أضرار طنين المسيّرات المترتّبة على لبنان | أخبار اليوم

أضرار طنين المسيّرات المترتّبة على لبنان

| الجمعة 08 يوليو 2022

"النهار"- مجد بو مجاهد

إذا كان واضحاً الارتباط بين خطوة إطلاق "حزب الله" للطائرات المسيّرة باتجاه حقل "كاريش" والمعطى الاقليميّ المتعلّق بأجواء تصعيدية تتخذها ايران في مفاوضاتها، فإن المقاربة التي يحرص مراقبون علميّون محليّون على قراءتها تتمثل في النتائج المترتّبة عن طنين المسيّرات وكيفية تلقّفها من الجهة الاسرائيلية. وإلى ماذا يمكن أن تؤدي الذبذبة الجويّة الحاضرة على غفلة في زمن المفاوضات الهادفة للوصول الى حلول في الترسيم البحريّ؟ ويتظهر في قراءة المواكبين اللبنانيين لما يصدر من مواقف ومعطيات عن الجانب الإسرائيلي صحافةً ومسؤولين، أنّ أصوات "الدرونز" الطائرة لم تعكس هديلاً لمصلحة لبنان وترسيمة حدوده البحرية. ويتظهّر أنها تحمل معها صَفير ضرر لا يساعد لبنان على استخراج الغاز. فأي مؤشرات من شأنها أن تفسّر حصيلة الأضرار المترتبة جرّاء المسيرات؟

أولاً، اعتبر الاسرائيليون أنّ المسيّرات تشكّل رسالة ضغط بالنسبة لهم، ولن يعمدوا إلى إجراء محادثات مع لبنان تحت التهديد. وبذلك، أنتج استخدام المسيّرات ردّ فعلٍ عكسيّ إنذاريّ بإيقاف المحادثات مع لبنان إذا استمرت استفزازات "حزب الله".

ثانياً، أكّدت المقاربة الاسرائيلية على أن تل أبيب ستردع وتردّ على كلّ ما ترى فيه نوعاً من الاعتداء على سيادتها، بما يعني امكان أي توتر أن ينعكس سلباً على استقطاب لبنان للشركات الأجنبية بطلب إعداد دراسات جيولوجية. وترفض الشركات التوجّه إلى منطقة شاهدة على خلافات ونزاعات غير محسومة.

ثالثاً، تعتزم اسرائيل المباشرة باستخدام النفط بدءاً من أيلول المقبل، بما يجعل منها متقدّمة جداً على لبنان الذي لا يزال متأخراً سنوات في التنقيب. وسيباشر الاسرائيليون استخراج النفط في التاريخ الذي حدّدوه انطلاقاً من بداية أيلول، وقد اتخذوا كلّ الاستعدادات العسكرية للدفاع عن حقل "كاريش" بما يشمل منطقة عازلة وأسلحة متطورة تضم غواصات تحت الأرض وطيراناً جويّاً وسفناً حربيّة. وتتحدّث اسرائيل عن طرق الكترونية جديدة ستتبعها لمحاربة المسيّرات الجوية من دون حاجة إلى استخدامها صواريخ أو طائرات. وتعكس المواقف اتخاذ اسرائيل كلّ الاستعدادات العسكرية بمواجهة أي تصعيد محتمل، مع إدراكها احتمال تعرّض أرصدة الغاز لمضايقات ما ساهم بتفعيل جهوزيتها الكاملة لأي طارئ.

رابعاً، أيقظت المسيرات الملاحظات الاسرائيلية المعبّر عنها في الصحافة حيال ازدياد قوة "حزب الله" العسكرية، بما أعاد طرحها مسألة نقاط المراقبة على طول الحدود البرية اللبنانية في إطار جمعية "أخضر بلا حدود" البيئية الطابع، التي تعتبرها اسرائيل "أكذوبة" تغطّي مواقع "حزب الله" قرب الحدود بما يشكّل وفق المقاربة الاسرائيلية انتهاكاً للقرار 1701.

ماذا في حسابات نقاط بعد اطلاق المسيرات؟ تشير الباحثة في الشؤون الاسرائيلية في مؤسسة الدراسات الفلسطينية رندة حيدر لـ"النهار" إلى أن "إطلاق المسيّرات يشكّل عملية عرض قوّة لا نتائج لها على الأرض سوى التفاخر الاسرائيلي بالتصدي لها وإسقاطها بما أكسب تل أبيب مجموعة نقاط. ويدرك الاسرائيليون أن سلاحاً جديداً دخل المعركة والمواجهة مع "حزب الله" في ساحة نزاع جديدة متمثلة بمنصات الغاز. وفي المقابل، كسب "حزب الله" نقطة أنه استطاع القيام بعملية استعراضية للقوّة على الرغم من ظروف الانهيار في لبنان". وتقرأ أن "موضوع ترسيم الحدود البحرية في لبنان هو في يد "حزب الله"، وأي كلام آخر نفاق، باعتبار أن الحاكم المطلق الذي يستطيع إملاء السياسة التي يريدها في لبنان هو السيد حسن نصرالله. ولا تُعتبر اعتبارات "حزب الله" في ادارة ملف مفاوضات ترسيم الحدود لبنانية صرفة أو اقتصادية صرفة، بل تمتزج بالسياسة الاقليمية ونوع الصراع بين اسرائيل وايران وموازين القوى في المنطقة والمشروع الايراني الذي يريد أن يصير قوة اقليمية. وهي اعتبارات متعدّدة ومختلفة ومتشابكة وواسعة. أما مشروع لبنان الدولة ذات المقومات الضعيفة، فيتمثل فحَسْب باستخراج الغاز من حقل قانا وحلّ نزاع الحدود البحرية". وتلفت حيدر إلى أن "الغرب يحاول الوصول إلى حلّ لأن الترسيم البحري له طابعه الاقتصادي الخالص. ومن جهتها، تريد اسرائيل الوصول إلى الترسيم البحري. أما ربط التنقيب عن الغاز لبنانياً بملفات سياسية إقليمية الطابع، فهي مسألة تضرب آخر ما يمكن أن ينقذ لبنان من واقع الجحيم الذي يعيشه".

وفي الأضرار التي تعكسها المسيرات على صورة الدولة اللبنانية خلال مرحلة المفاوضات، يعتبر الخبير العسكري البروفيسور أمين صليبا أنها "تؤشر الى مزيد من الاضمحلال لوجود دولة مفاوضة، وسط تساؤلات فعلية حول ما إذا كان هناك دولة فعلية موجودة تفاوض وتقف على رجليها. وتؤدي خطوة المسيّرات إلى مزيد من التأزيم الداخلي لأنها يمكن أن تؤثّر على أي تفاهمات داخلية للوصول إلى مقاربة واحدة أو حكومة قادرة، وتحوّل المسألة إلى شراء وقت بانتظار تحوّل كبير في المنطقة". ويقول صليبا لـ"النهار" إنّ "خطوة إرسال المسيرات مرتبطة بالوضع العام الاقليمي، انطلاقاً من مفاوضات الاتفاق النووي إلى التحوّلات التي بدأت تشهدها البلاد المجاورة. وهي حركة لها خلفياتها المستمدة من اللعب على الوقت بإيعاز ايراني، باعتبار أن "حزب الله" لا يتصرّف في المسائل الاستراتيجية التي تتخطى الخطوط الحمر من تلقائه. ويعني ذلك أن قرار ارسال المسيرات ليس داخلياً". ويرجّح أن "تُدخل المسيرات لبنان في مزيد من الستاتيكو القائم على مقولة لا تفجير ولا حلول، بما ينعكس بشكل أكثر سوءاً على الوضع الداخلي والاقتصادي".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار