بهدوء أيضاً: 7 أيّار على مين؟ | أخبار اليوم

بهدوء أيضاً: 7 أيّار على مين؟

| السبت 04 يونيو 2022

الخضوع لتهديدات الحزب زاد من هيمنته أكثر على قرار الدولة

د. فادي الأحمر - اساس ميديا
ما إن انتهت الانتخابات النيابيّة، وقبل أن ترتسم معالم المجلس الجديد، بدأ الحديث عن الحكومة العتيدة ، وتحديداً من قبل حزب الله.

بعد خطاب رئيس كتلته النيابيّة التهديديّ والتخوينيّ، على بعد ساعات من بدء صور نتائج الانتخابات، أطلّ السيد حسن نصرالله مرّتين في خطابين هادئين، في الشكل وتهديديّ في المضمون. دعا إلى تشكيل حكومة وفاق وطني، من سياسيّين بطبيعة الحال. ولاقاه في هذا الطرح رئيس التيار الوطني الحرّ، الذي قال: "باي باي حكومة اختصاصيّين". ثمّ بدأ التحذير من "حكومة تشبه حكومة 5 أيار". وهو تهديد واضح بـ"7 أيار" جديد.

فلماذا يحذّر الحزب مهدّداً؟

1- خسارته الأكثريّة النيابيّة في المجلس الجديد وخشيته من أن تسمّي الكتل الأخرى، إذا اتفقت، شخصيّة لا يرضى عنها، مثل نواف سلام الذي يُعاد طرح اسمه في ظلّ تسريبات عن عدم اعتراض ميشال عون عليه.

2- يريد الحزب أن يكون حاضراً بقوّة في الحكومة العتيدة التي ستتسلّم زمام الحكم إذا ما حصل فراغ رئاسي. ويبدو أنّ الحزب وحلفاءه يستعدّون لافتعاله للمرّة الثالثة.

3- سقوط حلفاء له في الانتخابات. وهؤلاء لهم رمزيّتهم الطائفيّة والجغرافيّة: طلال أرسلان عند الدروز في الجبل. وفيصل كرامي عند السُنّة في طرابلس. ولو أنّ حليفه التيار الوطني الحرّ حافظ على كتلة وازنة، فهو تراجع شعبياً في كلّ الدوائر المسيحيّة.

4- فشله في الحصول على كتلة وازنة من النوّاب السُنّة. فهو اعتقد أنّ خروج الحريري وتيّاره السياسي من السباق الانتخابي عبّد له الطريق لـ"اختطاف" عدد من النواب السُنّة. إلا أنّ ردّة فعل الطائفة وتصويت الشارع السنّيّ للتغيير خلط الأوراق. هذا إضافة إلى نجاح حراك بعض القيادات السنّيّة، ولو جزئيّاً، في استنهاض الشارع السنّيّ ضدّ الحزب.

5- إدراكه أنّ مرحلة ما بعد الانتخابات لن تكون كما قبلها. فالمواجهة له ولسلاحه وهيمنته على قرار الدولة عادت. ربّما أقوى. بعد 7 أيار 2008 اطمأنّ الحزب إلى سياسة ربط النزاع التي قادها التيار الأزرق. اليوم هذا التيار خارج الحلبة. والقوّات تقود المواجهة. وقد أعلنها سمير جعجع قبل الانتخابات وبعدها.

6- خشيته من موجة جديدة من الاحتجاجات الشعبيّة. في 17 تشرين 2019، اندلعت الاحتجاجات ردّاً على زيادة 6 سنتات على فاتورة الواتساب. في تموز المقبل سترتفع فاتورة كلّ الاتصالات أربعة أضعاف! والأزمة الاقتصادية والاجتماعية إلى مزيد من التفاقم. عدد الفقراء إلى ازدياد. والليرة إلى مزيد من التدهور مقابل الدولار. وقدرة المصرف المركزي على التدخّل تتراجع. و"بهلوانيّات" رياض سلامه المالية كادت تنفَد. وقوّة الدفع التي كانت لدى بعض المؤسّسات والأفراد للاستمرار في ظلّ الأزمة، انتهت. الاحتجاجات، إن اندلعت، ستكون أقوى وأكثر تنظيماً. وستجد لها قيادات أصبحت لها شرعيّة تمثيليّة وحصانات نيابيّة.

7- إقليمياً، مراوحة المفاوضات بشأن الاتفاق النووي الإيرانيّ تُقلق الحزب. فقد نجحت المملكة العربية السعودية، من خلال موقفها من الحرب في أوكرانيا، وتمسّكها باتفاق "أوبك بلاس"، ورفضها زيادة إنتاجها من النفط لخفض أسعاره وللمساعدة في الاستغناء عن النفط الروسي، في فرملة اندفاعة الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبيّة لتوقيع الاتفاق. فهذه كانت تريد رفع العقوبات عن إيران تمهيداً لعودتها إلى إنتاج الغاز وتمكين أوروبا من الاستغناء تدريجيّاً عن الغاز الروسي.

7 أيّار على من؟

يهدّد حزب الله. هذه طريقته وأسلوبه في التعاطي السياسي وهذا شأنه. المطلوب عدم الخضوع لتهديداته. الخضوع لها زاد من هيمنته أكثر على قرار الدولة، وانهيار النظام، وتعرّض الكيان اللبناني للانهيار. سياسة ربط النزاع لم تردعه عن الذهاب بعيداً في حروبه في المنطقة التي أدّت إلى عزل البلاد عن المجتمعَيْن العربي والدولي.

نؤيّد قول الشيخ نعيم قاسم إنّ "المرحلة تتطلّب الواقعية على صعيد مقاربة كلّ الملفّات والتعاون مع جميع القوى". انطلاقاً من هذه الواقعيّة لا أحد يدعو إلى حكومة مواجهة لحزب الله. إنّما تكون الدعوة إلى حكومة تواجه الأزمة وتحمي لبنان والمواطن في لبنان وليس "المقاومة". حكومة إنقاذ من الانهيار ومن الفساد، حكومة تعيد انفتاح لبنان على المجتمعَيْن العربيّ والدوليّ.

واقعياً أيضاً، حكومة الوفاق الوطني، التي يدعو إليها السيّد نصرالله، لن تكون حكومة إنقاذ الوطن. إنّما ستكون حكومة نفاق على الوطن والمواطن. هذا النوع من الحكومات هو الذي أوصل البلاد إلى الانهيار. أمّا حكومة الأكثريّة، على الرغم من أحقّيّة طرحها في نظام ديمقراطي، غير ممكنة في واقع البلاد الحالي. لذلك يجب أن تتعاون كلّ القوى لتشكيل حكومة اختصاصيين ليس على شاكلة الاختصاصيين التابعين في الحكومتين السابقتين. وبطبيعة الحال حكومة لا ثلث معطِّل فيها. فاتّفاق الدوحة ليس دستوراً. كان اتّفاقاً ظرفياً حصل تحت ضغط غزوة 7 أيار والاغتيالات التي سبقتها وتبعتها. في الانتخابات قال الشعب كلمته: لا لـ7 أيار. ولا خوف من الاغتيالات التي استذكرنا بالأمس أحد شهدائها سمير قصير. كما صوّت ضدّ الحكومات المعطَّلة والمعطِّلة. فالتعطيل أدّى إلى اغتيال البلاد واغتيال المواطن فيه.

أما بعد، فعلى وزن قول سمير قصير، وأمس الأوّل كانت الذكرى السنوية لاغتياله: "عسكر على مين؟"، نقول للحزب: "7 أيّار على من؟". العسكر لن يغيّر إرادة الناس، وعلى الحزب أن يحترم إرادة الناخبين.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار