لبنان أمام حكومة أم رئيس أم فراغ شامل وقاتل؟ | أخبار اليوم

لبنان أمام حكومة أم رئيس أم فراغ شامل وقاتل؟

| السبت 13 أغسطس 2022

هل يدعو بري الى جلسة انتخاب في الأيام العشرة الأولى من المهلة الدستورية؟


 "النهار"- سركيس نعوم

قبل شهر من الآن تقريباً كان "حزب الله" يميل الى الاعتقاد بأن الرئيس المكلف تأليف الحكومة نجيب ميقاتي لن ينجح في تنفيذ مهمّته من جرّاء الإشكالات والالتباسات الكثيرة القائمة بنيه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون التي عبّر ويعبّر عنها رئيس "التيار الوطني الحر" الذي أسّسه صهره النائب جبران باسيل سواء مباشرة أو بواسطة نوّابه و"مفاتيح" حزبه. يبدو واضحاً من متابعة مواقف هؤلاء أنهم صاروا محترفين في الهجوم الحادّ على أخصامهم وأعدائهم وحتى حلفائهم إذا اقتضت الضرورة.

علماً بأن كلامهم لم يعد مقنعاً للمستهدفين به ولا للرأي العام اللبناني، الأمر نفسه على كلام أخصامهم والأعداء المنتمين الى أكثر من دين وطائفة ومذهب في البلاد. لهذا السبب كان قياديو "الحزب" يلمّحون للمتابعين اللبنانيين لتحرّكهم من قرب إلى أن الوقت قصير، وأن ميقاتي لن يؤلّف حكومة ترضي "العهد ووليّ العهد" وحاشيته الرئاسية من قصر بعبدا لأنه سيخسر بذلك تأييد السنّة وهم "شعبه"، كما سيخسر أخصام "التيّار" وأعداؤه عند الشعوب الأخرى رغم أن هؤلاء لم يسلّفوه الكثير، ولا سيما يوم الاستشارات النيابية المُلزمة التي أجراها رئيس البلاد لتكليف شخصية تأليف الحكومة الجديدة. انطلاقاً من ذلك كانوا يقولون إن استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية هو أكثر أهمّية في المرحلة الراهنة من تأليف حكومة سوف تصبح حكومة تصريف أعمال بعد انتخاب رئيس جديد للبلاد خلال مهلة دستورية مدتها شهران وتنتهي مع انتهاء ولاية عون في 31 تشرين الأول المقبل. بدأ هؤلاء التركيز على الاستحقاق المذكور.

لكن المفاجأة التي حصلت بعد ذلك هي أن "الحزب" غيّر رأيه على ما سمع اللبنانيون من أمينه العام السيد حسن نصرالله في آخر ظهوراته الإعلامية لمناسبة ذكرى عاشوراء، إذ دعا الى الإسراع في تأليف حكومة فاعلة تمارس صلاحيات رئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولاية شاغلها الحالي "الجنرال" عون.

اعتبر اللبنانيون من سياسيين ومواطنين عاديين أن الموقف الجديد هذا يعكس تخوّف "الحزب" من إخفاق مجلس النواب بانقساماته الحالية وبغياب أي كتلة برلمانية تضمّ غالبية مريحة لمجلس النواب، أو يعكس ربما معلوماته عن مرحلة أمنية صعبة سيمرّ بها لبنان في الأشهر القليلة المقبلة من جرّاء الفقر والعوز والذلّ والانهيارات الاقتصادية والنقدية، كما يعكس في الوقت نفسه اعتقاداً يستند الى متابعة دقيقة للمنطقة والعالم اقتناعاً منه بأن جولة عسكرية مهمّة وخطيرة وإن غير شاملة المنطقة على الأرجح سيكون لبنان مسرحها براً وبحراً وربما سيكون "حزب الله" وإسرائيل بطليها. طبعاً قد يعتبر البعض في لبنان والخارج أن الجولة المشار إليها ترتبط الى حدّ كبير بالاتفاق النووي الإيراني بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية الإيرانية اللتين تحاولان إحياءه بجهود الموقّعين عليه عام 2015، وهم الى هاتين الدولتين روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي. فإذا وقّعتا إحياءه بعد المفاوضات الأخيرة في فيينا تجنّبان لبنان حرباً جديدة مع إسرائيل. وإذا أخفقتا في ذلك تدفعانه إليها سواء برغبة منهما أو من دونها. لكن عدداً من الباحثين الأجانب لا يميلون الى هذه النظرية، إذ إن ما في حوزتهم من معلومات يشير الى أن الحرب المذكورة أعلاه ستقع أو قد تقع سواء وُقّع الاتفاق "الإحياء" أو لم يُوقّع.

انطلاقاً من ذلك يرى "حزب الله" حالياً أن الأكثر أهمية وإلحاحاً هو تأليف حكومة قادرة بتمثيلها "الشامل" على الأرجح أو بعدد المشاركين فيها وقدرتهم على ملء فراغ الرئاسة تنفيذاً لأحكام الدستور ولكن بطريقة هادئة ومسؤولة، علماً بأن الهدوء والمسؤولية لم يرهما اللبنانيون من زمان عند غالبية الأطراف السياسيين الذين يمثلونهم.

ما مدى دقة المعلومات والمعطيات المذكورة أعلاه؟ دقتها كبيرة، يجيب المتابعون اللبنانيون من قرب لحركة "حزب الله" واستطراداً راعيته ومؤسّسته وحليفته إيران الإسلامية. وقد سمع متعاطون قليلون وإن موثوقين من "حزب الله" في الآونة الأخيرة موقفين واضحين وصريحين. الأول "أن حكومة جديدة ما في". عكس ذلك اقتناعاً نتيجة درس الأوضاع الراهنة أكثر ممّا عكس قراراً حزبياً فوقياً. والثاني ضرورة بذل الجهود لانتخاب رئيس مع بدء تضاؤل أمل النجاح في ذلك.

وما سيحصل في هذه الحال لا يبدو أن أحداً من الأطراف اللبنانيين يعرفه. فالتخمينات كثيرة وغالبيتها تنطلق من هوىً وميل أكثر ممّا تنطلق من حرص على مصلحة البلاد والعباد. ما يعكس هذا الجوّ غير اليقيني هو الأسئلة التي تُطرح يومياً خلف الكواليس في الاجتماعات النيابية والحزبية والفئوية أبرزها: إذا بقي لبنان من دون رئيس وذلك ممكن وربما مرجّح فماذا يحصل؟ هل يبقى عون الرئيس المنتهية ولايته في قصر بعبدا وبأيّ حجّة؟ هل تكون الحجّة دستورية مثل ضرورة استمرار المرفق العام كأمر واقع؟ هل يقبل "حزب الله" هذا الأمر؟

هل يدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة انتخاب رئيس جمهورية في الأيام العشرة الأولى من المهلة الدستورية كما تردّد في مجالسه قبل أسبوعين أو أكثر؟ أم يؤخّر ذلك الى ما قبل الأيام العشرة الأخيرة من المهلة الدستورية للانتخاب التي تنصّ على اجتماع المجلس من دون الحاجة الى دعوة من رئيسه؟ أم لا يدعو على الإطلاق بعد الأيام العشرة المذكورة الى جلسة ثم يسير مجلس النواب بكل كتله وأحزابه وطوائفه ومذاهبه نحو مرحلة فراغ رئاسي يرفضها رسمياً في العلن كثيرون ويعمل لها في السرّ كثيرون أيضاً؟

هل يبرّر قيام إسرائيل باعتداء عسكري على لبنان في المرحلة المذكورة إحجام حكّام البلاد ومؤسّساتهم الدستورية وأحزابهم الطائفية و... تأخير ملء الفراغ الرئاسي في انتظار نتائجها ونتائج المداخلات العربية والإقليمية والدولية؟ الأسئلة هذه غيض من فيض لكن البحث عن أجوبة نهائية عنها وحاسمة لا يزال صعباً ومستبعداً.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار