تهيّب المسؤولية وتسريب رسالة ميقاتي أطاحا الدولار الجمركي | أخبار اليوم

تهيّب المسؤولية وتسريب رسالة ميقاتي أطاحا الدولار الجمركي

| الإثنين 22 أغسطس 2022

تهيّب المسؤولية وتسريب رسالة ميقاتي أطاحا الدولار الجمركي
 تسليم الجميع بأن الابقاء على سعر الـ1500 ل. ل للدولار الجمركي لم يعد واقعياً

"النهار"- عباس صباغ

بدا اقتراح رفع الرسوم الضريبية على البضائع المستوردة أو ما بات يُعرف بالدولار الجمركي يتيماً ومنبوذاً من معظم الاطراف السياسيين، وسارع اكثر من مسؤول رفيع إما الى اعتماد سياسة النأي بالنفس، وإما الى نفض يديه مما كان سيرتكب بحق فئة وازنة من الشعب اللبناني. فما الذي اطاح القرار وإن موقتاً وهل ثمة مَن أخلّ بالاتفاق؟

حكاية رفض رفع الدولار الجمركي بدأت عندما رد الرئيس ميشال عون قبل نحو اسبوعين مرسوم زيادة الدولار الجمركي واعاده الى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ووزير المال يوسف الخليل، وعلل رئيس الجمهورية رفضه التوقيع بأسباب عدة، ابرزها الاثر السلبي على شريحة واسعة من اللبنانيين. ولكن من ابرز اسباب الرفض كان الاعتراض على "رفع الرسم فوراً بنسبة عالية، في ظل عدم وضوح نتائجه الإيجابيّة على الخزينة من جهة، والتثبّت من نتائجه الكارثيّة على عائلاتٍ كثيرة ستُحرم من مواد كثيرة سيشملها المرسوم المُعَدّ، ما سيزيد من الفوارق الاجتماعية بين اللبنانيين (...)".

السبب الآنف الذكر يتطابق الى حد كبير مع ما قاله الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الجمعة الفائت، والذي اعلن صراحة رفض الحزب لرفع الدولار الجمركي بهذه الطريقة ودفعة واحدة.

حكومة تصريف الاعمال الحالية لم تجتمع لاقرار رفع الدولار الجمركي، وبالتالي بات المرسوم الذي يتيح ذلك بحاجة الى تواقيع عون وميقاتي ووزير المال، وبمعنى اوضح يحتاج الى موافقة رئيس المجلس نبيه بري، وهذا ما دفع رئيس الحكومة الى زيارة عين التينة بعدما رد عون المرسوم، ويبدو ان اتفاقاً قد تم التوصل اليه في تلك الزيارة ومن ثم كانت رسالة ميقاتي الى وزير المال. فتوقيت ارسال الرسالة كان مدروساً وجاء بعد اجتماع وزاري في السرايا الحكومية ومن ثم تأكيد موافقة جميع الوزراء على رفع الدولار الجمركي الى 20 الفاً، ما اعطى غطاء لميقاتي الذي اعد كتاباً في اليوم التالي وارسله الى وزارة المال.

لكن المفاجأة كانت عندما تم تسريب خبر ارسال الكتاب، وحتى اللحظة لم يُعرف من تعمد التسريب وما الهدف من وراء ذلك. لكن الامور لم تتوقف عند هذا الحد وانما جاءت المفاجأة الثانية بإضافة عبارة "بناء على اقتراح وزير المال ...".

ويُفهم من ذلك ان العبارة المقصودة كانت تتدرج في اتجاه التحلل من المسؤولية عن قرار كارثي، وكذلك توجيه الانظار الى صاحب الاقتراح ومن خلفه رئيس المجلس.

بيد ان تهيّب معظم المسؤولين من تحمّل تبعات مثل تلك الخطوة دفع في اتجاه التشاطر على الطريقة اللبنانية من خلال غسل كل مسؤول يديه من اوزار قرار غير شعبي وإن كان سيستثني ¬- ربما نظرياً - الكثير من السلع، ووصلت الامور الى حد لم يعد يجرؤ احد على حمل تلك التداعيات، وعندها تفرملت الاندفاعة الحكومية في اتجاه رفع الدولار الجمركي.

لكن عدم اقرار الدولار الجمركي سيؤدي حكماً الى زيادة العجز في الموازنة وبالتالي ارتفاع النفقات على حساب الايرادات، وهذا العجز الذي سينتج عن زيادة وصرف رواتب ومستحقات الموظفين او غيرهم، لا يمكن تغطيته.

في موازاة ذلك، تنتظر لجنة المال والموازنة هذا الاسبوع لترسل الحكومة نصوصاً واضحة بشأن الواردات والنفقات مع تسجيل عجز سيفوق بكثير العجز الحالي، وعندئذ امام الحكومة خياران: اما ترك الامور على حالها وليتحمل من عارض توجه ميقاتي النتائج ، وبمعنى آخر عدم تغيير الارقام وبالتالي انتظار الاحتجاجات والتحركات من الموظفين والمتقاعدين، واما احتساب الواردات وفق سعر دولار جمركي بـ20 الفاً، وعندها ايضاً ستكون هناك اعتراضات وربما تحركات للتراجع عن القرار، وفي الحالتين ستكون الحكومة بشخص رئيسها هي المستهدفة.

وعُلم ان ميقاتي الذي يحسن التقاط الفرص سيعيد النظر في قراره من خلال تنظيم المواد والسلع التي ستخضع للدولار الجمركي وان كانت وصلته اعتراضات عالية السقف من مكونات في الحكومة سارعت الى توضيح وجهة نظرها ولا سيما بالنسبة الى اتفاق الوزراء في اجتماع السرايا الاخير على رفع الدولار الجمركي، ومن بين هؤلاء وزير العمل مصطفى بيرم، ومن ثم جاء موقف رافض من عضو لجنة المال والموازنة النائب حسن فضل الله ليتاكد الرفض على لسان السيد حسن نصرالله، ما جعل ميقاتي في وضع حرج ربما يدفعه الى ادارة الظهر وإن مرحلياً لرفع الدولار الجمركي وما سيستتبع ذلك من نسف لارقام الموازنة والاصلاحات التي يطلبها صندوق النقد الدولي.

ويشار الى ان"حزب الله" ليس وحده من يرفض الرفع غير المتدرج لسعر الدولار الجمركي، فهناك كتل نيابية كثيرة ترفض الزيادة وهي على طرف نقيض مع الحزب، مع تسليم الجميع بأن الابقاء على سعر الـ1500 ل. ل للدولار الجمركي لم يعد واقعياً، وان الرقم الذي يمكن اللجوء اليه في المرحلة الاولى يبدأ من 8000 ليرة ويتصاعد تدريجا وعلى مراحل ليصل الى الحد المقبول حكومياً والمرفوض شعبياً، خصوصاً في ظل عجز الهيئات الرقابية عن مكافحة شجع بعض التجار الذين سيستغلون الامر لتحقيق مزيد من الارباح على حساب المستهلك الصامت على اوجاعه.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار