #نجيب ميقاتي سيكون حتماً رجل المرحلة المقبلة إذ من المرجّح أن يعاد تكليفه لاستيلاد حكومة جديدة أو تركه مع حكومته الحالية التي ستتحوّل حكماً بعد الانتخابات الى حكومة تصريف أعمال حتى موعد الانتخابات الرئاسية بعد أقل من 4 شهور وثمة من يتحدث عن دواعٍ عديدة لبقاء الرئيس ميقاتي أبرزها:

– أن الوقت محشور من الآن حتى الانتخابات الرئاسية، وهو ما يفرض بقاء الحكومة الحالية بعد إدخال تعديلات طفيفة عليها.

– طبيعة ما ستؤول إليه المعادلة السياسية في الساحة السنّية بعد الانتخابات من تشرذم متوقع خصوصاً مع تمسّك الرئيس سعد الحريري بدعوته الى الانكفاء والعزوف عن المشاركة في خوض غمار الانتخابات ترشيحاً أو تأييداً.

– أن الرئيس ميقاتي كان من أكثر الذين حافظوا على صورة ذات مقبولية في ساحته فلا هو انكفأ تماماً على غرار قرار الرئيس تمام سلام، ولا هو اقتحم المشهد كما فعل الرئيس فؤاد السنيورة على نحو فتح اشتباكاً مع الحريرية السياسية بعدما ألّف لائحة، ولا هو قطع مع الآخرين وفتح معهم خطوط تماس سياسية وتبنّى خطاباً عالي النبرة.

وبمعنى آخر، نجح ميقاتي في البقاء الى حدّ بعيد فوق كل التناقضات والحسابات الداخلية المتشابكة والمعقدة سواء على مستوى الساحة السنية أو على مستوى الساحة الوطنية فبدا المؤهل الوحيد لأداء دور جامع.

– المعلوم أيضاً أن ميقاتي خطا منذ توليه مقاليد الرئاسة الثالثة الخطوات الأولى في رحلة الألف ميل للبحث عن حلول للأزمة المالية والاقتصادي الموروثة. وقد خطا فعلاً خطوات مهمة في هذا المجال من خلال خطة التعافي وقبلها إقرار الموازنة العامة وبدء الحوار مع صندوق النقد، وعلى رغم أن ثمّة انتقادات لهذه المسيرة تبدو البدائل متعذّرة. وكل ذلك يملي تكليفه مجدّداً لاستئناف ما بدأه مع حكومته وهو ليس بالقليل.

ومقابل هذه التوقعات فإن ثمة وجهة مضادّة تقوم على أن رئيس الجمهورية ميشال عون عازم على تأليف حكومة جديدة في الأشهر الأخيرة من عهده ولكنّ دون ذلك أمرين: الأول عقبات موضوعية متنوعة والثاني أن المفترض أن يكون لـ"حزب الله " كلمة سرّ ورأي حاسم خصوصاً إذا تحققت التكهنات التي ترجّح أن يصل تعداد كتلة النواب السنة الحلفاء للحزب في المجلس النيابي الجديد إلى ما لا يقلّ عن عشرة نواب وربما أكثر وعندها ثمة واقع مختلف وحسابات مغايرة.

وفي كل الأحوال ينقل زوار الرئيس ميقاتي أن ثمة مرحلة ساخنة ستلي الانتخابات وأن الأوضاع ستكون ضبابية وملتبسة وأنه ما زال عند موقفه بأنه مستعدّ لاستكمال ما بدأه وحمل كرة النار التي حملها منذ أشهر ولكن من البديهي أن يكون عنده شروط سبق أن بيّنها في إطلالات متعددة.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار